أفغانستان .. الحرب المستمرة (الحلقة الأولى) ـ الهيروين والفقروالغضب تغذي حرب طالبان

أفغانستان على أعتاب أن تصبح دولة مخدرات وعصابات تجارة المخدرات.. أكبر خطرا من الميليشيات

ضابط شرطة أفغاني يجري تفتيشا على الطريق السريع ما بين غزني وكابل أمس (أ. ب)
TT

أمور كثيرة حصلت في أفغانستان منذ إطاحة نظام حركة «طالبان» في نهاية العام 2001. فقد قامت حكومة جديدة، وعقد مجلسان لأعيان البلاد (لويا جيركا)، وبدأت عملية إعادة بناء الجيش الوطني الافغاني بعد سنوات من الاقتتال تحت اشراف البريطانيين، واعلن انتخاب أول رئيس منتخب شعبياً لأفغانستان بعد عقود من الانقلابات والاحتلال الاجنبي وصراع قادة المجاهدين. لكن كل هذه الخطوات تبدو مهددة بشكل كبير اليوم مع استمرار وتيرة تصاعد عمليات حركة «طالبان» وتنظيم «القاعدة» في ولايات الجنوب والجنوب الشرقي، حيث وصل العنف الدامي أخيراً إلى العاصمة كابل في سلسلة عمليات انتحارية استهدفت قوات الأمن والمساعدة «إيساف» ومسؤولي حكومة الرئيس حميد كرزاي. «الشرق الأوسط» زارت مقاطعة هلمند بالجنوب الافغاني التي تنشط فيها عناصر حركة طالبان، والتقت جنود وضباط إيساف وأجرت حوارات مع مواطنين افغان وتجولت في منطقة المواجهة الساخنة مع طالبان. ويقول الجنود البريطانيون في هلمند، إنهم لا يستطيعون معرفة عناصر طالبان من باقي السكان الافغان من البشتون من خلال دوريات الامن والمساعدة «ايساف» لانهم جميعهم يشبهون بعضهم البعض بلحى وعمامات سوداء. واليوم هناك تعليمات على سيارات «ايساف» تطالب الأفغان بعد الاقتراب خوفا من الانتحاريين الذين طوروا عملياتهم باستخدام الدراجات النارية السريعة.

وحتى قبل ساعة السفر الحاسمة من قاعدة برايز نورتون البريطانية العسكرية في ضواحي مدينة أوكسفورد على طائرة «تريستار» تابعة لقوات سلاح الجو الملكي البريطاني التي أقلتنا الى مطار قندهار، العاصمة الروحية للملا محمد عمر زعيم حركة طالبان المخلوع، كان الهاجس الامني يسيطر على الرحلة، وكانت التعليمات الصادرة تقتضي بارتداء صديرية واقية من الرصاص وخوذة من الفولاذ تسلمناها في المطار قبل ركوب الطائرة المزدحمة بجنود جدد ذاهبين الى هناك للمرة الاولى، واخرين انتهوا من اجازاتهم في طريقهم الى صحراء هلمند. وعندما حطت الطائرة ليلا في مطار قندهار المدجج بالعتاد الاميركي، والذي تحول الى ما يشبة ثكنة عسكرية محاطة بسواتر خراسانية بعد رحلة طيران تجاوزت اكثر من عشر ساعات، كانت سيارات ساكسون المدرعة والدبابات تنتظر تحت بطن الطائرة، وكانت تعليمات الكابتن مارك المسؤول الاعلامي في حديثه لنا تقتضي بارتداء الصديرية الواقية من الرصاص والخوذة العسكرية داخل السيارة المصفحة التي باتت مثل الفرن، والبقاء داخل «الساكسون» اذا ما تعرض الموكب لأي هجوم، والارتماء ارضا عند سماع أصوات لطلقات رصاص. واعتبارا من اليوم تنشر «الشرق الاوسط» في سلسلة حلقات عن الأوضاع في أفغانستان وحربها المستمرة، وتتعرض الى أزمة نجاح زراعات الهيروين التي تغذي حرب طالبان، كما تتحدث مع قائد القوات البريطانية في افغانستان الذي يتحدث العربية عن رؤيته للمستقبل واستراتيجيته القائمة على السعي لكسب ثقة الافغان. كما التقت «الشرق الأوسط» مع عدد من الجنود المسلمين الذين يعملون مع قوات إيساف، وتحدثت مع مواطنين أفغان حول همومهم ومشاغلهم، ومع عدد من المترجمين الافغان من عناصر البشتون الذين يعملون في خدمة القوات الاجنبية داخل المعسكرات، وحالة الرعب الدائم التي يعيشونها بسبب الخوف من طالبان.

تغذي المخدرات والفقر ومشاعر الإحباط من الحكومة الأفغانية التمرد الذي يقوده مسلحو طالبان الذين يبدو أن قوتهم تتنامى رغم وصول المزيد من القوات الأجنبية الى جنوب افغانستان في محاولة تحسين الأوضاع الأمنية.

