أردوغان ينهي حملته الانتخابية بتهديد صريح لـ «الكردستاني» لجذب أصوات القوميين

صراع «العدالة» و«السعادة» قد يفتت أصوات الإسلاميين.. ونساء تركيا يتساءلن: هل لا بد لنا من شارب؟

مناصرو حزب «الحركة القومية» التركي يحتشدون للقاء رئيس الحزب دولت بهجلي في مدينة توكات (أ.ب)
TT

أنهي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حملته الانتخابية بتوجيه تهديد إلى عناصر حزب العمال الكردستاني في العراق، وذلك في رد ضمني على اتهامات القوميين له بأنه لم يظهر عزيمة كافية لمواجهة هجمات عناصر حزب العمال على الجيش التركي في جنوب شرق البلاد. وقال أردوغان إنه إذا فشلت المباحثات الجارية مع العراق والولايات المتحدة الأميركية من أجل لجم تحركات حزب العمال الكردستاني التركي في شمال العراق، فإن حكومته بعد الانتخابات البرلمانية يمكن أن تلاحق عناصر الكردستاني إلى داخل الأراضي العراقية. ومن المقرر أن يزور رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تركيا بعد الانتخابات البرلمانية لبحث طلب أنقرة انهاء أنشطة عناصر الكردستاني في شمال العراق. وقال أردوغان في تصريحات لتلفزيون «آي تي في» التركي أمس: «بعد الانتخابات سنرى المالكي، وسنجري مباحثات يحضرها مسؤولون أميركيون. يجب أن نحصل على النتائج التي نتوقعها من المباحثات، وإلا فإننا سنفكر فى بدائل أخرى للتعامل مع هذا التنظيم». وما زال نحو 140 ألف جندي تركي، بالاضافة إلى دبابات وطائرات يتمركزون في منطقة الحدود مع العراق، مما يشير إلى أن الحكومة التركية قد تقرر فور تشكيلها المضي قدما مع طلب الجيش باجراء عمليات جراحية لاستئصال قواعد حزب العمال وعناصره البالغ عددهم نحو 5 آلاف عنصر. وتابع أردوغان:«بعد الانتخابات أي شئ يمكن أن يحدث. كل ما هو ضروري يمكن المضي فيه فورا. نحن قادرون على فعل هذا». وحول هجوم عسكري محتمل قال:«إذا كان هذا يجب أن يحدث فسيحدث». وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات البرلمانية غدا، فإن سيناريو التصعيد ضد عناصر الكردستاني يبدو مرجحا، فحزب العدالة والتنمية المرجح أن يفوز بغالبية مقاعد البرلمان، يريد إجراء حاسما ضد قواعد الكردستاني في شمال العراق، أما الحزبان الرئيسيان بعده وهما حزب الشعب الجمهوري، بزعامة دينز بايكال والحزب القومي، بزعامة دولت بهشلي فكلاهما مؤيد قوي لعمل عسكري ضد عناصر حزب العمال. وجاء تهديد أردوغان قبل ساعات من عودته إلى أنقرة بعد انتهاء جولة انتخابية مطولة زار فيها غالبية المحافظات التركية وأنهاها أمس بمنطقة البحر الأسود. وظهر أمس أن أردوغان الواثق من سجل حكومته الاقتصادي، أراد أن يركز على قضية الأمن التي تقول أحزاب المعارضة التركية إن حكومة حزب العدالة والتنمية لم تعطها الأهمية التي تستحقها. ومع قضية الأمن رفعت جميع أحزاب المعارضة فيما عدا حزب المجتمع الديمقراطي، شعارات اقتصادية مثل خفض سعر البنزين بأكثر من النصف بالإضافة إلى مهاجمة الحكومة بسبب موقفها الضعيف، حسب قولها، تجاه حزب العمال الكردستاني. وفيما أظهرت استطلاعات الرأي أن المعارضة التركية لم تفز بثقة الناخبين في الموضوع الاقتصادي، إلا أنها وجدت تأييدا واسعا فيما يتعلق بموضوع الأمن. وتركز أحزاب المعارضة، خصوصا حزب الحركة القومية اليميني بشكل أساسي في حملتها على أن الحكومة يتملكها الرعب الشديد من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى درجة لا تستطيع معها الموافقة على طلب الجيش غزو شمال العراق للتخلص من قواعد حزب العمال الكردستاني. وسيتوجه نحو 45 مليون تركي إلى صنايق الاقتراع غدا لاختيار برلمانهم الجديد، الذي سيكون مطالبا، بالاضافة إلى التصويت على تخويل الجيش التدخل ضد قواعد الكردستاني، انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا للرئيس المنتهية ولايته أحمد نجدت سيزر. وقد انتشر أمس مئات المتطوعين والناشطين في حملة حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري في مكاتب الحزبين في أنقرة لجذب الناخبين، بينما غرقت العاصمة التركية في لافتات وصور المرشحين خصوصا أردوغان، وزعيم حزب الشعب الجمهوري دينز بايكال. وبالرغم من الحضور القوي للقوميين في هذه الانتخابات يبدو