وزارة الصناعة العراقية تشجع القطاع الخاص على الاستفادة من حديد «السكراب»

تهريب المعادن لدول الجوار يهدد الاقتصاد العراقي

TT

تعد ظاهرة تهريب المعادن من داخل العراق لدول الجوار من المشاكل المزمنة، التي رغم تشدد النظام السابق للحد منها، إلا أنها استمرت لتتطور إلى مشكلة أضحت تهدد الاقتصاد العراقي بشكل عام والقطاع الصناعي بشكل خاص.

مهنة وصفها احد العاملين بها بأنها متشعبة وغاية في التنظيم، «وخطرة جدا أيام حكم صدام، لكنها الآن رسمية وتمارس بمباركة السلطات». وأضاف حمزة معيان وهو صاحب (كوره) صغيرة لصهر المعادن داخل الحي الصناعي لجنوب شرق العاصمة بغداد، أن «أهم ما يميز العراق هو استخدامه في السابق للمواد الأصلية في ما يخص المعادن، أي أن الدول المنتجة لها بدأت بتسويق منتجات اقل جودة، وهذا ما جعل معادننا مواد خاما لهذه الصناعات، فيما أسهم الفارق السعري في تشجيع الكثيرين على ممارسة مهنة التهريب سابقا والتصدير حاليا لهذه المعادن بكافة أنواعها، مثل النحاس والرصاص والفافون المستخدم في أواني الطبخ والحديد شديد الصلابة، الذي كان يستخدم سابقا في صناعة الأسلحة وغيرها».

وعن كيفية جمعها وتهريبها أوضح معيان، أن «هذه العملية معقدة جدا، تبدأ من داخل البيوت العراقية نفسها فعادة تقوم ربات البيوت بجمع المستهلك من الأواني والأجهزة الكهربائية وحتى مواد البلاستيك، تمهيدا لبيعها لـ(الدوارة)، وهم شباب بأعمار مختلفة يعملون بشكل جماعي بإمرة شخص واحد يسمى بالعامية العراقية (العتاك)، حيث يتوزع الشباب على الأحياء والبدء بشراء مختلف المواد المستهلكة، بمبالغ نقدية أو استبدالها بمواد أخرى، كالحلويات والأواني البلاستيك، بعدها تنقل لمكان الجمع الرئيسي الذي يشرف عليه رئيسهم، وتبدأ عملية فرز المعادن عن غيرها، وهنا يأتي دورنا فنقوم بشرائها بالوزن، وعادة ما ندفع أسعارا تصل إلى نصف سعرها المعتمد في السوق، لأننا سنقوم بصهرها وتحويلها إلى سبائك معدة للتصدير، وحسب نوع المادة وأيضا تخليصها من الشوائب، أو بيعها لأصحاب المعامل».

وبخصوص تهريبها بين معيان، أن «تهريب هذه المعادن الآن توقف تماما لأنها تجري حاليا بشكل رسمي، فهناك تجار متخصصون يتعاملون مع معامل في دول الجوار ويؤمنون احتياجاتهم منها، لكن في السابق، أي زمن نظام صدام، كانت تهرب عبر الحدود البرية باستخدام سيارات حمل سريعة، ويجب أن تعقد صفقات مع ضباط حرس الحدود لتعريف المهربين بأوقات الدوريات أو فسح المجال لهم مقابل مبالغ طائلة، ورغم ذلك كانت هناك محاولات إحباط عمليات تهريب كثيرة تتم في جميع المناطق ودفع الكثير من المهربين أرواحهم مقابل ذلك».

نبيل محمد يعمل في احد معامل الصهر بنفس المجمع أوضح قائلا: «إن المواد الخام بدأت تقل في السوق فما لدى العراق استهلك أو هرب، ولم يتبق لاستخدامنا ألا بعض مواد السكراب ينقلها الينا متعهدون يجمعونها من بقايا الجيش العراقي السابق».

وأضاف نبيل «أن أسباب ارتفاع أسعار الحديد والمعادن في الأسواق العراقية يعود لقلة هذه المواد، وأيضا الاعتماد على الاستيراد، ولهذا بدأنا باستخدام الحديد السكراب لتصنيع حديد التسليح، ورغم ذلك يكلفنا إنتاجه مبالغ مقاربة لسعر المستورد أو اقل بقليل.

وحذر من استمرار عمليات إخراج المعادن العراقية، لأنها تباع لدول الجوار بنصف ثمنها المعتمد عالميا، ومن ثم تصدر الينا بأسعار مضاعفة، وهنا تكون خسارتنا مضاعفة، وعلى الجهات المعنية إيقاف تصديرها والاستفادة منها محليا، والصناعة العراقية قادرة على استغلالها بأفضل وجه».

مصدر مسؤول في وزارة الصناعة أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الوزارة انتبهت لهذا الأمر منذ عام 2004، وأوعزنا لبعض شركاتنا بشراء المعادن من المواطنين وبأية كميات كانت، لإعادة صهرها والاستفادة منها، وفعلا اغلب الإنتاج الخاص بالحديد والنحاس كان عبر ما تم جمعه، ورغم ذلك استمرت عمليات إخراجها لدول الجوار لوجود فارق سعري بسيط». وأكد أن «وزير الصناعة أوعز إلى الشركة العامة للحديد والصلب التابعة للقطاع الهندسي تزويد القطاع الخاص بالاحتياجات الخاصة لإعادة صهر السكراب، وفعلا تمكنت الشركة العامة للحديد والصلب التابعة للقطاع الهندسي في وزارة الصناعة والمعادن، من تزويد القطاع الخاص بالمواد الداخلة في إعادة صهر السكراب لإعادة تأهيله من جديد وإدخاله للخدمة». وتمثلت المواد المجهزة بفضلات الحديد والأوكسجين والكربون والحديد القديم وغيرها من بقايا هذه الصناعة، إضافة إلى تقديمها الاستشارات الهندسية اللازمة للاستفادة من هذه المواد وإعادة استخدامها لصالح معملي (البصرة واربيل)، لرفد المؤسسات والسوق المحلية بجزء من حاجتها من الحديد.