الصومال: الحكومة تمنع وفدا طبيا للجامعة العربية من دخول مقديشو

برلمانيون يشتكون من تحرش القوات الحكومية وسكان العاصمة يتهمونها بتعمد قتل المدنيين

جنود أوغنديون من قوات الاتحاد الأفريقي يقومون بدوريات حول ساحل العاصمة الصومالية مقديشو أمس (رويترز)
TT

قبل أقل من أسبوع على مؤتمر المصالحة الوطنية الذي سيفتتحه الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف منتصف الشهر الجاري في العاصمة الصومالية مقديشو، وفي محاولة لوقف دوامة العنف التي تشهدها المدينة منذ نهاية العام الماضي، تصاعدت أمس حدة شكاوى عدد من أعضاء البرلمان ضد القوات الصومالية بسبب تعرضهم لمضايقات، بينما منعت أجهزة الأمن الصومالية وفدا يضم ستة من الأطباء المصريين أوفدتهم الجامعة العربية، من دخول العاصمة.

وبينما يعتبر أول ظهور علني لخلافات بين الحكومة الصومالية التي يقودها علي محمد جيدي والبرلمان الانتقالي الذي يترأسه عدن مادوبي، استنكر الأخير تحرش القوات الحكومية بعدد من أعضاء البرلمان الذين رفعوا إليه شكاوى رسمية بشأن تعرضهم لمضايقات متكررة من هذه القوات.

وقال مادوبى في تصريحات تلقت «الشرق الأوسط» نصها إن البرلمانيين الصوماليين أحرار ولا يستطيع أحد أو جهة المساس بهم، فيما أبلغ عضو في البرلمان «الشرق الأوسط» أن القوات الصومالية دأبت مؤخرا على تجاهل حصانة البرلمانيين وعرضتهم لعمليات تفتيش مستمرة بدعوى البحث عن أسلحة. وكشف البرلماني الذي طلب عدم تعريفه، النقاب في اتصال هاتفي عن أن أعضاء البرلمان اضطروا إلى نقل شكواهم إلى مادوبى فور عودته من زيارته الأخيرة لكينيا ومصر بعدما تجاهلت السلطة الانتقالية احتجاجات عديدة قدموها ضد ممارسات القوات الحكومية.

ويأتي تصاعد شكاوى البرلمانيين من هذه الممارسات في وقت يتهم فيه سكان العاصمة مقديشو نفس القوات بنهب متاجرهم بحجة البحث عن أسلحة أو إرهابيين محتملين.

وتعذر أمس الاتصال بمحمد محمود جوليد (جعمديرى) وزير الداخلية الصومالي الذي يتواجد حاليا في العاصمة الكينية نيروبي بانتظار خضوعه لعملية جراحية في عينيه.

واعترف مسؤول بارز في السلطة الانتقالية لـ«الشرق الأوسط» بأن ممارسات الجنود الحكوميين باتت تمثل إزعاجا للمواطنين والسلطة على حد سواء، لكنه لفت في المقابل إلى أن بعض من يظهرون وهم يرتدون الزي الرسمي للجيش ليسوا من بين أفراده وإنما مجموعة من اللصوص وقطاع الطرق يستخدمون الزي العسكري ستارا لتنفيذ جرائم السطو والنهب.

وكانت الحكومة الصومالية قد أعلنت أنها سحبت كل عناصرها العسكرية إلى خارج العاصمة التي تسلمت زمامها قوة من الشرطة المحلية، لكن يبدو أن تنفيذ هذا القرار ما زال صعبا في ضوء تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية التي تتعرض لها المدينة مؤخرا.

وفي رابع يوم على التوالي للهجمات التي يشهدها سوق بكارة احد أهم واكبر الأسواق التجارية في العاصمة والذي يعتبر بمثابة سوبر ماركت مفتوح لتجارة السلاح، اتهم سكان محليون وشهود عيان القوات الحكومية بتعمد إطلاق النار مساء أول من أمس على المدنيين العزل مما أسفر عن سقوط 15 شخصا ما بين قتيل وجريح.

وقالت مصادر صومالية إن الحادث وقع عندما أطلق أحد الجنود النار بشكل عشوائي على المارة بعدما ألقى مجهولون قنبلة يدوية بجوار دورية عسكرية كانت تتولى حماية وتمشيط السوق. وأسفر الحادث عن مصرع سبعة أشخاص معظمهم من المدنيين بينما جرح ثمانية آخرون في حي هاولوداج بجنوب العاصمة.

وألقى أمس مجهولون يعتقد أنهم من فلول تنظيم المحاكم الإسلامية المناوئ للحكومة الصومالية وللتواجد العسكري الإثيوبي في البلاد بثلاث قنابل يدوية في سوق بكارة مما أدى إلى إصابة جنديين صوماليين، فيما بدا السوق خاليا من الازدحام المعتاد بسبب حالة الهلع التي أصابت رواده.

من جهة أخرى قتل مجهولون أمس موظفا محليا في منظمة طبية سويسرية بمدينة بيلدوين بإقليم هيران وسط الصومال في أحدث عملية اغتيال من نوعها تستهدف ترويع موظفي المنظمات الإنسانية الدولية التي بدأ عدد كبير منها بالفعل في تعليق نشاطاته على نحو ينذر بكارثة صحية وشيكة.

إلى ذلك قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن أجهزة الأمن الصومالية منعت ستة أطباء مصريين عاملين ضمن وفد تابع للجامعة العربية من دخول العاصمة على الرغم من حوزتهم لتأشيرات دخول وأوراق ثبوتية سليمة.

وأوفد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية الوفد المصري إلى مقديشو في مهمة إنسانية تتعلق بتقديم الخدمات الطبية والدواء لعشرات الآلاف من الصوماليين في وقت تشكو فيه المستشفيات والمراكز الصحية القليلة من انعدام الإمكانيات البشرية وندرة الدواء.

وجرت أمس اتصالات عاجلة بين القاهرة ومقديشو لاحتواء الأزمة بدون جدوى، فيما توجه الوفد إلى جيبوتي المجاورة في انتظار تراجع الحكومة الصومالية عن موقفها المفاجئ.

وتقول مصادر الحكومة الصومالية إن الوفد الذي سبق أن عمل في مقديشو على صلة بعناصر من تنظيم المحاكم الإسلامية وان بعض أعضائه كان يسرب الأدوية إلى جهات غير حكومية، وهي الاتهامات التي نفتها مصادر مصرية وعربية لـ«الشرق الأوسط» مشيرة إلى انزعاج القاهرة من موقف الحكومة الصومالية وتعمدها تعطيل المهمة الإنسانية للوفد.