بريطانيا تتلقى تحذيرا شديدا ردا على تكريمها سلمان رشدي

TT

تلقت بريطانيا، التي تعيش حالة تأهب أمني عالية عقب محاولات فاشلة لتفجير سيارات في لندن وغلاسكو قبل 10 أيام، تحذيرا شديدا بشأن قرارها منح وسام فارس لسلمان رشدي البريطاني الجنسية، هندي الاصل، مؤلف رواية «آيات شيطانية».

وأجرت جهات أمنية ومخابراتية أمس تحريات للتعرف على مصداقية تهديد من تنظيم «القاعدة» بشأن التكريم المثير للجدل الذي اقترحه رئيس الوزراء السابق توني بلير اعترافا بما أسداه رشدي من «خدمات للأدب».

ولا يزال الكاتب، السير سلمان، الان في انتظار تحديد موعد لزيارة القصر الملكي لحضور مراسم التكريم التي تشارك فيها الملكة وتتضمن قيامها بلمس كتفه بسيف.

ويتردد أن القصر «مستاء» بسبب الزج به في هذا الأمر المثير للجدل وذلك بحسب مصادر. وتمنح الملكة أوسمة التكريم مرتين سنويا بناء على اقتراح من الحكومة القائمة في السلطة. وحذر أيمن الظواهري، الذي ينظر إليه بوصفه نائب زعيم «القاعدة» اسامة بن لادن اول من امس، من أن «القاعدة» تعد ردا دقيقا على تكريم بريطانيا للروائي الذي أدت روايته «آيات شيطانية» الصادرة عام 1988 لاندلاع احتجاجات عنيفة في مختف أنحاء العالم الاسلامي. والتهديد الذي وجه مباشرة لرئيس الوزراء البريطاني غوردون براون جاء عبر شريط مصور استغرق 20 دقيقة بثه موقع لمتشددين إسلاميين على الانترنت. وقال الظواهري في الشريط «أقول لبراون خليفة بلير إن سياسة سلفك جلبت كوارث في أفغانستان والعراق بل وفي وسط لندن أيضا». واستطرد «إذا لم تكن استوعبت الدرس فإننا على استعداد لإعادته بإذن الله حتى نتأكد من استيعابك له تماما». وقالت مصادر أمنية في بريطانيا إنها لا تعتقد أن محاولات تفجير السيارات الملغومة في لندن وغلاسكو ذات صلة بالجدل الدائر بشأن رشدي برغم مزاعم بهذا الشأن بثها احد المواقع الالكترونية. وقالت المصادر إن العمليات التآمرية من هذا القبيل تتطلب إعدادا «يستغرق شهورا» وغالبا ما تتم بمشاركة منفذين مختارين يتم إرسالهم إلى باكستان لتلقي التدريب أولا. بيد أن قيادة تنظيم «القاعدة» وجدت على ما يبدو «قيمة دعائية كبيرة في استغلال الوسام لتبرير أية هجمات تم الاعداد لها بالفعل» بحسب أحد المصادر.

وذكرت تقارير أمس أن اسكوتلنديارد تقوم «بمراجعة» اجراءات حماية الشرطة لرشدي الذي يعيش متنقلا بين لندن ونيويورك. وقام الكاتب الذي احتفل أخيرا بعيد ميلاده الـ 60 بتطليق زوجته الرابعة الممثلة الهندية بادما لاكشمي بناء على طلبها في وقت سابق من هذا الشهر.

وردا على التهديد قالت الحكومة البريطانية إنها «لن تسمح للإرهابيين بتقويض أسلوب الحياة البريطاني». وقال متحدث باسم براون «إن الشعب البريطاني سيظل متحدا رابط الجأش وقويا». وأثارت رواية «آيات شيطانية» احتجاجات واسعة عام 1989 عندما أصدر الزعيم الايراني آية الله الخميني فتوى بإهدار دمه. وعاش رشدي على مدى 9 سنوات بعد نشر روايته في حالة اشبه ما تكون بالسجن من الناحية الواقعية اضطر خلالها لتغيير عنوانه باستمرار والبعد عن حضور مناسبات اجتماعية إلا متخفيا. ومن المعتقد أن عملية حراسته على مدار الساعة من قبل أجهزة الامن البريطانية كلفت دافع الضرائب البريطاني ما يقدر بعشرة ملايين جنيه استرليني (20 مليون دولار). وقال معلق بريطاني «إننا لم نتعلم شيئا من هذه السنوات، وها هي القصة تعود كاملة من جديد». ولم تظهر الدوائر الادبية في بريطانيا دعما ذا بال لمأزق رشدي. وقال ميلفين براج المذيع بهيئة الاذاعة البريطانية انه «من الخطأ أن نخضع للتهديد». واستطرد «لماذا يتعين علينا أن نغير أسلوب حياتنا في هذا البلد خوفا من بعض التصريحات الارهابية». وكان متحدث باسم الخارجية البريطانية قد صرح في معرض رده في وقت سابق على أحدث رسائل الظواهري بالقول إن الوسام منح لرشدي تقديرا لاسهاماته الادبية. وأضاف «إن الحكومة أوضحت بالفعل أن تكريم رشدي لم يستهدف إهانة الإسلام أو النبي محمد». بيد أن المجلس الاسلامي البريطاني قال انه «كان من المتوقع تماما» أن تنظيم «القاعدة»: «سيحاول استغلال مسألة التكريم والوسام تلك في تعزيز أهدافه في استقطاب المسلمين». وقالت المتحدثة باسم المجلس انيات بونجلاواولا: «إن تكريم سلمان رشدي بمنحه وسام فارس قرار تعوزه الكياسة وسيؤدي لإثارة مشاعر الغضب بين المسلمين في جميع أنحاء العالم».