الاستخبارات الأميركية: الرئيس الفلسطيني في خطر .. وتهميش حماس ليس سهلا

مسؤول: إذا فشل عباس ونجحت حماس ستكون العواقب وخيمة

رجال امن فلسطينيون تابعون للسلطة يقومون بدورية في جنين امس في الضفة الغربية (رويترز)
TT

قال مسؤولون أميركيون إن عددا من التقييمات الاستخباراتية حذرت من ان الزعيم الفلسطيني محمود عباس، الرجل الذي يأمل صناع السياسة الأميركيون في امكانية مساعدته على انقاذ عملية السلام في الشرق الوسط، قد لا يكون قويا سياسيا الى الحد الذي يمكنه من انجاز ذلك الهدف. كما حذرت التقييمات من ان خصومه في حماس لن يكون من السهل تهميشهم.

وتعتزم الادارة مواصلة عزل حكومة حماس في قطاع غزة سياسيا. وتعتبر استراتيجية «الضفة الغربية أولا» هي سياسة البيت الأبيض الأهم والأكثر خطورة في تعاملها مع السلطة الفلسطينية منذ قيامها عام 1994. وتتجه الادارة الى أرض غير معروفة، في محاولة لمساعدة عباس على الرغم من انه ومنظمته فتح يسيطران على جزء فقط من السلطة.

وقيمت تقارير استخباراتية خلال الشهر الماضي، منذ أن أدى استيلاء حماس على قطاع غزة الى انقسام السلطة الفلسطينية الى جزأين، موقف عباس باعتباره عرضة للخطر حتى في الضفة الغربية. وقد انخفضت شعبية حماس منذ الانقسام، ولكن استطلاعا للرأي أجراه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسة والمسح بعد اسبوع من الانقسام، قال ان حماس ما تزال أكثر شعبية من فتح بين ما يزيد على ربع الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وكانت حماس، المدعومة من ايران، قد اكتسحت المدن الثلاث الكبرى في الضفة الغربية في الانتخابات التي جرت قبل 18 شهرا.

وبالمساعدة الفعلية من جانب القوات الاسرائيلية التي ما تزال موجودة في الضفة الغربية، قد تكون فتح قادرة على تطهير او على الأقل تقليص وجود حماس العسكري في الضفة الغربية، ولكن عباس يواجه تحديا صعبا في تقليص وجودها السياسي، خصوصا في الخليل ونابلس، وفقا لمسؤولين تحدثوا عن التقييمات الاستخباراتية مشترطين عدم الاشارة الى أسمائهم. ولا يسيطر الرئيس الفلسطيني على كل الجماعات المسلحة، بما في ذلك كتائب شهداء الأقصى، المرتبطة بفتح، وحذرت التقارير الاستخباراتية من انه قد لا يكون قادرا على مجابهة كل الخطط الارهابية. وأشارت التقييمات الى أن أعضاء حماس والمتطرفين الآخرين لديهم دافع قوي لاستهداف اسرائيل من الضفة الغربية من اجل تقويض جهود السلام الجديدة وقدرة عباس على إقامة حكومة دون مشاركة حماس.

وقال مسؤول استخباراتي رفيع مشترطا عدم الاشارة الى اسمه لأن التقييمات سرية، ان «فتح تواجه تحديات كبرى في الادارة الفعالة للضفة الغربية. وتعتبر العمليات العسكرية الاسرائيلية هي العامل الرئيسي الذي يقلص نشاط حماس، ولا يمكن لعباس، في احسن الأحوال، ان يتحكم في كتائب شهداء الأقصى التي تعتبر قوة الشارع في مدن عديدة».

وقال مسؤول أميركي شاهد التقارير الاستخباراتية: «التحديات التي تواجه عباس ضخمة. وعليه أن يمتص قدرا من شعبية حماس وان يقلب سمعة الحكومة وإظهار أنه قادر على توفير أمن وفرص اقتصادية أكبر في الضفة الغربية».

وقال المسؤول نفسه: «حماس تعمل بدأب على مسار مواز لتظهر أنها قادرة على الحكم بفعالية وقادرة على تمثيل مصالح الشعب الفلسطيني. وإذا فشل عباس ونجحت حماس ستكون النتائج وخيمة داخليا وخارجيا».

وحذرت الاستخبارات الأميركية من أن عباس سيواجه صعوبة في تنفيذ ما وعد به خلال الثمانية عشر شهرا السابقة، والكثير من الفلسطينيين يريدون منه تنظيف البيت من الداخل وإعادة بناء فتح بواسطة جيل أكثر شبابا من السياسيين. لكن إصلاحا واسعا يجري على يد فتح التي تهيمن على حكومة الطوارئ غير متوقع حدوثه في وقت قريب.

ومنذ تسلمه الزعامة بعد وفاة الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، لم يتمكن محمود عباس من ممارسة سلطة كافية. وقال بروس رايدل المحلل السابق في سي آي ايه: «إنه لا يمتلك الشرعية السياسية التي كان عرفات يتمتع بها أو مؤسس حماس الشيخ ياسين».

أما بول بيلار المحلل السابق في مجلس الاستخبارات القومي والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط: فقد قال «من جانب، تبدو هذه السياسة قادرة على صناعة عصير ليمون من الليمون، لكنها من جانب آخر تبدو انها امتداد لقناعة خاطئة ترى أن جهودا كافية لعزل حماس ستدفع حماس للاختفاء. حماس لن تختفي. بإمكان أفراد حماس في غزة أن ينهضوا لإلحاق الأذى لا في الفلسطينيين بل في الإسرائيليين».

وقال رايدل وبيلار إنهما مقتنعان بأن إدارة بوش لا تستمع إلى أجهزة الاستخبارات حول الأزمة الفلسطينية.

ومع الدعم الدولي بما فيه الدعم الإسرائيلي قد يتمكن عباس من الظهور بمظهر من يمتلك الحسم على المدى القصير، لكن حماس التي لها حلفاء أيضا تسعى للنجاة على المدى الطويل. وقال رايدل: «لا تريد إيران أو سورية أو حزب الله اللبناني أن يروا نجاح الاستراتيجية في الضفة الغربية، وكل هذه الأطراف تمتلك الأدوات التي تجعل الامور تسير نحو الهاوية بسرعة كبيرة».

ومن المتوقع أن يواجه عباس نزاعا حول عزل غزة إلى فترة غير محددة، حسبما جاء في التقرير، وقال رايدل: «سيكون عسيرا جدا عليه أن يدير ظهره إلى معاناة 1.2 مليون فلسطيني في غزة. قد يكون غاضبا على حماس اليوم، لكنه لن يكون في موقع يسمح له قبول سياسة تعاقب 1.2 مليون فلسطيني، وكزعيم سياسي فإنه لن يقدر على القيام بذلك».

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»