باكستان: السلطات تسعى إلى تحديد هوية قتلى المسجد الأحمر بحثا عن أجانب

73 قتيلا في صفوف الأصوليين .. ومولانا عبد العزيز يؤم صلاة الجنازة على شقيقه زعيم المتمردين عبد الرشيد

جندي باكستاني يقف وسط مجمع المسجد الاحمر بعد انتهاء حصاره ودفن الاصوليين
TT

تعمل السلطات الباكستانية منذ امس على تحديد هوية جثث عشرات الناشطين الذين قتلوا في الهجوم على المسجد الاحمر الذي تحصن فيه اصوليون في اسلام اباد ، في محاولة لمعرفة ما اذا كان بينهم اسلاميون اجانب.

وسيطر الجيش اول من امس على المسجد الاحمر بعد يومين من المعارك الكثيفة اسفرت عن سقوط 73 قتيلا في صفوف الاصوليين وتسعة قتلى في صفوف العسكريين. وكان 24 شخصا بينهم عسكريان قتلوا خلال المواجهات التي سبقت الهجوم واستمرت اسبوعا.

ولم يعثر على اي جثة عائدة لامرأة او طفل. وقبل الهجوم اتهمت السلطات الاصوليين باحتجاز «مئات» من طلاب المدارس القرآنية وبينهم نساء واطفال «رهائن».

وقال مسؤول في القوى الامنية «سنأخذ بصمات الجثث وسنلتقط صورا لها بغية تحديد الهويات والمساهمة في التحقيق» موضحا ان السلطات تسعى الى معرفة ما اذا كان اجانب بين القتلى. وخلال المواجهات في المسجد الاحمر التي بدأت في الثالث من يوليو (تموز) اكدت الحكومة ان اجانب مرتبطين بحركات قريبة من القاعدة وعناصر من طالبان يقاتلون في افغانستان، يسيطرون على الاصوليين داخل المسجد. ووجه الرئيس برويز مشرف كلمة الى الأمة امس ليعرض «استراتيجية جديدة» لمكافحة التطرف. وأظهرت قنوات تلفزيونية محلية عمالا يحفرون مقابر على أطراف العاصمة حيث نقلت الشاحنات جثث القتلى وتردد أن الكثير منها كانت متحللة ومشوهة إلى حد يصعب التعرف عليها. وقال شاهد عيان زار المجمع أمس لصحيفة «دون» (الفجر) الباكستانية إن الجثث كانت مبعثرة في الموقع وكانت مغطاة بأكفان بيضاء. وأضاف «لم أتمكن من عدهم لكن لابد أنهم بالمئات»، مشيرا إلى أن مبنى مدرسة «جامعة حفصة» لحقت به أضرار شديدة.

وكان الجيش قد قال في وقت سابق، إنه عثر على 73 جثة أثناء عملية التمشيط المستمرة لمجمع المسجد في أعقاب 36 ساعة من القتال. وقال متحدث باسم الجيش إنه ليس هناك نساء أو أطفال بين الضحايا.

وقبل الفجر تم انزال أول نعوش تحمل ارقاما في مقابر لا تحمل علامات بمقبرة تقع في الضواحي. ولم يكن يوجد اقارب. وقال مصور رويترز الذي حضر هذه العملية ان أحد رجال الدين قرأ ايات من القران لكن طقوس الجنازة الكاملة لم تراعى. واضاف جميع الضحايا لهم بصمات والتقطت صور لهم وتم اجراء اختبار الحمض النووي لمساعدة الوالدين والاقارب في التعرف عليهم ثم ستسلم الجثث لهم». وفي نفس الوقت بحث الآباء والاقارب في المستشفيات على امل العثور على اطفالهم المفقودين.

وقال نور محمد من اقليم وزيرستان الشمالي الذي كان ابنه ميرزا علام البالغ من العمر 13 عاما في المسجد عندما اقتحمه الكوماندوز: «بحثت عنه في كل مستشفى تقريبا في المدينة». والمشاعر في معظم انحاء البلاد هي ان الطلبة المتشددين في الحركة التي تسير على نهج طالبان الافغانية جلبوا كارثة على انفسهم. لكن توجد مناطق كبيرة في شمال غربي باكستان، ولاسيما في الاجزاء القبلية مثل وزيرستان تشتد فيها المشاعر المعادية للحكومة. وحول المتشددون في المسجد الاحمر المجمع الى قلعة حصينة خلال الاشهر الستة الماضية.

وما زال الصحافيون يمنعون من دخول الموقع مما أثار تكهنات باحتمال أن تكون حصيلة القتلى مرتفعة بشكل كبير وما زال الكثير من الاشخاص غير قادرين على العثور على أقربائهم المفقودين. وما زالت القيود على دخول وسائل الاعلام إلى المستشفيات في إسلام آباد ومدينة روالبيندي مفروضة. وقال جيهانجير خان تارين وزير الصناعة، وهو صديق مقرب للرئيس الباكستاني برويز مشرف، لقناة «آج» التلفزيونية الخاصة، إن هناك ما بين 150 و250 جثة في الموقع. وكان الرئيس الباكستاني قد أمر باقتحام المجمع بعد فشل المحادثات لاستسلام رجال الدين المتشددين ومؤيديهم الذين كانوا مدججين بالسلاح بعد مواجهة استمرت قرابة ستة أشهر. وتأكد أيضا مقتل عشرة جنود في القتال من بينهم ضابطة برتبة كولونيل.

وكانت جثة نائب رئيس المجمع الديني في المسجد عبد الرشيد غازي قد نقلت إلى مسقط رأسه في إقليم البنجاب وسط البلاد لدفنها. وسمح لشقيقه عبد العزيز الذي ضبط وهو يحاول الهرب متخفيا في نقاب امرأة في المراحل الاولى من الحصار الذي استمر اسبوعا بأن يرافق جثمان غازي في الجنازة في قريتهم التي تقع في اقليم البنجاب الشرقي. وأم عبد العزيز الصلاة على جثمان شقيقه التي حضرها أكثر من الف شخص في قرية باستي عبد الله التي تحمل اسم والديهما.