واشنطن: الوضع في العراق «غير مرض» وسورية وإيران مصدر الخطر

في أول تقييم لاستراتيجية الحرب قال البيت الأبيض إن بغداد أوفت بـ 8 أهداف من 18.. وبوش يؤكد ثقته بحكومة المالكي

عراقي في حالة حزن بعد تفجير انتحاري اودى بحياة 11 في غرب بغداد (رويترز)
TT

اعلن البيت الابيض، في تقرير مرحلي حول استراتيجية الرئيس الاميركي جورج بوش الجديدة في العراق، أن التقدم الذي تم تحقيقه في العراق «غير مرض» بالنسبة لحوالي نصف الاهداف التي حددها الكونغرس لبغداد، لكن رغم ذلك فإن بوش بدا واثقاً من نجاح سياسته في هذا البلد مؤكدا ثقته برئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، وقال انه يجد العذر له «لأن الوضع صعب». وقال بوش خلال مؤتمر صحافي «اعتقد بانه يجب علينا ان ننتصر في العراق واعرف ان ذلك مطلوب»، ووجه تقريعاً للكونغرس حول الحرب في العراق، مطالبا الكونغرس بالابتعاد عن تحديد عدد القوات في العراق، مشيرا الى انها فكرة تفتقر الى الحكمة اليوم وفي المستقبل. وقال ان سحب القوات الاميركية من دون ان يرافق ذلك تحسن في الوضع الامني سيمثل كارثة. واعترف بوش بأن الشعب الاميركي سئم الحرب في العراق لكنه شدد على انه يمكن الانتصار في النزاع وان الموقف الامني يتحسن.

وخلص التقرير الذي أعده البيت الابيض وأرسله الى الكونغرس الى ان الامور في العراق لم تصل بعد الى حد الرضى، وان الوضع الأمني ما يزال معقداً، وتوقع قتالاً شرساً خلال هذا الصيف، في حين ان الحكومة العراقية لم تستطع ان تلبي 18 هدفاً حددها الكونغرس وتمكنت حتى الآن من انجاز ثماني نقاط فقط في حين كان إنجازها في هدفين ضعيفاً. بيد ان التقرير اعتبر ان إفادات سيدلي بها كل من ديفيد بتراوس والسفير الاميركي في بغداد رايان كروكر في سبتمبر (ايلول) المقبل، هي التي ستحدد التغييرات المطلوبة للسياسة الاميركية في العراق. لكن بوش عبر عن ثقته بنوري المالكي رئيس الحكومة العراقية. وقال التقرير ان القوات الاميركية والعراقية حدت من الهجمات في بغداد وديالى وصلاح الدين، وتستهدف عمليات اطلق عليها تنظيم القاعدة اسم «شبح الرعد» في بغداد وبابل وديالى والانبار، وربط بين استقرار الاوضاع الامنية والمصالحة الوطنية.

وقال التقرير إن ايران وسورية تواصلان نشاطهما في زعزعة الاستقرار في العراق، مشيراً الى ان ايران تمول وتشرف على هجمات ضد قوات التحالف والقوات العراقية، ولم يطرأ سوى تغيير طفيف على هذه السياسة التي تهدف الى هزيمة اميركا في العراق، في حين يستعمل الانتحاريون الاراضي السورية كمعبر نحو العراق. كما ان سورية تسمح للمسلحين وشبكات تمويلهم الانطلاق من الاراضي السورية، وقال ان دمشق ترسل الى العراق ما بين 50 الى 80 انتحاريا شهريا. ويلاحظ التقرير ان 80 بالمائة من الانتحاريين أجانب، ومنذ البدء في تطبيق استراتيجية الرئيس بوش الجديدة في يناير (كانون الثاني) الماضي وقعت 280 عملية انتحارية أدت الى مقتل 5500 عراقي.

وبشأن الاوضاع الاقتصادية يرى التقرير ان الامور تحسنت نسبياً حيث انخفض معدل البطالة بنسبة ضعيفة، كما ان مكافحة التضخم مستمرة وتعتمد الحكومة العراقية اعتماداً كاملاً على صادراتها النفطية، بيد انها لم تستطع ان تقوم بأي استثمار يذكر في هذا المجال. وكان قطاع الاتصالات الهاتفية هو القطاع الوحيد الذي عرف استثمارات ملموسة بلغت في حدود مليار دولار، لكن المستثمرين يحجمون عن الذهاب الى العراق نظراً لتردي الاوضاع الأمنية. وقدم التقرير بالتفصيل ما تحقق حول كل نقطة من الاهداف الـ 18 التي اشترطها الكونغرس. وفي ما يلي ابرز الخلاصات في هذا الجانب:

* مسألة مراجعة الدستور: يرى التقرير ان الحكومة العراقية حققت نتائج مرضية باتجاه تشكيل لجنة لمراجعة الدستور والاصلاحات الدستورية.. (التقييم: مقبول).

