ساركوزي يبدأ زيارته للجزائر وتونس.. و«الاتحاد المتوسطي» على رأس الأجندة

الرئيس الفرنسي «مستعد» لتلبية طلبات السلاح من البلدان المغاربية

TT

يصل الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، اليوم الى الجزائر في إطار جولة سريعة تقوده كذلك إلى تونس، على أن يزور المغرب في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وبالإضافة الى المواضيع الثنائية والوضع الإقليمي، ينتظر ان تركز الزيارة على شرح مشروع الى إقامة اتحاد متوسطي يضم الدول الأوروبية المتوسطية الثماني ودول جنوب المتوسط وشرقه بما فيها إسرائيل وتركيا.

وعشية هذه الزيارة، أعلن الرئيس الفرنسي أنه سيكون «شديد الانفتاح» على طلبات السلاح التي تقدمها بلدان المغرب العربي إلى فرنسا. وقال في حوار تنشره صحيفة «الخبر» الجزائرية اليوم، إن اتصالات جرت بين بلدان مغاربية وشركات إنتاج السلاح الفرنسية، بغرض عقد صفقات بخصوص تجهيزات عسكرية حديثة تخص سلاح الجو والبحر والبر. وأضاف: «فيما يخص التعاون العسكري مع الجزائر، فأنا مستعد للذهاب إلى أبعد مما هو قائم لأنني عازم على مواكبة الجزائر في جهودها الرامية إلى الوصول بقواتها المسلحة إلى مزيد من الاحتراف والتحديث، وأن أقف إلى جانبها في مواجهة رهانات الأمن في المتوسط والتحدي الذي تمثله مكافحة الإرهاب والتهريب».

وبخصوص المحادثات التي تجمعه اليوم مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حول اتفاق غازي مرتقب بين «سوناطراك» و«غاز فرنسا»، قال ساركوزي: «نحن بحاجة إلى تأمين سلامة إمدادنا بالغاز مستقبلا بقدر ما تحتاج الجزائر إلى الاعتماد على الوصول الموثوق والمضمون إلى السوق الفرنسية، وأبعد منه إلى السوق الأوروبية فلا يسعنا إلا أن نتمنى تقاربا بين الشركات الفرنسية ـ غاز فرنسا وسويز وتوتال ـ مع سوناطراك».

وكشف ساركوزي، الذي تولى رئاسة فرنسا حديثاً، أنه وجه دعوة لنظيره الجزائري لزيارة فرنسا قبل نهاية العام، تندرج في إطار «الشراكة الاستثنائية» التي يجري الاعدادُ لها من الجانبين. وسئل ساركوزي عن أزمة المقيمين بطريقة غير قانونية بفرنسا، فقال إنه يسعى إلى معالجتها بالتشاور مع بلدان المنشأ و«بأقصى درجة من الانسانية»، مشيرا إلى أن «هدفي هو تسهيل التنقل بين الجزائر وفرنسا وبشكل عام بين فرنسا والبلدان المغاربية». وقال إن حرية تنقل الأشخاص «جزء لا يتجزأ من مشروعي الرامي إلى تأسيس اتحاد متوسطي». يشار إلى أن الاتصالات الخاصة بمشروع الاتحاد المتوسطي لا تزال في بدايتها. وسبق للرئيس الفرنسي أن كلف فيليب سيغان، الرئيس السابق للجمعية الوطنية ورئيس هيئة المحاسبة العامة المولود في تونس «مهمة» بلورة المشروع والقيام بالاتصالات اللازمة لهذا الغرض.

ولعل «النص» الوحيد حول مشروع الاتحاد المتوسطي خطاب ألقاه المرشح ساركوزي في مدينة طولون (جنوب فرنسا) في فبراير (شباط) الماضي وفيه يشرح منطلقات الاتحاد وموجباته وشكله وحقول اختصاصه وآليات عمله. وسبق ذلك خطاب القاه الوزير ساركوزي في الرباط في مارس (آذار) 2005 وفيه توقف عند «فشل» الشراكة الأوروبية ـ المتوسطية ودعا الى إقامة «سوق متوسطية»، وهو ما تحول لاحقا الى مشروع الاتحاد المتوسطي.

ويقول ساركوزي إن ثمة حاجة لإقامة الاتحاد المتوسطي لأن «جغرافية العولمة تدفع أوروبا لتصور استراتيجية أوروبية ـ أفريقية يكون المتوسط محورها بحيث لا يكون مجرد صلة وصل بين الشمال والجنوب بل فضاء للسلام والثقافة والديمقراطية والتنمية المستديمة». ويؤكد ساركوزي على «الدور الخاص» الذي يتعين على فرنسا أن تلعبه وهي القوة المتوسطية والأوروبية في آن واحد. ويحث ساركوزي إيطاليا واسبانيا والبرتغال واليونان وقبرص على الإمساك بزمام المبادرة من أجل العمل على إنشاء الاتحاد المتوسطي الذي ستكون له «يوما ما» مؤسسات مشتركة مع الاتحاد الأوروبي. ويشرح المقربون من الرئيس الفرنسي أن الاهتمام يجب أن ينصب على كيفية إيجاد سبل التعاون بين الاتحادين المتوسطي والأوروبي.

ويرى الرئيس الفرنسي أن الاتحاد المتوسطي يمكن أن يكون الإطار المستقبلي الذي تندرج فيه «سياسة فرنسا العربية» وللوصول الى السلام في الشرق الأوسط وتسوية النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. ويقترح ساركوزي أن يعقد الاتحاد المتوسطي قمما دورية على غرار قمة الدول الصناعية. ويرى ساركوزي أن الاتحاد يمكن أن يضطلع بأربع وظائف رئيسية؛ أولها بناء نظام أمن جماعي لضمان السلام في المتوسط وبناء سياسة موحدة في التعامل مع موضوع الهجرة غير المشروعة. وتشكل مواضيع البيئة ومحاربة تلوث البحار والاحتباس الحراري والتصحر وكل ما يستتبعه من تنقل كثيف للشعوب والهجرات ثاني قطاع للتعاون داخل الاتحاد المتوسطي.