رئيسة الجمعية العامة: اتمنى أن يكون للدول العربية صوت موحد في إصلاح مجلس الأمن

الشيخة هيا آل خليفة لـ«الشرق الأوسط»: اتعامل مع المسؤولين الإسرائيليين بحكم منصبي في الأمم المتحدة

هيا بنت راشد آل خليفة
TT

اكدت الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة ان جملة من التغيرات المهمة ستحدث في نظام مجلس الأمن، مشيرة إلى أن من أهم هذه الخطوات توسيع دائرة المجلس خلال مرحلة انتقالية تبلغ عشر سنوات. إلا أنها قالت في الوقت ذاته إن الدول الخمس دائمة العضوية «غير مستعدة لإعطاء دول أخرى حق النقض (الفيتو)».

وقالت الشيخة هيا، التي تعد أول أمرأة عربية ومسلمة تصل لرئاسة الجمعية العامة، في حوار مع «الشرق الأوسط» في جنيف، إن أهم هذه الإصلاحات المقترحة في نظام مجلس الامن يتمثل في زيادة سنوات عضوية الدول المنتخبة في مجلس الأمن، والبالغة حاليا سنتين بدون تجديد، إلى ثلاث أو خمس سنوات مع إمكانية إعادة الانتخاب، مشيرة الى أن هذه المرحلة يمكن وصفها بالانتقالية قبل الانتقال إلى مرحلة لاحقة لتعديل بعض الأنظمة الخاصة بمجلس الأمن، وتوسيع دائرة مشاركة القرار من قبل دول العالم، بدلا من حصرها في خمس دول فقط.

واعترفت الشيخة هيا بنت راشد بأن نظام مجلس الأمن الذي ينص على ضرورة موافقة الدول الخمس على أي تعديل فيه، يصعب من مهمة أي عملية إصلاح شاملة. وهنا تقول رئيسة الجمعية العامة إنها غير واثقة من موافقة الدول دائمة العضوية على الاقتراحات المتمثلة بتخفيف سيطرتها على عمليات التصويت المعروفة بالفيتو، وإعطائها لدول أخرى مثل دول الـ G4 وهي ألمانيا واليابان والهند والبرازيل، التي قالت الشيخة هيا عنها إنها تطالب بقوة بضرورة ضمها ضمن الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

وفي شأن عربي، أبدت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة استياءها من الدول العربية في عدم قدرتها على التنسيق فيما بينها وتكوين موقف موحد، مشيرة في هذا الجانب إلى كتلة الكنز، وهي تتكون من ثلاث دول فقط هي كندا واستراليا ونيوزيلندا، وتقول «تصور أن مثل هذه الدول الثلاث تسعى بكل قوة لمساندة القرارات التي تؤيدها وكذلك في معارضة القرارات والتوصيات التي تعترض عليها، في حين أن 22 دولة غير قادرة على تحديد موقف موحد لها، ومساندة أي قرارات تساعدها في تدعيم مواقف تخص المنطقة».

وردا على سؤال حول موقفها من الالتقاء مع مسؤولين إسرائيليين بينما حكومتها لا تقيم علاقات دبلوماسية مع هذه الدولة، أجابت «عندما تم انتخابي فإن اسرائيل كانت من ضمن الدول التي أيدت ترشيحي، وبعيدا عن هذا أؤكد أنني هنا مثل القاضي الذي يحكم بين الناس بالعدل بدون النظر لخلفيات أي منهم، وأنا هنا أمثل رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا أمثل بلدي في كل الأحوال».

وكان لافتا أن رئيسة الجمعية العامة تقول إنها لن تتدخل في تخفيف الاحتقان الحاصل في منطقة الخليج بين ايران والولايات المتحدة، معيدة ذلك إلى أنها لم تتلق طلبا بالوساطة في هذا الشأن، واضافت «لم يطلب مني القيام بمثل هذه الوساطة، لذلك لن أدخل نفسي في مثل هذه الوساطة، خاصة أن النظام الأساسي للأمم المتحدة لا يسمح لي بذلك بدون طلب مسبق من أحدى الدول».

* ميثاق الأمم المتحدة يشير إلى (نحن شعوب العالم قد آلينا على أنفسنا أن نحمي الأجيال القادمة من شرور الحروب).. بعد ستين عاما على إنشاء المنظمة.. ألا ترين أن مثل هذه الشعارات أصبحت مثالية ولا تتناسب مع ما يشهده العالم حاليا بدون قدرة الأمم المتحدة على إيقاف هذه الحروب؟

ـ أولا هذا ليس شعارا ولكنه مبدأ اتفقت عليه دول العالم جميعا، وهو يعطيك الفكرة العامة حول الأمم المتحدة عند إنشائها بعد الحرب العالمية الثانية، وتوفير الجو الآمن للأجيال المقبلة وتطوير حياتهم للأفضل، وهو المبدأ الاساسي للأمم المتحدة، والدول تحت هذه المؤسسة تعمل لأجل هذا المبدأ. ونحن نعمل من أجل بعث روح السلام في المناطق التي خرجت من هذه الحروب.