* اعادة النظر في قانون اجتثات البعث: يرى التقرير ان هذه المسألة تعد من الامور الحساسة جدا في العراق، ويشير الى ان تسجيل البعثيين الذين لم يرتكبوا جرائم بدأ بالفعل. ويقول التقرير إن الحكومة العراقية لم تحقق أي تقدم بشأن هذه المسألة على الرغم من الاقرار بصعوبة ذلك، لكن يبقى الامر بالنسبة لواشنطن من الالتزامات السياسية الملحة.. (التقييم: سلبي).

* توزيع الثروة النفطية توزيعاً عادلاً على العراقيين سواء كانوا من السنة او الشيعة او الاكراد او الاقليات الاخرى: اشار التقرير الى ان واشنطن قدمت استشارة فنية للحكومة العراقية حول هذا الامر، وان الحكومة تعتزم تقديمه للبرلمان قريباً. ويقول التقرير إن الوضع الراهن غير مرض وانه من السابق لآوانه القول إن الحكومة العراقية ستعمل على تقسيم عادل للثروة النفطية بين جميع العراقيين.. (التقييم: سلبي).

* تطبيق قانون المحافظات من أجل تحقيق ادارة شبه ذاتية واقليمية: يقول التقرير إن القانون المنظم لهذا الامر يتوقع صدوره قبل ابريل (نيسان) من العام المقبل، وتشجع الحكومة الاميركية الاحزاب السياسية من أجل التوصل الى تسوية سياسية ليخرج القانون الى حيز التطبيق، ويرى ان الحكومة العراقية حققت تقدماً مرضياً في هذا الجانب.. (التقييم: مقبول).

* تشكيل لجنة عليا للانتخابات للاشراف على انتخابات المحافظات ووضع قانون انتخابي وتحديد صلاحيات مجالس المحافظات وتواريخ اجراء هذه الانتخابات: أوضح التقرير ان السفارة الاميركية في بغداد تحث باستمرار الحكومة العراقية من أجل اتخاذ الخطوات الضرورية من أجل تنظيم انتخابات نزيهة وتحديد موعد هذه الانتخابات. ورصد التقرير ما تحقق في هذا الجانب مشيراً الى ان اللجنة العليا للانتخابات تشكلت بالفعل، لكن الحكومة لم تحقق تقدماً بشأن تحديد صلاحيات مجالس المحافظات، كما انها لم تحدد بعد موعداً لاجراء الانتخابات..(التقييم: أداء ضعيف).

* وضع قانون وتطبيقه يعالج مسألة العفو والمصالحة: يقول التقرير إن تقدماً طفيفاً حدث في ما يتعلق بالعفو عن المسلحين الذين قاتلوا ضد الحكومة منذ عام 2003. يلاحظ التقرير ان شيئاً لم يتحقق باتجاه اصدار عفو وتحقيق مصالحة شاملة. وعلى ضوء الاوضاع الأمنية الراهنة يلقي التقرير بظلال من الشك حول تحقيق ذلك، او حتى قريب من التحقق.. (التقييم: سلبي).

* اصدار قانون لنزع سلاح المليشيات وان تبقى جميع القوات الأمنية تحت إمرة الحكومة المركزية وان تكون وفية للدستور العراقي: يقول التقرير إن اي شيء لم يتحقق في هذا الجانب.. (التقييم: سلبي).

* تشكيل لجان سياسية واعلامية واقتصادية ولجان خدمات لمساندة خطة أمن بغداد: يقول التقرير إن الحكومة العراقية شكلت لجنة تنفيذية برئاسة نوري المالكي رئيس الحكومة وهي تجتمع اسبوعياً لمتابعة تطبيق خطة «فرض القانون» التي تعرف بها خطة تحقيق الأمن في بغداد الكبرى. ويرى التقرير ان الحكومة حققت نتائج مرضية في هذا الشأن.. (التقييم: مقبول).

