ساركوزي يريد إطلاق مبادرة سلام في الشرق الأوسط ويتريث لإنضاجها

أجرى مباحثات مع العاهل الأردني وليفني وشدد على دعم عباس

TT

احتل الموضوع الفلسطيني ـ الإسرائيلي المقام الول في المباحثات واللقاءات التي جرت في باريس أمس في ظل مؤشرات متزايدة تدل على رغبة فرنسية في إنضاج «مبادرة ما» لتحريك الوضع في الشرق الأوسط ودفع الفلسطينيين والإسرائيليين مجددا الى طاولة المفاوضات.

وتقاسم القصر الرئاسي ووزارة الخارجية العمل الدبلوماسي حيث استقبل ساركوزي ظهرا العاهل الأردني عبد الله الثاني واستضافه الى طاولته لجولة من المباحثات تركزت على الموضوع الفسطيني وعرجت على الملفات الإقليمية مثل الملف اللبناني ـ السوري و إيران فضلا عن العلاقات الثنائية التي كان جديدها حديث الجانبين عن إمكانية التعاون في المجال النووي المدني لتوليد الطاقة الكهربائية. وبعد الظهر استقبل ساركوزي وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني التي اجتمعت قبل ذلك بوزير الخارجية برنار كوشنير، وصباحا بنظيرها المغربي محمد بن عيسى في احد الفنادق الباريسية. وكان الرئيس الفرنسي تشاور هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ليل الثلاثاء تمهيدا للقاءات أمس من أجل تبادل الأفكار معه.

والرسالة التي أوصلها ساركوزي وكوشنير ألى الملك عبد الله الثاني والى الجانب الإسرائيلي عبر تسيبي ليفني تتشكل من قسمين: الأول، أنه من الضروري التحرك الآن ومساعدة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يعرف وضعا صعبا بمواجهة حركة حماس. والقسم الثاني أن الوضع مناسب اليوم لإعادة إطلاق مفاوضات السلام. وقال كوشنير، في مؤتمر صحافي مشترك مع ليفني عقب اجتماعهما في قصر الخارجية أن «الفرصة تاريخية» من أجل العودة الى طاولة المفاوضات. وإزاء وضع الداخل الفلسطيني الذي تراه باريس «بالغ الخطورة» بعد سيطرة حماس على غزة وانحسار السلطة الفلسطينية الى الضفة الغربية، تريد فرنسا التحرك ولديها افكار وتصورات لا بل مبادرة ما. غير أنها لا تريد في الوقت الراهن الكشف عنها مخافة حرقها وبانتظار إنضاجها.

ولم يدل العاهل الأردني بأي تصريح للصحافة في زيارته القصيرة لباريس التي لم تستغرق سوى عدة ساعات رافقه فيها وزير الخارجية عبد الإله الخطيب. واللافت أن القصر الرئاسي كان أعلن منذ الأسبوع الماضي عن مؤتمر صحافي مشترك للرئيس ساركوزي و للعاهل الأردني. ولكن قبيل الظهر قال الاليزيه استعيض عن المؤتمر الصحافي ببيان مشترك. لكن البيان ألغي ولم يصدر شيء عن الإليزيه باستثناء ما نقله الناطق الرئاسي دافيد مارتينون. ولم يقدم لا الجانب الأردني ولا الجانب الفرنسي أي تفسير لذلك.

وقال مارتينون إن ساركوزي أطلع الملك عبد الله الثاني على ما دار في اتصاله مع أولمرت وتشديده على أنه «لا مفر من مساعدة الرئيس الفلسطيني واتخاذ مبادرات» معينة من دون أن يحدد طبيعتها. وأضاف مارتينون أن فرنسا مقتنعة بضرورة إطلاق مبادرات ما من أجل الوصول الى حل، كاشفا أن ساركوزي تشاور بشأنها مع أولمرت. غير أن مارتينون رفض الخوض في طبيعة هذه الأفكار والمباردرات. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن باريس «لا ترى أن ما قامت به إسرائيل إزاء محمود عباس أو ما وعدت به في قمة شرم الشيخ كان كافيا، وهي تريد منها أن تذهب أبعد من ذلك» لمساعدة محمود عباس. وأشار الوزير الفرنسي الى أنه يتعين على إسرائيل الإفراج عن المزيد من المساجين الفلسطينيين وتسهيل حياة الفلسطينيين ورفع الحواجز ونقل أسرع للأموال العائدة للسلطة الفلسطينية وإيجاد أمل بالوصول الى السلام. وقال كوشنير إنها «اللحظة التي نرى أنه المناسب القيام بمبادرات» ومن أجل مساعدة المعتدلين الفلسطينيين. وفي جملة تحتمل أكثر من معنى ولم يفهم منها ما إذا كان المقصود حماس بالذات، قال كوشنير إنه «يتعين الحديث الى الأعداء عندما يكون السعي هو للوصول الى السلام». لكنه أردف قائلا أنه «يعرف» أنه يجب اختيار اللحظة المناسبة.

وحث كوشنير الإسرائيليين على «تقديم مقترحات»، مشيرا الى أن فرنسا «جاهزة» لمساعدة الطرفين على الحوار «إذا ما أرادا ذلك». وخلص كوشنير الى القول إن فرنسا «جاهزة للمساعدة في إنشاء الدولة الفلسطينية الى جانب إسرائيل». لكن مصدرا فرنسيا قال أمس إن المشكلة الكبرى تتناول كيفية التعاطي مع الوضع الناشئ في غزة وكيفية إعادة القطاع الى حضن السلطة الفلسطينية «مخافة انقسام طويل وعميق» بين غزة والضفة.

ومن جهتها، ردت ليفني بتأكيد رفضها المطلق «الحديث» الى حماس، محذرة الأسرة الدولية من «ارتكاب مثل هذا الخطأ». ونفت الوزيرة الإسرائيلية أن تكون لإسرائيل «أجندة مخبأة» في تعاطيها مع الفلسطينيين. وكما في الإليزيه بين الرئيس ساركوزي والملك عبدالله الثاني، كان الوضع اللبناني والملفان السوري والإيراني موضع بحث في محادثات الوزيرين كوشنير وليفني.

وعلى صعيد العلاقات الثنائية الفرنسية ـ الأردنية، أعرب العاهل الأردني عن رغبته في العودة الى باريس لاحقا لمزيد من المحادثات الموسعة. وتناول المسؤولان موضوع التعاون الاقتصادي والعسكري وكذلك الطاقة النووية السلمية. وفي هذا الصدد قال الناطق الرئاسي إن الرئيس الفرنسي لا يريد أن ينحصر امتلاك الطاقة النووية السلمية بدول الشمال وحدها. وأفاد مارتينون أن الرئيس ساركوزي يريد إقامة «شراكة استثنائية» مع الأردن.