* بعد ما يقارب العام من تولي رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ماذا قدمت الشيخة هيا آل خليفة في رئاسة الجمعية العامة؟

ـ منذ ان ترأست الجمعية العامة قبل العام تقريبا، كان هدفي هو تحقيق أهداف التنمية والألفية، والتي نأمل أن نحقق الأهداف الثمانية قبل عام 2015، ولا ننسى أن القطاع الخاص ومؤسساته تعاونت معنا من أجل تحقيق هذه الأهداف ومن أبرزها محو الفقر، وفيما يخص تمكين المرأة وجدت أن الدول لديها توجه نحو تفعيل تمكين المرأة. عموما كانت لدينا مجموعة من النشاطات والقرارات والتوصيات، ونتائجها كلها ستبدو جلية مع تطبيق هذه التوصيات.

* في مسألة تمكين المرأة تحديدا، هل ترين أن المرأة العربية وصلت إلى الحد الأدنى مما يجب أن تصل إليه؟

ـ أستطيع القول إن القيادات العربية تدعم المرأة وبشكل واضح، وتسعى لدفع عجلة تقدم المرأة، إلا أن تدني الوعي لدى المجتمعات العربية نتيجة النظام التعليم والعادات والتقاليد، الذي يجعل دور المرأة ثانويا، لم يجعل للمرأة أي تقدم في الطريق الذي يجب أن تسلكه. واعتقد أن المرأة العربية ما زالت بحاجة لدعم رسمي إضافي من الحكومات. والحقيقة أن هناك سيادة ماضوية ما زالت تسيطر على الفكر الشعبي العربي، وهذا أمر غير ممكن على كافة المستويات.

* وماذا عن إصلاح مجلس الأمن؟

ـ هذه الفكرة نشأت منذ ما يقارب الخمسة عشر عاما، وكما تعلم فإن المجلس يعكس الفكر الدولي منذ ستين عاما، فأصبحت هناك موازين قوى دولية أخرى توازي الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، بل إن الدول الخمس نفسها تقر بهذا التغيير، فهناك دول الـ G4 وهي ألمانيا والبرازيل والهند واليابان، اقتصادها ووضعها السياسي يعطيها، في وجهة نظرها، أن يصبحوا أعضاء دائمين؟ من جهة أخرى، هناك قارة مثل افريقيا تبحث عن مقعد واحد يمثلها بالمجلس، فيما هناك دول أخرى تقول لماذا تصبح هذه الدول (الدائمة العضوية) أعضاء دائمين؟ لماذا لا يتم استبدالها. وخلال هذه الدورة قمنا بإعداد تقرير لمعرفة التصور المستقبلي الممكن لمجلس الأمن، ووفقا لهذا التقرير فإن الطريقة المثلى لإصلاح مجلس الأمن ان تكون هناك مرحلة انتقالية، تنتخب فيها الدول لفترة خمس سنوات وتجدد لخمس سنوات أخرى، بعدها يمكن لهذه الدول أن تصبح دائمة العضوية، بدون أن يكون لهذه الدول حق الفيتو، على أن يتم تحديد مسألة الفيتو بعد المرحلة الانتقالية. وهذه المرة الأولى في تاريخ الأمم المتحدة الذي تكون هناك رغبة في تغيير نظام مجلس الأمن.

* وهل هناك تجاوب في هذه المسألة من قبل الدول دائمة العضوية؟

ـ نعم.. على الأقل في المرحلة الانتقالية، ففرنسا وبريطانيا تؤيدان انضمام ألمانيا كعضو دائم، بينما تدعم الولايات المتحدة اليابان لعضوية المجلس الدائمة، وروسيا تؤيد دول الـ G4 . هنا يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الأمر لن يأتي في مرة واحدة، فلدينا 192 دولة تضمها الأمم المتحدة.

* وهل تعتقدين من موقعك كرئيسة للجمعية العامة أن الدول الخمس دائمة العضوية على استعداد للتخلي عن حق النقض (الفيتو) ومشاركة دول أخرى فيه؟

ـ موضوع الفيتو هو أداة منذ ستين عاما، وهو متروك لدول العالم لكي تحدد ما إذا كان الفيتو أداة فاعلة طوال هذه السنين. لكن لدينا مشكلة وهي أن المادة 108 من ميثاق الأمم المتحدة تشير إلى ان أي تغيير في الميثاق يجب أن يحظى بموافقة الدول الخمس دائمة العضوية جميعها. وهذه الدول الخمس تقول إن الموضوع سيأتي، لكن متى؟ لا نعلم.

