خلاف الأولويات عرقل تقدم الحوار اللبناني وموفد فرنسي غدا في بيروت

بري لـ«الشرق الأوسط»: 90% من الصورة السوداء بدأت تنقشع

TT

فتح اللقاء الحواري اللبناني الذي انعقد في باريس يومي السبت والاحد كوة صغيرة في جدار الازمة اللبنانية المفتوحة على كل الاحتمالات في ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية واحتمالات الفراغ الرئاسي او الانقسام الدستوري اذا لم يتم التوصل الى اتفاق قبله.

ونجح الجهد الفرنسي في جمع ممثلي القادة السياسيين ـ بعد طول انقطاع ـ حول طاولة واحدة، رغم انه لم يتمكن من احراز تقدم بارز، اذ بقي التباين في الاولويات سيد الموقف، في ظل مطالبة المعارضة بتأليف حكومة وحدة وطنية تبحث ملف الرئاسة الاولى متشجعة بموقف البطريرك الماروني نصرالله صفير وبعض اطراف فريق الاكثرية المصرّ على «اكثرية الثلثين» كنصاب لجلسة الانتخاب ما يحتم التوافق مع المعارضة، وهو ما عبر عنه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري بقوله لـ«الشرق الأوسط» بان كلام البطريرك يعني ان 90 في المائة من الصورة السوداء بدأت تنقشع. ورفض بري الرد على سؤال عن مواقف صدرت عن قيادات في «14 اذار»، معتبرا ان بعض اصحابها «ينظرون في كيفية وصولهم الى هذا الموقع». وفي المقابل كانت الاكثرية تؤكد ضرورة طرح موضوع الرئاسة ـ والاسماء اذا اقتضى الامر ـ الان لان الحيز الزمني الضيق لم يعد يسمح بالبحث في الموضوع الحكومي، وهو ما اكده وزير الاتصالات مروان حمادة الذي قال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من باريس ان فريق الاكثرية كان «مستعدا لبحث الملف الرئاسي، لكنهم (المعارضة) لا يريدون ان يبحثوا الا في الحكومة».

في المقابل، دفعت فرنسا باتجاه الاستفادة من النتائج الخجولة للقاء الحواري، اذ يصل الى بيروت غدا ممثل وزير الخارجية الفرنسي السفير جان كلود كوسران لاجراء «اتصالات تحضيرية» لعقد جولة ثانية من الحوار بين الشخصيات نفسها تردد ان موعدها 28 يوليو (تموز) الجاري من اجل التحضير لمعاودة الحوار المتوقف بين قيادات الصف الاول.

وكشف الوزير حمادة لـ«الشرق الأوسط» ان الاكثرية ابدت استعدادها للعمل على سلة واحدة تتضمن تأليف حكومة وحدة وطنية والاتفاق في الملف الرئاسي. وقال: «نحن نتمنى ان يعود الحوار بين القيادات الى بيروت من اجل ايجاد حل للاستحقاق الرئاسي والحكومي وان يكون بالتزامن»، مشيرا الى ان «المعارضة لم تلتزم هذا الطرح، لكنها لم تقفل الباب». ورجح ان لا يكون المشاركون في المؤتمر مفوضين الموافقة.

وردا على سؤال حول موقف البطريرك الماروني نصرالله صفير حول نصاب الثلثين، قال حمادة: «هناك آراء عدة داخل الاكثرية تؤيد هذا الاتجاه. كما توجد آراء اخرى مختلفة»، واضاف: «اتصور ان هناك دورا اساسيا لكل هذه المرجعيات الدينية يتمثل بتأمين وجود الثلثين من النواب اذا كانت مصرة على هذا النصاب» رافضا ان يتم «ابتزاز الاكثرية بمسألة النصاب». ورأى «ان القاعدة الاساسية هي حضور كل النواب لا حضور الثلثين فقط». واكد انه بين خياري انتخاب رئيس باكثرية عادية والفراغ الدستوري سيتم الاخذ بالخيار الاول، جازما بان جميع قوى «14 اذار» ستكون حاضرة عندها للتصويت بمن فيهم التكتل الطرابلسي الذي اعلن اول من امس التزامه نصاب الثلثين.

