وثيقة أوروبية تكرس مبدأ «من يلوث يدفع» للحد من تلوث المياه

الجفاف يهدد دول الاتحاد ويكلفها 100 مليار يورو خلال الثلاثين عاما الأخيرة

توقعات بحدوث موجات من الفيضانات والجفاف والتصحر والعواصف وانقراض سلالات حيوانية ونباتية مع اقتراب نهاية القرن الحالي (رويترز)
TT

أعلن الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي في بروكسل عن وثيقة جديدة تتعلق بخطط العمل الأوروبي المشترك خلال المرحلة المقبلة في إطار محاربة الجفاف ونقص المياه في ظل التغير المناخي.

وقال المفوض الأوروبي المكلف شؤون البيئة ستافروس ديماس، إن الوثيقة تهدف إلى فتح باب النقاش بين مختلف الأطراف الأوروبية المعنية من حكومات ومؤسسات وصناعيين ومزارعين ومجتمع مدني، حول كيفية مواجهة احتمالات نقص المياه، وترشيد استهلاكها في ظل التغير المناخي المتسارع، الذي يحمل آثارا بيئية خطيرة على الحياة اليومية للسكان.

وأضاف المفوض الأوروبي في تصريحات له في بروكسل «إن الحصول على المياه هو حق أساسي لكل الأفراد، من أجل تأمين استمرار الحياة والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية»، مشيراً إلى أن «للتغير المناخي آثارا خطيرة على مصادر المياه، إن لم يتم تفادي نقص المياه بشكل مسبق».

الوثيقة الجديدة تقترح تحديد أسعار المياه، وتكريس مبدأ «من يلوث يدفع» على الصعيد القانوني، للحد من الأنشطة التي تسبب تلوث المياه، كما تقترح إجراءات لترشيد استهلاك المياه سواء خاصة في الأنشطة الاقتصادية والصناعية، وتوزيع حصص المياه بشكل أكثر عدلا في دول الاتحاد الأوروبي ومناطقه المختلفة.

وأوضحت مصادر رسمية أن ممارسات سكان الاتحاد الأوروبي تتسبب في هدر ما يقارب من 40 في المائة من المياه، علماً بأن هذه النسبة ارتفعت أخيرا بشكل مخيف، بعد أن كانت تبلغ 20 في المائة منذ عدة سنوات فقط.

وتحذر الدراسات الأوروبية من احتمالات نقص المياه في السنوات المقبلة في أراضي الاتحاد الأوروبي، وذلك على الرغم من اعتبار مصادر المياه كافية حتى الآن، وتقول تلك الدراسات إنه «خلال الثلاثين عاما الأخيرة، ازدادت فترات الجفاف في الاتحاد الأوروبي، وهو ما كلف الدول الأعضاء ما يقارب 100 مليار يورو».

وبحسب الدراسات، فإن عام 2003 شهد موجة حر وجفاف أوروبية غير مسبوقة أثرت على 100 مليون نسمة، وكلفت الدول المتضررة 8.7 مليار يورو. وكانت بروكسل قد شهدت في أبريل (نيسان) الماضي مؤتمر أعضاء ما يعرف باسم المجموعة الثانية أو «الخبراء الحكوميين» التابعين للأمم المتحدة وصدر في ختامه تقرير جاء في 1400 صفحة، توقع فيه حدوث موجات من الفيضانات والجفاف والتصحر والعواصف وانقراض ما بين 20 إلى 30 في المائة من السلالات الحيوانية والنباتية مع اقتراب نهاية القرن الحالي، إذا لم يتم التصدي لظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض. وأكد الخبراء في التقرير، أن الآثار الأكثر سلبية هي التي ستضرب الدول النامية والفقيرة وبخاصة في أفريقيا وآسيا. وانه بحلول عام 2080 سيعانى 3.2 مليار شخص من نقص حاد في المياه، كما سيعانى 600 مليون شخصا من المجاعة. وعلى العكس من ذلك، سوف يؤدي ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى غرق المناطق الساحلية والمنخفضة وتعرض مئات الملايين من الأشخاص للفيضانات نتيجة ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات بسبب ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي.

وتضمن التقرير توصيات تشدد على العمل من أجل الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل لا يتجاوز الدرجتين مئويتين حتى نهاية القرن الحالي. كما يظهر التقرير الآثار المأساوية لارتفاع درجة حرارة الأرض على النظم البيئية والكائنات الحية والموارد المائية.

وتعليقاً على صدور هذا التقرير، قال المفوض الأوروبي المكلف شؤون البيئة ستافروس ديماس «إن الدراسة تثبت صحة الأهداف التي سبق أن وضعها الاتحاد الأوروبي لضرورة الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، بحيث لا يتجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض معدل درجتين مئويتين، وذلك للحد من الآثار المأسوية المتوقعة من جراء ظاهرة الاحتباس الحراري». وأضاف ديماس في ذلك الوقت أن المفوضية بصدد إصدار «كتابا أخضر» يتناول سبل التأقلم مع ظاهرة التغيرات المناخية والمجالات التي تحتاج إلى عناية خاصة، وتغير في السلوكيات أكثر من غيرها من أجل المساعدة على الحد من ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الجو، مشيرا إلى أن درجة حرارة الأرض ارتفعت بالفعل حاليا بمقدار 0.8 درجة مئوية بالمقارنة ببداية عصر الصناعة.