* أنت كرئيسة هل تلمسين في اجتماعات المنظمة إمكانية إعطاء الدول دائمة العضوية لدول أخرى صلاحية الفيتو؟

ـ المسألة بصراحة صعبة جدا، لا أرى أن الدول الكبرى ستتخلى عن حق الفيتو، لكن خلال المناقشات كان هناك حديث عن تقييد استخدام الفيتو على الأقل. لكن متى يتم تنفيذ مثل هذه الأفكار فلا نعلم. وللتذكير فإن المرحلة الانتقالية كانت مرفوضة رفضا تاما من الدول الخمس، والآن أصبحت واقعا، إذن يجب علينا أن نواصل مناقشاتنا للوصول إلى ما نريده.

* لننتقل للمجموعة العربية.. هل لديها ثقل وصوت مسموع في الأمم المتحدة؟

ـ هناك مجموعة أسمها «الكنز» مكونة من ثلاث دول أستراليا وكندا ونيوزيلندا، لها صوت قوي ورأي مسموع وتأثير إلى حد ما، بينما الدول العربية غائبة للأسف عن إيصال صوتها للعالم. أتمنى أن يكون للدول العربية موقف موحد، على الأقل في مسألة إصلاح مجلس الأمن.

* قرارت وتوصيات الجمعية العامة لها صفة معنوية وقانونية، لكن ليست لها صفة الإلزام على الدول، هل لديكم خطوات باتجاه إلزام الدول المنضوية تحت لواء المنظمة لتنفيذ هذه القرارات؟

ـ الجمعية العامة دورها بحسب الميثاق تؤسس القانون الدولي، والدول تعتمدها في قوانينها الداخلية، فالجمعية دورها تشريعي وليس تنفيذيا، وإنما التنفيذ مناط بمجلس الأمن. ومن الخطأ أن نعتبر أن قرارات الجمعية العامة ليس لها اثر على هذه الدول، فالاتفاقيات التي تعتمدها الجمعية العامة يجب على الدول أن تعتمدها وتنفذها، واعتقد أن المطلوب أن نضع قواعد تنفيذ، فسيادة الدول تمنعنا من إجبار الدول على التنفيذ، لكن يفترض من الدول عندما توافق على قوانين المنظمة أن تطبق هذه القوانين. أنظر لمجس الأمن لأنه يطبق عقوبات تنفيذية تتعلق بالأمن والسلام، فإن الدول تنفذ قرارات مجلس الأمن.

* ولماذا لا يكون هناك تنسيق مع مجلس الأمن من أجل إلزامية تطبيق القرارات الصادرة من الأمم المتحدة؟

ـ بالفعل يجب أن يكون هناك رابط بين القرارات الصادرة بين الجمعية العامة ومجلس الأمن من حيث التطبيق.

* هناك انتقادات حادة توجه للجمعية العامة بعدم سلطتها على الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، كيف يمكن إضفاء شخصية اعتبارية على الجمعية العامة لتشمل جميع دول العالم؟

ـ أعتقد أن على الدول العظمى دائمة العضوية ان تحسب حساب الجمعية العامة، واعتقد أن ما يجري من تجمعات بين دول العالم في الجمعية العامة، مثل دول عدم الانحياز، يساهم في تقوية الجمعية وإعطاء قراراتها الأهمية التي تأخذها بالاعتبار جميع الدول، لذا تجد أن هناك قرارات تتخذ ضد مصالح الدول الخمس دائمة العضوية، وتقوم بتنفيذها كما تم اتخاذها.

* بلادك (البحرين) لا ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وأنت بحكم موقعك تلتقين بمسؤولين إسرائيليين، كيف تصنفين علاقتك مع هؤلاء المسؤولين وأنت امرأة خليجية عربية؟

ـ رئيس الجمعية العامة منتخب من جميع الدول الأعضاء، ومنها اسرائيل، إنما دوري كالقاضي الذي يحكم والجميع لديه سواسية. ومن أجل أن أخدم بلدي وعروبتي يجب أن أحكم بحيادية بين هذه الدول جميعا، واسرائيل من ضمنها. ونحن العرب بحاجة أن نظهر للعالم أننا نحترم القانون.

* هل لديكم أي اتصالات أو وساطات لتخفيف الاحتقان في بعض المناطق المتوترة بالعالم، كما يحدث حاليا بين الولايات المتحدة وايران؟

ـ لا يمكن لرئيس الجمعية العامة أن يتدخل في مثل هذه المسائل بدون طلب أي دولة التدخل لحل هذه الأزمات. وإذا قررت أي دولة الطلب للتدخل فنحن على استعداد لمثل هذه الوساطة.