صور أقمار صناعية تكشف حفر إيران مجمع أنفاق في موقع ناتانز النووي

خبراء : الأنفاق ستوفر حماية ضد هجمات جوية

TT

قد تعطي عمليات الحفر المفاجئة والسريعة التي كشفتها صور الأقمار الصناعية أخيرا لجانب من جبل في وسط إيران انطباعا بأن غرض حفر النفق أن يكون جزءا من طريق، لكن الموقع هو الباحة الخلفية لمركز نووي يعد الأكثر طموحا بالنسبة لإيران حسبما توصل إليه مسؤولون وخبراء مستقلون أميركيون. والاستنتاج الآخر الذي توصلوا إليها هو أن الحفر يبدو وكأنه بداية لإنشاء مجمع من الأنفاق داخل الجبل.

والسؤال حول السبب زاد من مخاوف أن يكون وجود مبان محصنة بالقرب من ذلك الموقع حيث تتم معالجة اليورانيوم. وتلك الإنشاءات هي الآن مربوطة بطرق تقود إلى موقع إيران النووي: ناتانز، حيث بدأ البلد في الفترة الأخيرة بتخصيب اليورانيوم تحديا للاحتجاجات الدولية.

ونتيجة لذلك تمت دراسة الصور الملتقطة للموقع من قبل خبراء نوويين ومسؤولي استخبارات وكلهم يرددون السؤال نفسه: هل إيران تحاول أن تعرقل وقوع هجمات مستقبلية ضد موقعها النووي عن طريق وضع أجزاء أساسية منه تحت أقبية عميقة؟

وأثار البناء الحالي مخاوف لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقالت متحدثة باسمها إن الوكالة أثارت الموضوع مع مسؤولين إيرانيين. وأضافت مليسا فليمنغ : «نحن على اتصال بالسلطات الإيرانية حول هذا الأمر، وتسلمنا توضيحات» لكنها رفضت تقديم تفاصيل أخرى.

لكن ديفيد اولبرايت مفتش الأسلحة الأميركي السابق ورئيس معهد العلوم والأمن الدولي قال إن «مجمع الأنفاق يبدو وكأنه ذو علاقة بالمفاعل ناتانز. نحن نظن أنه من أجل خزن مواد نووية».

وقال عدد من المسؤولين الأميركيين إنهم على علم بالإنشاء الجديد وهم يراقبونه عن كثب على الرغم من أن أيا منهم لم يعلق علنا على الهدف من وراء بناء هذه الأنفاق.

وسيخفض مجمع الأنفاق من الخيارات المطروحة أمام الولايات المتحدة من القيام بهجمة عسكرية وقائية ضد برنامج إيران النووي حسب ما قال مسؤولون أميركيون على دراية بأنشطة إيران النووية. وهذا ما سيعمق من التوتر القائم بين إدارة بوش وحكومة محمود أحمدي نجاد الذي قال إنه ملتزم بمواصلة البرنامج الهادف إلى استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية.

وفي رد على اقتراحات من نائب الرئيس ديك تشيني وآخرين من أن الولايات المتحدة قد تفكر باستخدام القوة لايقاف طموحات ايران النووية، غطى محمود احمدي نجاد البرنامج بسرية اضافية وهدد بإيقاف التعاون مع المفتشين النوويين الدوليين. وظلت ايران تخصب اليورانيوم في ناتانز بكميات صغيرة لفترة زادت على أربع سنوات، منتجة مادة أقل تخصيبا يمكن أن تستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية. وبمزيد من التخصيب يمكن أن يستخدم اليورانيوم في صنع أسلحة. وتظهر صور الاقمار الصناعية التي التقطت يوم 11 يونيو (حزيران) الماضي من جانب شركة «ديجيتال غلوب» طريقين جديدين يؤديان الى موقع بناء على جانب جبل أقرب الى الحدود الجنوبية من الموقع النووي. وعلى الرغم من ان مداخل النفق ليست مرئية بصورة مباشرة فإن الصور تظهر صخورا وأنقاضا بأكوام كبيرة قرب مواقع الحفر. وليست هناك دلائل على بناء في صور مماثلة التقطت للمنطقة قبل ستة أشهر.

وفي تقرير يحلل الصور قارن مسؤولون من معهد العلوم والأمن الدولي بناء ناتانز الجديد مع نفق شيدته ايران داخل جبل قرب موقع نووي رئيسي آخر. وذلك الموقع، الذي يقع على بعد حوالي 80 ميلا الى الجنوب ويعرف باسم اصفهان، يضم مركز ابحاث نووية كبيرا ومصنعا يحول اليورانيوم الى شكل يمكن أن يخصب في ناتانز.

وبدأت ايران العمل في اصفهان بهدوء عام 2004، حيث حفرت نفقا كبيرا ذا مدخلين جرى الاعتراف في وقت لاحق بأنه للخزن النووي. وسمحت ايران في خاتمة المطاف لمفتشي اللجنة الدولية للطاقة الذرية بزيارة النفق الذي كان فارغا في حينه. ومن شأن وجود ملجأين سريين قرب الموقعين أن يسمح للمسؤولين الايرانيين بإجلاء سريع للمواد الحساسة للخزن المأمون اذا ما جرى الاعتقاد بوجود هجوم وشيك، وفقا لما قاله أولبرايت رئيس معهد العلوم والأمن الدولي. ولا يمكن أن يجري تأكيد استخدام نفق ناتانز من الصور. ولكن «مثل هذا النفق في جبل يمكن أن يوفر حماية ممتازة من هجوم جوي» وفقا لما ورد في تقرير معهد العلوم والأمن الدولي، الذي يقدم تقييمات تقنية لبرامج النووية. وقال المعهد ان «هذه التسهيلات الجديدة يمكن أن تكون مثالية للخزن المأمون» لليورانيوم الطبيعي والمخصب والمعدات المتخصصة للقيام بذلك.

والاحتمال الأقل وفقا لتقرير المعهد هو أن ايران قد تسعى الى استخدام الأنفاق لخزن أجهزة طرد مركزي تستخدم في تخصيب اليورانيوم، الذي يتطلب عشرات الألوف من الأجهزة السريعة الدوران.

وفي ابريل (نيسان) الماضي انسحبت ايران من طرف واحد من المعاهدة الدولية التي تتطلب منها أن تكشف علنا عن خطط التصميم لموقع ذي علاقة بالقضايا النووية. وقال تقرير معهد العلوم والأمن الدولي ان ايران «يجب ان تكشف للوكالة الدولية للطاقة الذرية أي نشاط في هذا المجال يرتبط بجهودها في موقع ناتانز القريب أو أي غرض نووي آخر».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»