حزب العدالة والتنمية التركي يتصدر استطلاعات الرأي في بورصة الفوز بالانتخابات التشريعية

أنقرة احتجت لدى النمسا على ترحيل متمرد كردي مطلوب

أعلام الحزب القومي وتمثال لمؤسس تركيا الحديثة كمال اتاتورك، قبيل الانتخابات التشريعية (أ.ب)
TT

رجح استطلاع للرأي ان يفوز حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بالغالبية المطلقة في الانتخابات التشريعية بعد غد الاحد التي يتوقع ان يشارك فيها الاكراد في حين قال محللون ان هذه الانتخابات لن تساهم على الارجح في تخفيف حدة التوتر بين الجناحين العسكري والمدني للحكم. وقد اظهر استطلاع الرأي الذي أجراه معهد كوندا وشمل عينة من 3592 شخصا بين الرابع عشر والخامس عشر من يوليو ونشرته صحيفة راديكال، ان حزب العدالة والتنمية سيحصل على 42.6% من الاصوات. وبذلك سيفوز حزب رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بما بين 310 و340 مقعدا من اصل 550 في البرلمان.

وكان حزب العدالة حصل على 34% من الاصوات في الانتخابات التشريعية الماضية عام 2002 وسيطر على ثلثي مقاعد البرلمان (365) بفضل النظام الانتخابي النسبي في تركيا. ويتوقع ان تحصل اكبر قوة معارضة في البرلمان وهي حزب الشعب الجمهوري (اجتماعي ديمقراطي) على 17.3% من الاصوات ليفوز اي ما بين 100 الى 120 نائبا.

كذلك يرتقب ان يتخطى حزب ثالث هو حزب العمل القومي عتبة العشرة في المائة من الاصوات الضرورية على الصعيد الوطني للدخول الى البرلمان وان يحصل على نحو 12.5% من الاصوات (ما بين سبعين الى تسعين نائبا). وتوقع الاستطلاع ان يحصل المرشحون المستقلون ومعظمهم من الاكراد على 5.7% من الاصوات ما يعادل 25 الى 35 نائبا. وأعرب 11,1% من الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع عن ترددهم. وأفاد معهد كوندا ان حزب العدالة قد يفوز بنحو 47.7% اذا تم احتساب اصوات المترددين. وكان الجيش تسبب في إقالة اربع حكومات منذ 1960 وهدد بالتدخل دفاعا عن العلمانية في حين الغت المحكمة الدستورية في آخر المطاف انتخاب الرئيس من طرف البرلمان. كذلك، يتوقع ان يشارك الاكراد في الانتخابات المقبلة وذلك للمرة الاولى بعد 13 عاما على استبعادهم عن البرلمان.

وكانت الاقلية الكردية منحت وبضغط من الاتحاد الاوروبي، مزيدا من الحرية في المجال الثقافي ورفعت حال الطوارئ في جنوب شرقي البلاد. لكن الاكراد لا يزالون يشتكون من التمييز ويطالبون بتعليم لغتهم في المدرسة والاعتراف باللغة الكردية في الحياة العامة. ويبقى الفقر ايضا يطرح مشكلة خطيرة في هذه المنطقة حيث يمكن ان تصل معدلات البطالة الى 70% في المناطق المحرومة فيما لا يزال عدد كبير من القرى بدون كهرباء ولا مياه عذبة.

ولكن رغم تصدر حزب العدالة والتنمية استطلاعات الرأي، فانه قد يخوض صراعا جديدا مع الجنرالات بعد الانتخابات التشريعية اذا لم يتم الاتفاق على مرشح للرئاسة. ويتوقع محللون أن لا تؤدي الانتخابات التشريعية المبكرة الى وضع حد للتوتر السائد بين الدفتين المدنية والعسكرية للحكم. ولم يكن تحذير قيادة الجيش من اي تشكيك في مبدأ علمانية الدولة الذي أرساه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال اتاتورك عام 1923 سوى تذكير سافر بنفوذ المؤسسة العسكرية على الحياة السياسية وعزمها على الاستمرار في ممارسته.

ويقول الخبير احسان داغي لوكالة الصحافة الفرنسية «العفريت خرج من القمقم واعادته ستتطلب وقتا. اذ قد يستغرق الامر من ثلاث الى خمس سنوات قبل ان تصبح العلاقات بين العسكريين والمدنيين كما يجب ان تكون عليه». لكن الامر لا يتعلق في الواقع بازمة بشان علمانية تركيا وانما بشان نظامها السياسي الذي يمنح الرئيس حق مراقبة اداء الحكومة ويمنح الجيش دور حامي مؤسسات الدولة كما يرى المعلق السياسي علي بيرم اوغلو. يقول اوغلو «انه صراع على السلطة مع العسكريين الذين يتصدون بشدة لأي انتقاص من دورهم في حال تولى حزب العدالة والتنمية الرئاسة».

بدأت متاعب الجيش في السنوات الخميس الاخيرة عندما اعتمد حزب العدالة والتنمية، الفائز في الانتخابات التشريعية السابقة عام 2002، عدة اصلاحات لتسهيل انضمام البلاد الى الاتحاد الاوروبي انتقصت بعضها من سلطات العسكريين. هذه الاصلاحات شجعت ايضا زيادة التحرر الاقتصادي الذي كانت ثمرته معدل نمو قوي واستثمارات خارجية قياسية. ويقول البروفسور داغي «في مجتمع يشهد هذا التحول السريع لا يمكن ان نتحدث عن دور خاص للجيش». وفي هجومه المضاد حصل الجيش على الدعم من ملايين الاتراك الذين نزلوا الى الشوارع في كبرى مدن البلاد للتنديد بحزب العدالة والتنمية وايضا بالاتحاد الاوروبي والعولمة استجابة خاصة للتنظيمات العلمانية التي تضم عددا كبيرا من العسكريين السابقين.

ويقول سونر جاغبتاي مدير برنامج الابحاث المتعلقة بتركيا في معهد واشنطن لابحاث الشرق الادنى «واشنطن انستيتيوت فور نير ايست بوليسي» ان «تركيا تعد اجمالا بلدا مستقرا مع خمس سنوات من النمو. لكن اذا نظرنا بامعان نجد ان تركيا ليست مستقرة على الاطلاق بالنسبة لملايين الاتراك من ابناء الطبقة المتوسطة الذين يرون في حزب العدالة والتنمية تهديدا».

وقد مارس العسكريون ايضا ضغوطا على الحكومة في الاشهر الاخيرة كي تتدخل ضد قواعد مقاتلي حزب العمال الكردستاني (الانفصالي المحظور) في شمال العراق المجاور. الا ان اردوغان اكد بحزم ان هذا القرار يرجع الى الحكومة وحدها داعيا العسكريين الى الاهتمام اولا بالمتمردين الموجودين داخل البلاد.

من جانب اخر، احتجت وزارة الخارجية التركية لدى النمسا لسماحها لمتمرد كردي مطلوب بالسفر الى شمال العراق عوضا عن ترحيله الى تركيا متهمة حلفاءها الاوروبيين بالإساءة الى اهداف الحرب ضد الارهاب.

وقال وزير الخارجية التركي عبد الله غل ان انقرة استدعت امس السفير النمساوي الى وزارة الخارجية حيث سلمته رسالة رسمية تحتج على قرار حكومته السماح لعلي رضا ألطون بالسفر الى شمال العراق. ويشتبه بان الاخير مسؤول عن تمويل حزب العمال الكردستاني في اوروبا.