* دعم القوات الاميركية التي تعمل على تحقيق أمن بغداد بثلاث فرق عراقية مدربة: يقول التقرير إن القوات العراقية تواجه صعوبات في نشر ثلاث فرق لكنها استطاعت نقل قوات من مناطق اخرى الى بغداد وبالتالي حققت الحكومة العراقية نتيجة مرضية لتقديم دعم عسكري للقوات الاميركية عبر ثلاث فرق عراقية مدربة، بيد ان الاميركيين يتوقعون مزيدا من نشر قوات عراقية في عدة مناطق.. (التقييم : مقبول).

* منح القادة العراقيين جميع الصلاحيات لتطبيق خطة امن بغداد واتخاذ القرارات الميدانية بالتشاور مع القادة الاميركيين بدون تدخل سياسي والحد من نشاط المتطرفين سواء كانوا من المسلحين السنة او المليشيات الشيعية: يلاحظ التقرير ان نوري المالكي منح القادة العسكريين السلطات الضرورية، كما اتخذ خطوات لتقليص التدخلات السياسية في العمليات العسكرية. لكن التقرير يرى ان الحكومة العراقية لم تحقق تقدماً مرضياً لان هناك ما تزال تدخلات سياسية تعتمد على خلفيات ونعرات طائفية.. (التقييم: سلبي).

* منح قوات الامن العراقية صلاحيات فرض القانون: يرى التقرير ان النزاعات الطائفية ما تزال تتحكم في هذا الامر..(التقييم: سلبي).

* التأكد من ان خطة أمن بغداد لن تقدم ملاذاً آمناً لأي طرف خارج القانون بغض النظر عن انتمائه الطائفي: يقول التقرير إن الحكومة العراقية التزمت ان لا توفر خطة أمن بغداد أي ملاذ آمن لأي شخص او فئة خارج القانون بدون اعتبار لانتمائها الطائفي.. (التقييم: مقبول).

* خفض حدة العنف الطائفي في العراق وانهاء هيمنة المليشيات على الأمن الداخلي: يرى التقرير ان العنف الطائفي انخفض لكن هيمنة المليشيات مستمرة، ونفوذها على الاوضاع الأمنية ما يزال قوياً، ويلاحظ التقرير ان الحكومة حققت تقدماً مرضياً لخفض العنف الطائفي لكنها بالمقابل لم تحقق اي تقدم على صعيد هيمنة المليشيات.

* انشاء مراكز أمنية في محيط العاصمة بغداد: حققت الحكومة العراقية نتائج طيبة بمساعدة قوات التحالف في إنشاء مراكز امنية.. (التقييم: مقبول).

* زيادة عدد قوات الامن العراقية قادرة على القيام بعمليات أمنية لوحدها: يؤكد التقرير ان الحكومة العراقية لم تحقق اي تقدم في هذا الجانب.. (التقييم: سلبي).

* ضمان حقوق الاقليات السياسية: يفيد التقرير بان الحكومة العراقية حققت نتائج طيبة لضمان حقوق الاقليات السياسية في التشريعات والقوانين التي تصدرها.. (التقييم: مقبول).

* رصد مبلغ 10 مليارات دولار من مداخيل الثروة النفطية لتشييد مشاريع تنموية ويشمل ذلك تقديم الخدمات الضرورية على قدم المساواة بين جميع الجهات: يقول التقرير إن الحكومة حققت تقدماً مرضياً في رصد المبلغ لكن المشكلة انها لا تستطيع انفاق المبلغ حتى ولو استطاعت تدبيره بالكامل خلال هذه السنة.

* ضمان عدم تدخل السلطات السياسية في مهام قوات الامن العراقية: يقول التقرير إن هناك تدخلات ذات طبيعة طائفية وبالتالي لم تستطع الحكومة ان تحقق نتائج ايجابية.. (التقييم: سلبي). وخلص التقرير الى تحديد اهداف الولايات المتحدة في العراق خلال هذه السنة والسنة المقبلة كالتالي: ـ هزيمة تنظيم «القاعدة» والتأكد من ان لا يتحول العراق الى ملاذ آمن للارهابين.

ـ مساندة الجهود العراقية لانهاء العنف الطائفي في بغداد.

ـ الحد من تدخلات ايران وسورية في شؤون العراق.

ـ حماية التجربة الديمقراطية الفتية.

ـ تحقيق مصالحة وطنية بقيادة الحكومة العراقية. ـ تقوية وتعزيز قوات الامن العراقية.

ـ دعم الاقتصاد العراقي وذلك بحماية الصادرات النفطية . ـ تعزيز دعم العراق من طرف جيرانه والمنطقة والمجتمع الدولي .