دبلوماسي أميركي: الحل في العراق «لن ينزل من السماء».. ولكنه بيد العراقيين

قال إن أمام العراقيين مسافة قصيرة لتحقيق الإجماع السياسي.. وإن الديمقراطية لا تبنى بخطوة واحدة أو اثنتين

روبرت فورد
TT

نفى دبلوماسي أميركي رفيع المستوى وجود أي أجندة أو برامج تعاون أو دعم قدمتها واشنطن لأي طرف عراقي على حساب الآخر، خصوصا للجماعات التي وصفها بـ«الإرهابية والسلفية المتمثلة بتنظيم القاعدة والجهات المرتبطة بها».

وقال روبرت فورد سفير الشؤون السياسية في السفارة الأميركية ببغداد خلال لقاء جمعه بمجموعة من الصحافيين العراقيين على طاولة مستديرة بمقر السفارة داخل المنطقة الخضراء ببغداد، «ليست لدينا أجندة طائفية أو متطرفة.. وليس لدينا أي علاقة بجهات سلفية، فنحن لدينا مشكلة في الاساس مع متطرفين سلفيين مثل القاعدة في أماكن كأفغانستان والمغرب العربي وهنا في العراق وفي أماكن عديدة أخرى من العالم».

وأضاف فورد الذي كان يتحدث العربية بصورة متقنة «التطرف لا يوصل إلى حل، وخلال فترة السفير السابق خليلزاد كنا نتمنى من العراقيين بمختلف شرائحهم الكبرى الوصول إلى حلول وسطى للمشاكل والتحديات التي تواجه مصير بلادهم، الإدارة الأميركية تحاول دائما الحفاظ على وحدة العراق». وأضاف ان «السياسة الأميركية ومهمة السفير زلماي كانت تهدف بالدرجة الأساس الى مساعدة العراقيين على إيجاد إجماع سياسي لحل مشاكلهم»، مؤكدا أن أمام العراقيين مسافة قصيرة للوصول إلى هذا الإجماع.

وأوضح السفير فورد أنه توجد هناك أزمة ثقة بين شرائح المجتمع العراقي، واسترجاع هذه الثقة سيأخذ وقتا، لكن في الوقت نفسه يمكن القيام بخطوات عملية في الأسابيع المقبلة لبداية إنشاء جسور بين الشرائح المجتمعية عن طريق جملة من المشاريع والقوانين المهمة كمشروع توزيع الإيرادات، أو إيجاد إجماع بخصوص موضوع مسودة قانون النفط والغاز الجديد.

وأكد المسؤول الأميركي «اذا استطاعت القاعدة السياسية في العراق خلق أو الوصول إلى هذا الإجماع في مشاريع القوانين المهمة مثل مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات المحلية، فسوف يحققون خطوة تقدمهم نحو الأمام، مع وجود تقارب في وجهات النظر بخصوص هذه المسألة بين بعض السياسيين». وأكد السفير الأميركي الذي سيغادر العراق بعد أسبوعين متوجها إلى الجزائر من اجل تسلم مهتمة الجديدة كسفير للولايات المتحدة هناك، ان حل المسألة أو المشكلة العراقية يكمن بيد العراقيين أنفسهم وليس في طهران أو أنقرة أو الرياض أو واشنطن، مضيفا «الحل في العراق لن ينزل من السماء على الإطلاق».

وعن عمله في العراق الذي امتد لأكثر من أربع سنوات، قال السفير «نجحنا في بعض الأشياء ولا زالت تواجهنا صعوبات كبيرة في أشياء أخرى وبحسب المسار الرئيسي للولايات المتحدة، فقد تمكنا من تحقيق بعض الانجازات»، موضحا أن احد أسباب الإخفاقات في سير العملية السياسية وتأثيره على عمل الحكومات المتعاقبة في العراق خلال الفترة الماضية كان متمثلا في وجود أحزاب طائفية تعتمد في نهجها على المذهب والعرق. واستبعد السفير أن يتم بناء العملية الديمقراطية بخطوة أو خطوتين أو حتى ثلاث، وإنما تحتاج لعدة خطوات، وكذلك تحتاج لوقت طويل وصبر كبير من اجل ترسيخ مبادئ تلك العملية في عقول ونفوس المواطنين، لكن هناك مؤشرات ايجابية على ترسيخ تلك العملية في العراق».