أن انصار حزب العدالة والتنمية واثقون ليس فقط من الفوز ولكن أيضا من تحقيق نتيجة أفضل من انتخابات 2002 التى حصل فيها الإسلاميون على 34% من الأصوات. وقال حسن بيطار وهو من عرب تركيا ويعمل فى مجال الكومبيوتر، إن ميزة حكومة أردوغان بالنسبة للأتراك العاديين هو سجلها الجيد في محاربة الفساد. وأضاف بيطار لـ«الشرق الأوسط»: «أردوغان لم يقل شيئا إلا وفعله. وهو لا يكذب والجميع يعلم هذا، أنصاره ومعارضوه. واعتقادي أنه بسبب الأداء الاقتصادي الجيد لحكومته فقد يحصل في الانتخابات على ما بين 38% إلى 40% من الأصوات، لأن له أنصارا كثيرين في الطبقة الوسطي. فخلال حكم العدالة والتنمية لم تزد الأسعار. وتحسن مستوى المرتبات». وتابع بيطار، الذي قال إنه صوت للإسلاميين في عام 2002 وسيصوت لهم في هذه الانتخابات، إن رجال الأعمال بدورهم يؤيدون السياسات الاقتصادية لحكومة أردوغان، بسبب نجاحها في جذب الاستثمارات الأجنبية. وفيما يصوت بيطار لحزب العدالة بسبب ميله للإسلاميين وللأجندة الاجتماعية التي يقدمونها، موضحا أن الكثير من عرب تركيا في مدن «سيارت» و«ماردين» و«انطاكيا» و«اورفا» سيصوتون لأردوغان، سيصوت لحزب العدالة أتراك عاديون ليسوا متدينين بالضرورة، لكنهم يشعرون بالاستقرار الاقتصادي لتركيا ويريدون مواصلته. وقال مجداد تكجم مسؤول العلاقات العامة فى أحد الفنادق إن البعض سيصوت لأردوغان بالرغم من أنهم ليسوا متدينين بالضرورة. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أنا لا أعتبر نفسي إسلاميا، ولا أصنف نفسى على أنني متدين، غير أنني سأصوت للعدالة بسبب سياساته». ويخشي الكثير من مؤيدي حزب العدالة من ضياع بعض الأصوات من الحزب بسبب منافسة حزب «السعادة» الإسلامي له، والذي يرأسه نجم الدين أربكان، أستاذ أردوغان خلال عملهما معا في حزب الرفاه. وقال بيطار في هذا الصدد: «ليس من المتوقع أن يحصل حزب السعادة على أصوات كثيرة، وهناك صعوبة حتى في حصوله على نسبة الـ10% اللازمة لدخول البرلمان. لكن المشكلة أن هناك أصوليين يرون أن أفكار أردوغان الاجتماعية تحررية أكثر من اللازم، وهؤلاء سيصوتون لحزب السعادة، مما يفقد العدالة بضعة أصوات مهمة». وكما يوجد من يدعم حزب العدالة، يوجد من يراه أكبر تهديد للنظام العلماني في تركيا. وقالت بلجي، وهي ناشطة تعمل مع القوميين من أجل منع اكتساح حزب العدالة للانتخابات، إن الحزب يخفي الآن، خلال فترة الانتخابات، أجندته الأصولية، خصوصا معارضته منع النساء من ارتداء الحجاب في المؤسسات الرسمية والجامعات، موضحة أن الخوف هو أن يقدم الحزب على تغييرات مهمة إذا ما فاز في الانتخابات البرلمانية وشكل الحكومة منفردا. وتابعت:«لا بد من انهاء سيطرة حزب العدالة على الحكم، لا بد من دخول تيارات أخرى، لأن الكثيرين بدأوا يتخوفون من النوايا الحقيقية لحزب العدالة، خصوصا أنه خلال الأزمات لا يعمد إلى التراضي العام، بل إلى استغلال الموقف لصالحه، وقضية انتخابات الرئاسة دليل على هذا». وبينما تعمل مئات النساء كمتطوعات في الحملات الانتخابية للأحزاب المختلفة، ما زالت حظوظ المرأة في الفوز بعدد من مقاعد البرلمان يتناسب مع نسبتها في المجتمع، غير واضحة. وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن التوقعات تشير إلى احتمال فوز النساء بـ30 إلى 55 مقعدا من أصل 550 بحسب جمعية «قادر» الناشطة في دعم مشاركة النساء في الحياة السياسية. وبذلك ترتفع نسبة النساء بين أعضاء البرلمان من 4.4 % إلى ما بين 6 و10%. غير أن هذا الارتفاع لن يحدث تغييرا كبيرا في تصنيف أنقرة التي تحتل المرتبة الـ123 من حيث تمثيل النساء في منظمة الاتحاد البرلماني التي تضم برلمانات أكثر من 140 دولة. وأعدت جمعية «قادر» التي تؤيد المرشحات للانتخابات التشريعية أيا كانت أحزابهن، في اطار حملتها السابقة للانتخابات صورا لممثلات وسيدات أعمال شهيرات ألصقت على وجوههن شوارب، وتحتها السؤال «هل يجب أن يكون لنا شاربان حتى ندخل البرلمان؟». وقالت رئيسة الجمعية هوليا غولبهار «حصلنا على الجواب على سؤالنا، وهو نعم»، موضحة «اننا مرة جديدة أمام عملية انتخابية لم تغير فيها الأحزاب سياستها القاضية بتسجيل بعض النساء على لوائحها لاستخدامهن ذرائع».