مؤتمر المصالحة في الصومال ينعقد على وقع قذائف أوقعت 6 قتلى

الاتحاد الأفريقي يدعو الأمم المتحدة إلى دعم قواته

TT

استؤنف في العاصمة الصومالية امس مؤتمر المصالحة الوطنية الذي دعت اليه الحكومة الصومالية الانتقالية، الا انه واجه هجوما آخر شنه مسلحون بقذائف الهاون على مقر المؤتمر، لكن ذلك وقع بعد انتهاء جلسات النقاش ومغادرة المشاركين لقاعة المؤتمر.

وجاء استئناف جلسات مؤتمر المصالحة وسط مخاوف من تكرار الهجمات بقذائف الهاون التي أدت الى انفضاض الجلسة الافتتاحية للمؤتمر يوم الأحد الماضي، وقد تكرر ذلك بالفعل امس لكنه تزامن مع مغادرة المشاركين لقاعة المؤتمر، حيث لم يصب أحد من المشاركين بأذى. وسقطت 8 قذائف هاون على محيط مقر انعقاد المؤتمر في مجمع تابع للشرطة الصومالية بشمال العاصمة مقديشو، في تحد واضح لسلطات الأمن الحكومية التي تم وضعها في حالة استنفار قصوى بعد نشر آلاف منها في شوارع مقديشو تدعمها أيضا وحدات من الجيش الإثيوبي.

وأسفر هذا الهجوم عن مصرع 6 أشخاص من المدنيين وجرح أعداد أخرى. وقد شهدت العاصمة منذ صباح امس عددا من الهجمات التي شنها المسلحون المعارضون للحكومة ووقع أعنفها في منطقة «البكارو» التي يقع فيها أكبر الأسواق في العاصمة مما أدى الى إغلاقه وتوقف الحركة في هذه المنطقة الأكثر ازدحاما في العاصمة. واعلن موقع «المجاهد» التابع لتنظيم حركة «المجاهدين الشباب» (إحدى أبرز الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة) مسؤوليته عن قتل 10 جنود حكوميين، الا أن ذلك لم يتأكد من مصادر محايدة. وفي مدينة «أفجوي» الواقعة على بعد 30 كم الي الغرب من مقديشو انفجر لغم زرع بجانب الطريق على عربة كانت تقل جنودا حكوميين. وأفاد شهود عيان بأن 6 من الجنود أصيبوا بجروح مختلفة في هذا الهجوم. وقد حضر مئات المشاركين الى قاعة المؤتمر في مجمع «جادِيدْكا» التابع للشرطة الصومالية بشمال العاصمة مقديشو رغم التهديدات المتكررة التي وجهها المؤتمرون الى المشاركين في مؤتمر المصالحة، وحضر جلسة امس رئيس الوزراء الصومالي علي محمد جيدي الذي ألقي خطابا أمام المؤتمرين أسوة بما فعله الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد في الجلسة الافتتاحية يوم الأحد الماضي. وقال رئيس الوزراء الصومالي «ان حكومته مصممة على تحقيق مصالحة شاملة في البلاد على جميع المستويات لخلق جو سياسي مستقر يمكّن من إجراء انتخابات حرة في البلاد يختار الصوماليون من خلالها شكل الحكم الذي يريدونه». وكشف جيدي الذي عاد لتوه من جولة عربية وأفريقية حصول حكومته على دعم سياسي من الدول التي زارها وخص بالذكر المملكة العربية السعودية.

وأشاد جيدي بدور خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وقال «انه تعهد بدعم الشعب الصومالي ويتابع الوضع في الصومال عن قرب»، كما ساهم في إنجاح مؤتمر المصالحة انطلاقا من العلاقة التي وصفها رئيس الوزراء الصومالي بـ«التاريخية» بين الشعبين والقيادتين في كلا البلدين. وأعرب رئيس الوزراء الصومالي عن تفاؤله بأن يسفر هذا المؤتمر عن نتائج إيجابية، وأن الحكومة الانتقالية ستبذل كل ما في وسعها للدفع في هذا الاتجاه. وقد تم توزيع أجندة المؤتمر على المشاركين الذين زاد عددهم عن ألف فرد يمثلون القبائل الصومالية المختلفة وشملت القائمة كمّا كبيرا من القضايا العالقة التي تم اعتبارها بأنها سبب مباشر لاستمرار الأزمة الصومالية منذ أكثر من عقد ونصف العقد، واحتلت ـ مسائل من قبيل نزع السلاح وتحقيق الأمن واقتسام السلطة والثروة والحكم الرشيد وإعادة الممتلكات الي أصحابها الحقيقيين ـ صدارة أجندة مؤتمر المصالحة الصومالية. وتضم قائمة أجندة مؤتمر المصالحة الصومالية أيضا قضايا أخرى من بينها وحدة الأراضي الصومالية والديمقراطية والتطرف الديني والميثاق الوطني الانتقالي والإحصاء السكاني، إضافة الى إنشاء أحزاب سياسية وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة عام 2009. وركز المنظمون على مسألة احتواء النزاعات القبلية بين الصوماليين كمدخل لحل الأزمة الصومالية التي تمثل القبلية المسيّسة أحد أركانها. ومن المقرر أن يناقش المؤتمرون على مدى شهرين كل هذه القضايا المتنازع عليها، في الوقت الذي تتزايد فيه المخاطر الأمنية التي تواجه المشاركين في المؤتمر من خلال تهديدات المسلحين بقتلهم واستهداف مقر المؤتمر والفنادق التي يقيمون فيها، في الوقت الذي لم تتمكن فيه القوات الحكومية بعد من القضاء على عمليات الجماعات المسلحة.

من جانب اخر، دعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في اجتماع عقده بشأن الصومال في أديس أبابا أمس الأمم المتحدة إلى تقديم المساعدات المالية واللوجستية والفنية اللازمة للقوات الأفريقية في الصومال في إطار البند الثامن من ميثاق المنظمة الدولية، وذلك إلى حين صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بشأن نشر عملية أممية لحفظ السلام في البلاد.

وكان المجلس قد قرر تمديد تفويض البعثة الأفريقية لحفظ السلام في الصومال (أميسوم) التي تنتهي اليوم لمدة ستة أشهر أخرى.

وأشار المجلس إلى ضرورة نشر عملية دولية لحفظ السلام في الصومال لتولي مهام (اميسوم) وتقديم الدعم من أجل تحقيق الأمن والاستقرار وإعادة الاعمار ما بعد النزاع  في البلاد، وناشد مجلس الأمن الدولي الاسراع في المبادرة باتخاذ الإجراءات اللازمة لنشر هذه العملية.

وحث المجلس الدول أعضاء الاتحاد الأفريقي وشركائه على تقديم كافة انواع الدعم المالي واللوجستي والفني اللازم لسرعة استكمال نشر قوات البعثة الأفريقية لحفظ السلام في الصومال ( أميسوم )، منوها بالحكومة الأوغندية لما بذلته من جهود في الصومال.

وناشد المجلس المجتمع الدولي تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للشعب الصومالي وحث الأطراف المختلفة في البلاد على عدم إعاقة جهود الوكالات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال. كما ناشد المجلس المجتمع الدولي تقديم جميع أشكال الدعم اللازم للحكومة الصومالية لمساعدتها على أداء مسؤولياتها.

ودعا المجلس جميع الدول أعضاء الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي إلى وقف أي دعم لما وصفها بالعناصر المتطرفة، وتقديم الدعم الكامل للجهود الحالية الرامية لتحقيق مصالحة شاملة من خلال الحوار السياسي الشامل في البلاد.