باكستان: استسلام مئات الإسلاميين واعتقال المسؤول عن المسجد الأحمر

فرض حظر التجول وقطع الكهرباء والإغراء بالمال والعفو لتسوية القضية

TT

دخلت أحداث العنف حول المسجد الأحمر في إسلام باد منعطفاً جديداً بعد أن أعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرف عن مكافأة قدرها خمسة آلاف روبية (83 دولارا) ستقدم الى كل شخص يخرج طوعا من المسجد.

كما أعلن أمس ضابط مسؤول في قوات الامن الباكستانية اعتقال عبد العزيز المسؤول عن المسجد الأحمر أمس اثناء محاولته الفرار من المسجد الذي تطوقه قوات الأمن متخفيا في زي امرأة منقبة، وقد اعتقل بينما كان يسير وسط مجموعة من النساء يرتدين جميعا البرقع. إلى ذلك قال سكرتير الاعلام انور محمود لوكالة الصحافة الفرنسية، ان اكثر من ستمائة شخص خرجوا حتى الآن ونتوقع ان يلحق بهم آخرون، فيما لا يزال ألف على الأقل من المتشددين بداخل المسجد، وبحسب مسؤول أمني فإن الموجودين بالداخل نصفهم من النساء ويبدو أنهم غير مستعدين للاستسلام.

وكانت السلطات الباكستانية أعطت مهلة للمسؤولين الإسلاميين عن المسجد لتسليم انفسهم، ثم مددتها لإفساح المجال للتفاوض. وفي وقت سابق فرضت الحكومة حظر التجول في محيط المسجد الذي يحاصره مئات من القوات شبه العسكرية والشرطة والجيش مدعومة بالآليات المصفحة وحذرت من انها ستفتح النار على أي شخص مسلح، وصرح مصدر أمني ان المسؤولين الدينيين كانوا يمنعون الطالبات من مغادرة المسجد ليتمكنوا من استخدامهن كدروع بشرية.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية جافيد شيما «إننا نمدد بشكل متواصل الموعد النهائي للاستسلام.. وسلم أكثر من 600 طالب من الذكور والإناث أنفسهم إلى السلطات حتى الآن، ولقد أرسلنا نحو 25 حافلة لتقلهم من المنطقة».

كما صرح وزير الدولة للإعلام، طارق عظيم، للصحافيين قائلاً «لا نرغب في سفك الدماء.. إننا نرغب في تسوية القضية سلميا». وأضاف «لقد اتصل عشرات الطلاب الراغبين في الاستسلام بنا».

على صعيد آخر عرض رجل الدين المتشدد في المسجد الاستسلام المشروط، وقال نائب مدير المسجد عبد الراشد غازي لقناة «جيو» الإخبارية التلفزيونية «نحن مستعدون لإلقاء السلاح ان حصلنا على ضمانات مكتوبة بأنهم لن يهاجموننا ولن يطلقوا اي عملية ضدنا، وأضاف «يقولون انه يتوجب علينا ألا نتحدث عن الشريعة الإسلامية ونحن متحفظون حيال هذه النقطة وقلنا للطلبة بألا يفتحوا النار وهم لا يطلقون النار بل نحن في موقع الدفاع عن النفس».

ونفى عبد الرشيد غازي وجود انتحاريين داخل المسجد، لكنه أكد ان الطلبة المتحصنين في المسجد لديهم ما يكفي من المؤن للصمود «طويلا الى ما شاء الله».

وأوضح انه لم يتحدث الى السلطات بل أجرى محادثات مع زعيم المعارضة المؤيد لطالبان بغية السعي الى حل الأزمة.

وكانت التوترات قد تصاعدت بعدما تحركت الشرطة وقوات الأمن لتطويق مسجد «لال» حيث يتحصن مئات الطلاب، وأطلقت الشرطة أول من امس باستخدام ناقلة أفراد مدرعة عدة قذائف للغازات المسيلة للدموع على المسجد والمعهد التابع له، وقد تبادل طلبة يضعون اقنعة واقية من الغاز ويتسلحون بكلاشنيكوفات اطلاق النار مع القوات الحكومية خلال اكثر من اربع ساعات، مما أسفر عن سقوط 21 قتيلا على الأقل بينهم جنديان وأصيب أكثر من 200 آخرين.

وقد دفعت القوات الباكستانية الى المنطقة، التي تقع على بعد كيلومترين فقط من مقر البرلمان الباكستاني كما تتجمع فيها السفارات الاجنبية، بما يصل الى 12 عربة مدرعة حاملة للجنود مزودة بأسلحة آلية، في الوقت الذي خفت فيه حدة القتال خلال الليل.

وقال ظفر اقبال وارايتش، نائب وزير الداخلية الباكستاني، في مؤتمر صحافي أمس ان تحذيرات ستوجه على الفور عبر مكبرات الصوت الي الطلاب المتحصنين داخل المسجد لإلقاء أسلحتهم والاستسلام، وأضاف انه لن يتخذ اجراء ضد اولئك الذين سيفعلون ذلك لكن قوات الأمن ستطلق النار على كل من يحاول القتال، وكانت السلطات قد قطعت الكهرباء عن المنطقة وطوقتها وسدت الشوارع المؤدية اليها ومنعت الصحافيين من دخولها.

ويتعرض الرئيس مشرف الذي يعد حليفا له وزنه للولايات المتحدة في «حربها على الارهاب» لضغوط متزايدة داخل البلاد وخارجها من اجل السيطرة على الراديكاليين في المسجد الأحمر، الذي أصبح مقرا لحركة طلابية متشددة على غرار حركة طالبان الأفغانية تطالب بتطبيق صارم لأحكام الشريعة الاسلامية. وتأتي اعمال العنف هذه بعد اشهر من التوتر في المسجد الأحمر الذي تحدى مسؤولوه الراديكاليون سلطة الرئيس الباكستاني بخطفهم عددا من المدنيين الصينيين والباكستانيين أثناء حملة للنهي عن المنكر في 23 يونيو(حزيران) الماضي.

وقد وضع نحو عشرين عنصرا امنيا في محيط المسجد منذ يناير(كانون الثاني) الماضي بعد هجوم شنه الطلبة على مكتبة عامة للأطفال.

لكن التوتر تصاعد فجأة أول من أمس لدوافع يُحمِّل كل طرف الآخر مسؤوليتها. على صعيد آخر أفاد مسؤولون أمنيون بأن 11 شخصا قتلوا، بينهم ستة جنود باكستانيين، في هجوم انتحاري نفذ بواسطة سيارة مفخخة استهدف قافلة عسكرية قرب حاجز امني في مير علي بمنطقة شمال وزيرستان المتاخمة للحدود مع أفغانستان حيث يلجأ متمردو طالبان.