مؤتمر يهودي يوصي بتعزيز العلاقات مع دول عظمى صاعدة كالهند والصين

فلسطينيون اعتقلهم الجيش الإسرائيلي خلال توغل في منطقة مخيم البريج وسط قطاع غزة أمس (رويترز)
TT

حذر مؤتمر يهودي عالمي يعقد في مدينة القدس المحتلة من الخطر الناجم عن تناقص عدد اليهود وتعاظم الاصولية الاسلامية وإمكانية انسحاب اميركا من العراق. ووردت هذه التحذيرات في اعقاب اختتام مؤتمر «مركز تخطيط سياسات الشعب اليهودي»، امس في القدس المحتلة، الذي حضره إضافة الى قادة إسرائيل، رؤساء الجاليات اليهودية، ومفكرون ورجال اعمال يهود من جميع انحاء العالم.

وناقش المؤتمر جملة التحديات الاستراتيجية التي تواجه اليهود في العصر الحالي، وذلك بالاستناد الى دراسة وضعها الخبير الاستراتيجي البروفيسور حزقيل درور، ومدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلي الاسبق آفي غيل، وتتضمن تحديد «التهديدات الجغرافية السياسية المركزية التي تعرض وجود الشعب اليهودي للخطر». وحذر المؤتمر من «إرهاب موجه ضد يهود ومؤسسات يهودية في العالم، يترافق وقدرة ابادة متعاظمة من مسلمين متطرفين ومن افراد». وتوقع المؤتمر حالة من عدم الاستقرار في الشرق الاوسط في ظل تآكل العناصر الاسلامية المعتدلة الى جانب التداعيات الخطيرة المثيرة للجدل حول دور الولايات المتحدة في العالم، سواء خارج اميركا او حتى في داخلها، وإمكانية أن يحدث تغيير في توجه الولايات المتحدة للعب دور في التأثير على ما يجري في العالم، وتحديداً في الشرق الاوسط، اذ تشير الدراسة الى أن إسرائيل ستكون أكثر الدول تضررا جراء ذلك. وتبدي الدراسة خوفاً خاصاً من إمكانية أن يحدث تآكل تبعاً لذلك في الدور الذي تقوم به المنظمات والجاليات اليهودية في الولايات المتحدة. ونبه المؤتمر الى مغبة تحول التورط الأميركي في العراق الى أزمة نفسية وطنية لكل الأميركيين، تذكرهم بتورطهم في فيتنام، الأمر الذي قد يدفع الإدارة الى هجر الجهود لإقامة نظام حكم حليف لها في بغداد، ما يعني أن تتحول أرض العراق الى مركز عمل لحركات الجهاد العالمية التي ستعمل ضد الغرب، وضمن ذلك إسرائيل.

ومن بين التحديات التي يرى المؤتمر وجوب الاستعداد لمواجهتها امكانية تعاظم الهجمات على الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة وعلى شرعية اسرائيل في الوجود كدولة يهودية، ما يؤدي الى تردي النفوذ السياسي لجماعات الضغط اليهودية، الى جانب تآكل مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة، ما يؤدي الى تغيير شاسع في سياستها في الشرق الاوسط لدرجة تعرض اسرائيل للخطر، يترافق مع تعاظم تعلقها بالنفط. واعتبر المؤتمر أن صعود الصين والهند كقوتين عالميتين واحتياجهما المتزايد لمصادر الطاقة في الشرق الاوسط من شأنهما أن يؤديا بهما الى انتهاج سياسة مؤيدة للعرب، محذرا من إمكانية أن تصل القوى المؤثرة في النظام العالمي الى قناعة مفادها أنه من أجل ضمان أمن العالم، فإنه يتوجب حل الصراعات العالمية، وضمن ذلك الصراع العربي الإسرائيلي.

من ناحية ثانية اكدت وثيقة سرية ناقشها المؤتمر، وكشفت عنها صحيفة «يديعوت أحرونوت» امس أن هناك مؤشرات مقلقة جدا من الفساد الشخصي والمؤسساتي. وجاء في الوثيقة «لا ريب ان اجزاء مهمة من القيادة السياسية العليا للشعب اليهودي، بما في ذلك بعض القيادات السياسية الاسرائيلية، كانت ولا تزال ذات نوعية استثنائية، كما تشهد انجازاتهم على مدى التاريخ. ومع ذلك تبرز بعض النواقص الواضحة، بما فيها غياب الزعامة الروحية البارزة المقبولة من الجميع ونقص المعرفة الحيوية الاضافية. فالزعماء يعانون من جهل شديد في مجالات حرجة، منها عدم الفهم في الآليات الثقافية، الروحانية والاجتماعية، التي في اطارها سيزدهر الشعب اليهودي، وكذا عدم فهم كافٍ للمحركات التي تصمم المستقبل ـ كالعلم والتكنولوجيا، الميول الجغرافية السياسية، التطورات في الاسلام، الالية الثقافية، الديمغرافية، آثار العولمة وغيرها». واضافت الوثيقة «ففي القرن الحالي سيقف الشعب اليهودي أمام تحديات مصيرية تتضمن مخاطر جسيمة وفرص هائلة على حد سواء. فمثلا ستحتدم مسائل الامن في الوقت الذي تترنح فيه اسرائيل بين السلام والنزاع بما في ذلك من مخاطر وجودية. وسيكون اليهود بصفتهم هذه اهدافا لهجمات الاسلام الاصولي المتطرف وغيره من الجماعات».

وشددت الوثيقة على الحاجة العاجلة الى تطوير وتحسين القيادة العليا للشعب اليهودي واسرائيل، موصية بإعطاء تمثيل زائد في القيادة اليهودية للنساء، ولمجموعات من المهاجرين الجدد والزعماء الميدانيين الشباب.

وخلصت الوثيقة الى جملة من التوصيات كحلول للمشاكل. وتضمنت التوصيات: «العمل على بلورة جبهة دولية ناجعة من دول عربية معتدلة حيال ايران، ودفع الجهود لمنع الولايات المتحدة من هجر الشرق الاوسط، وزيادة تعاون اليهود في العالم ودولة اسرائيل مع دول عظمى صاعدة كالصين والهند، وتقدم ذو مغزى نحو اتفاق سلام اسرائيلي عربي مستقل يعتمد على تعزيز القوة العسكرية لاسرائيل، والعمل على انضمام اسرائيل الى محافل أمن متعددة الدول مثل الناتو وتوثيق العلاقة والتعاون بين اسرائيل والطوائف اليهودية في العالم ومحاولة خلق مصادر طاقة بديلة».