الشاطئ المتنفس الوحيد لسكان غزة في إجازات الصيف

الصيادون الممنوعون من التوغل في البحر يؤجرون قواربهم للنزهة البحرية

TT

غزة ـ ا.ف.ب: اصبح شاطئ غزة المكان الوحيد الذي يمكن لسكان القطاع قضاء العطلة الصيفية فيه بعد ان تحول مع اغلاق جميع منافذه ومعابره الى سجن كبير.

وقال رائد المصري من غزة، 33 عاما، وهو موظف في السلطة الفلسطينية تلقى أخيرا للمرة الاولى منذ 16 شهرا راتبه الشهري «لا يوجد إلا شاطئ البحر في قطاع غزة للترفيه عن النفس لكنني لم استطع احضار اولادي الى البحر الا بعد ان تسلمت راتبي».

واضاف رائد الذي جلس على رمال الشاطئ مع اسرته وبجانبه ابريق شاي وبعض الاشياء التي تم تحضيرها بالمنزل توفيرا لنفقات الرحلة ان «مشوار البحر كلفني 25 شيكلا (ما يقارب ستة دولارات) والبائعون هنا يحاولن استغلال الوضع ويرفعون الاسعار».

واعتبر المصري الذي اكتفى بتدخين الارجيلة «لا يوجد أمان مائة في المائة لأنه حتى هذه اللحظة توجد حالات قتل، وهذا شي لا يبعث على الأمان». وسجلت عدة حالات قتل واختطاف في ظروف غامضة في قطاع غزة منذ ان سيطرت حركة حماس على القطاع في 15 يونيو الماضي.

وينتشر بعض افراد القوة التنفيذية التابعة لحماس والتي قام احد افرادها باطلاق رصاصة مساء الاحد على شاب كان يجر حصانين لرفضه الانصياع لاوامرهم بترك الشاطئ. ويقوم افراد التنفيذية بدوريات راجلة على الشاطئ ليلا نهارا ويطلبون احيانا من النساء عدم التبرج علما بان معظم سكان غزة ملتزمون الزي الاسلامي.

وقالت انعام المصري، 60 عاما، وهي تراقب أحد احفادها وهو يسبح قريبا من الشاطئ خوفا من ان يغيب عن نظرها «اخشى على حفيدي من الغرق لانني لا اعول كثيرا على رجال الانقاذ لأن عددهم قليل ولا يستطيعون الانتباه الى كل الموجودين في المياه».

وتنتشر على شاطئ البحر العديد من ابراج المراقبة للمنقذين لكنها تفتقد كثيرا الى معدات الانقاذ من الغرق.

واعتبرت انعام ان شاطئ بحر غزة هو المنفذ الوحيد «خصوصا بعد اغلاق المعابر بالرغم من عدم توفر الامان بشكل كامل». وقالت «كنت أنوي قضاء إجازة الصيف في مصر لكن ما حدث بين حركتي فتح وحماس (الاشتباكات الدامية) كان كبيرا».

وعبرت ام اسامة، 41 عاما، التي جلست على رمال شاطئ البحر ومنعت ابنتها آلاء، عشرة اعوام، من النزول الى المياه لعدم التأكد من نظافتها «لا احب ان انزل الى البحر كثيرا بسبب خوفي من عدم نقائه ولكني اضطر الى ذلك من اجل اطفالي رغم ان الامر يستغرق مني 30 دقيقة للوصول الى هنا». وقد اكتفت الفتاة الصغيرة بالجلوس على الشاطئ وبناء بيوت رملية والحسرة في عينيها لعدم قدرتها على النزول الى المياه. ويقع قطاع غزة على الشريط الساحلي للبحر المتوسط بطول 36 كيلومترا. ويستمتع الاطفال باطلاق الطائرات الورقية ذات الالوان الزاهية على الشاطئ.

ويقول الطفل محمد وهو يجلس على ظهر جمل على شاطئ البحر «الوضع هنا جميل، وانا جد سعيد لان المنظر من هنا رائع».

واخذت الطفلة ميادة شلبي، 12 عاما، التي تشارك في مخيم صيفي تنظمه الأونروا تغني وسط عشرات من الفتيات من عمرها اللاتي اخذن يصفقن ويرقصن حولها.

وتقول ميادة «نريد ان نشعر بالسعادة بعيدا عن اجواء البيت الذي تسوده الكآبة، نريد ان نكسر الروتين الممل، وخصوصا بعد الفترة المأساوية التي مررنا بها اثناء فترة الاشتباكات بين حركتي فتح وحماس».

واضافت بنبرة خوف «عندما كنت اغير ملابسي استعدادا لمغادرة البحر شعرت بالخوف من طلقة رصاص تخترق جدران الغرفة فاستعجلت وخرجت مسرعة حيث ينتابني دائما هذا الشعور بعدم الامان».

ويتخوف سكان غزة من التوجه الى الشاطئ القريب من مواقع اسرائيلية وذلك بسبب ما حدث مع عائلة الطفلة هدى غالية التي فقدت والدها واشقاءها اثر قذيفة اسرائيلية على شاطئ بحر شمال غزة العام الماضي.

ومع منع اسرائيل صيادي السمك في قطاع غزة من التوغل في البحر لمسافة بعيدة، عمد بعضهم الى تأجير مراكبهم للمواطنين للقيام برحلات بحرية قصيرة.