وفي رده على اتهام بأن القوات الأميركية مسؤولة عن خلق الفوضى القائمة بالعراق، قال فورد «من الناحية الواقعية فان 180 ألف جندي أميركي لا تساوي شيئا في بلد تعداده السكاني يفوق 26 مليون نسمة، لذلك وفي نهاية المطاف فان الحل بأيدي العراقيين أنفسهم للخروج من الأزمة المعقدة التي يعيشونها، والأميركيون ممكن أن يتأثروا قليلا في ذلك».

ونفى فورد الاتهامات التي يوجهها بعض القادة والسياسيين العراقيين للأميركيين بشأن فرضهم للقرارات والأوامر، وخصوصا فيما يتعلق بالنسبة للخطة الأمنية أو العمليات العسكرية؛ وهو ما يؤدي إلى تهميش والتجاوز على صلاحيات رئيس الوزراء نوري المالكي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة في العراق، قائلا «لا يوجد أي فرض للقرارات بشأن الخطة الأمنية أو العمليات العسكرية، وإنما هناك تنسيق وبرامج عمل مشتركة بين القيادات الأميركية والعراقية بهذا الخصوص، وهو تنسيق أفضل مما كان عليه الوضع في الأعوام السابقة، رغم وجود بعض الاختلافات في وجهات النظر والآراء بين الطرفين».

وأضاف «نسبيا هناك تحسن ملحوظ وكبير في قدرة القوات المسلحة العراقية في أداء الواجب العسكري، وبالإمكان إدخال تحسين إضافي على هذه القوات من خلال برامج التكوين والتدريب والتسليح لتلك القوات المحلية من قبل القوات الأميركية».

وحول التقرير الذي سيصدره قائد قوات التحالف في العراق ديفيد بترايوس والنتائج المتوقعة لهذا التقرير في واشنطن في حال لو كانت نتائج هذا التقرير سلبية، قال «في هذه الحالة فان الضغط السياسي في واشنطن سيزيد على إدارة الرئيس بوش، وان المساندة السياسية لاستمرار الوجود الأميركي العسكري في العراق سيتقلص تدريجيا، لاسيما وان المساندة السياسية في واشنطن انخفضت خلال الفترة الأخيرة، لكن الرئيس بوش ملتزم ومصمم على نجاح الاستراتيجية الحالية، لأنه ما زال يتوقع ومتفائل في نفس الوقت بأن الحكومة العراقية سوف تتوصل إلى الحلول السياسية لإيجاد الإجماع السياسي».

وشدد الدبلوماسي الأميركي على ضرورة استفادة الطبقة السياسية في العراق من التقدم النسبي والتدريجي لبعض الانجازات التي تحققت في الفترة الماضية، وتوجيه رسالة من قبلهم إلى الطبقة السياسية الأميركية والى الشعب الأميركي بشكل عام بأن عملية الوصول إلى إجماع وتوافق على بعض المشاريع والقوانين المهمة في البلاد ممكن خلال الفترة القادمة، وبالتالي تحقيق وعودة الاستقرار في بلادهم، لأن التقدم سياسيا وامنيا في العراق مهم جدا لتطمين الطبقة السياسية الأميركية بان استراتيجية الرئيس بوش ستنجح في العراق.

وعن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تسعى الولايات المتحدة لتطبيقه في المنطقة رغم الصعوبات والعراقيل والاعتراضات التي تواجه هذا المشروع، قال «سنعمل على خلق انفتاح ديمقراطي أكثر وأكثر في منطقة الشرق الأوسط، ونحن في أميركا ندعم الأطراف والجهات التي تحاول فتح أبوابها للديمقراطية، ولا نزال نراهن على شرق أوسط جديد».