واعتبر حمادة ان لقاء باريس «لم يفشل ولم ينجح» وانه «كان فرصة لتبادل الاراء بعد انقطاع طويل».

وفي بيروت، ابلغ رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية، النائب روبير غانم، «الشرق الأوسط» انه طلب الى لجنة تحديث القوانين بحث موضوع النصاب فجاءت الآراء بشبه اجماع على امكانية انتخاب الرئيس في الدورة الثانية بنصاب عادي، مشددا على ضرورة عدم تعطيل عملية الانتخاب.

وتخوف من خيارين «كلاهما سيئ» اذا لم يتم الوصول الى رئيس «وفاقي». وهما الفراغ الدستوري او الاتيان برئيس فئوي يمثل طرفا واحدا. وعلق اهمية كبيرة على حصول الانتخابات في موعدها. واذ وصف كلام البطريرك صفير بانه «موقف»، قال: «لا يجوز ان يتم تعطيل عملية الانتخاب لمجرد ان البعض لا يمتلك الاكثرية الكافية لانتخاب رئيس»، مشيرا الى ان الدستور لو كان يريد نصاب الثلثين لنص على ذلك صراحة.

وكان غانم قد ترأس امس اجتماعا لهيئة تحديث القوانين التي تضم قضاة حاليين وسابقين ورجال قانون. وسئل عقب الاجتماع عن التفسير الذي اعتمدته هيئة تحديث القوانين للمادة 49 من الدستور والمتعلقة بالنصاب القانوني لانتخابات رئيس الجمهورية في ظل خلاف فريقي 14 و8 اذار حيال هذا الموضوع، فاجاب: «نحن نقول ان افتتاح جلسة انتخاب رئيس الجمهورية يجب ان يكون النصاب فيها ثلثين في الدورة الاولى. وتجري الدورة الاولى بنصاب الثلثين (...) اما في الدورة الثانية والدورات اللاحقة فيكون النصاب الاكثرية المطلقة، اي النصف زائد واحد من عدد الاعضاء الاحياء في مجلس النواب».

واستبعد رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع تشكيل حكومة جديدة، وسأل: «أمن المنطق التفكير في تشكيل حكومة لاسيما اننا على بعد شهرين من بداية مرحلة الانتخابات الرئاسية؟». وقال: «من الافضل الذهاب مباشرة الى الاستحقاق الرئاسي وتأمين ظروفه ومناخاته ونصابه لاجرائه. وعلى اثر هذه الانتخابات تعتبر الحكومة مستقيلة وعندها تشكل حكومة جديدة». واعرب عن الاستعداد «منذ الان، للبحث في الحكومة الجديدة علنا» داعيا الى «الاتفاق على انتخابات رئاسية طبيعية الى جانب التوافق على الحكومة التي ستلي هذه الانتخابات».

وعن موقف «التكتل الطرابلسي» بعدم المشاركة في جلسة لا تتضمن نصاب الثلثين، ذكر جعجع ان «التقليد السائد في لبنان هو وجود الثلثين واكثر في الانتخابات الرئاسية»، مشددا على «ضرورة سعي الجميع الى تأمين نصاب الثلثين واكثر. ولكن اذا وصلنا الى موعد انتهاء ولاية الرئيس (اميل) لحود واصبحنا امام خيار من اثنين: احترام التقليد السائد والوقوع في فراغ دستوري وبالتالي تطيير رئاسة الجمهورية او عدم التقيد بهذا التقليد شرط الحفاظ على هذه الاخيرة وانتخاب رئيس جديد، فان الجميع سيعتمد الخيار الثاني ومن ضمنهم التكتل الطرابلسي». وحذر من «خطورة الفراغ الدستوري» مبديا «عدم الموافقة على الغاء رئاسة الجمهورية في لبنان لاعتبارات اخرى».