وتعتبر اعمال العنف التي شهدها جنوب افغانستان خلال الاسابيع الماضية واحدة من أسوأ الموجات منذ أن أطاحت القوات التي تقودها الولايات المتحدة، طالبان من السلطة عام 2001 ، ففي الأيام الأخيرة قتل أكثر من 100 في تفجيرات ومعارك بالرصاص في جنوب أفغانستان، واختطفت طالبان 22 متطوعا كوريا جنوبيا، وهددت بقتل المانيين كانت قد اختطفتهما قبل ايام. وفي الوقت الذي تسعى فيه القوات الأجنبية وحكومة الرئيس حميد كرزاي لبسط سلطتها على الريف تعمل طالبان ايضا على توسيع نطاق نفوذها. وقال سكان إن طالبان توغلت على سبيل المثال إلى قرى على بعد عشرة كيلومترات فقط من غزنة عاصمة الإقليم الذي يحمل نفس الاسم ويقع جنوب غربي العاصمة كابل.

«الشرق الاوسط» زارت هلمند بجنوب افغانستان، وكانت في ضيافة المعسكرات البريطانية في لشكرجاه وباستين. وتعتبر هلمند التي زارتها «الشرق الأوسط» في خط المواجهة الأول بين القوات الدولية والأفغانية وقوات طالبان.

ويقول مطلعون «المواطنون لديهم شكاوى تتعلق والفساد والشفافية.. هناك إحباط لأن المواطنين لم يجدوا ما ينتظرونه من الحكم». فبعد إطاحة طالبان راود الناس الأمل في أن تتحسن الاوضاع الاقتصادية ويعاد بناء أفغانستان، لكن يبدو أن الآمال لم تتحقق. كما أن جهود الحكومة التي يدعمها الغرب للقضاء على زراعة الأفيون خدمت مصالح طالبان. وتقول دوائر اجنبية «بدلا من القبض على المسؤولين المتورطين في عمليات التهريب لجأت الحكومة لمعاقبة المزارعين الفقراء مما أثار حالة من الغضب بين المواطنين».

وفي هلمند ووداي سانجين وانكمين ولشكرجاه اينما تسير ترى حقول الهيروين المغطاة بالنبتات ذات اللون الوردي الفواح، ووسط تلك المزارع في انكمين على الخط الاول، تمارس طالبان ليلا لعبة الكر والفر بتوجيه مدافعها وبنادقها الى القوات البريطانية، ولا يحسم المعركة في معظم الاحوال الا تدخل طائرات اباتشي ومقاتلات قوات التحالف. ويعترف المراقبون الغربيون بأن أفغانستان على اعتاب أن تصبح دولة مخدرات حيث تمثل عصابات تجارة المخدرات خطرا أكبر من الميليشيات وحركة طالبان. وتأمل قوات حلف الأطلسي في أن توفر للحكومة ووكالات المعونة بعض الأمن حتى تبدأ في تحسين مستوى المعيشة.

وطبقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات، فعلى الرغم من الجهود المنسقة لإبادة زراعات المخدرات واستبدالها بمحاصيل نافعة، إلا أن حصيلة إنتاج أفغانستان من الأفيون بلغت 87% من الإنتاج العالمي خلال عام 2005 ـ حوالي 4.1 آلاف طن ـ وبلغت العائدات غير المشروعة من هذا الإنتاج ما يقرب من 2.7 مليار دولار أميركي، وهو ما يعادل حوالي 52% من الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان. وطبقاً للتقديرات التي خرج بها تقرير مسح الأفيون في أفغانستان لعام 2005، والذي صدر في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فإن القيمة الإجمالية لهذا الأفيون، بعد تحويله إلى هيروين وتوزيعه في كافة أنحاء العالم، قد تتجاوز أربعين مليار دولار أميركي. وقال تقرير لمكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة ان افغانستان عادت الى موقعها كأكبر منتج للافيون في العالم بعد سنوات من منع حركة طالبان السابقة لزراعة المخدرات في البلاد. واضاف التقرير، ان انتاج المحصول كان الاكبر هذا العام وانه يخشى ان تصبح افغانستان دولة مخدرات. وقال التقرير ان زراعة الافيون انتشرت في اقاليم افغانستان البالغ عددها 32 اقليما وهو ما يخالف الاتجاه السائد في المناطق الرئيسية لانتاج الافيون في اميركا اللاتينية وجنوب شرقي اسيا التي شهت تراجعا في الانتاج. وتشكل تجارة المخدرات نحو ثلث اقتصاد البلاد. وتنفذ الولايات المتحدة برنامجا مع بريطانيا والحكومة الافغانية لاستهداف محصول العام القادم. لكن بعض الناس يقولون ان غياب سلطة القانون في مناطق رئيسية لزراعة المخدرات يجعل تنفيذ مثل هذه البرامج امرا مستحيلا. فضلاً عن ذلك، فقد شهدت المصانع والمعامل الخاصة بمعالجة الأفيون لتحويله إلى هيروين نمواً هائلاً في أفغانستان خلال الأعوام الأخيرة، حيث أنتجت 420 طناً من الهيروين خلال العام الماضي فقط. كانت هذه الزيادة في إنتاج الهيروين محلياً في أفغانستان بمثابة دفعة هائلة لسوق التجزئة المحلي، الأمر الذي أدى إلى تفاقم المخاوف بشأن انتشار مرض الإيدز والفيروس المسبب له في بلد يعاني من بنية أساسية فقيرة وغياب كامل للخدمات الصحية. والتقت «الشرق الاوسط» مفتش شرطة اسكتلنديارد السابق في فرقة مكافحة الارهاب اليكس موريسون الذي يعمل حاليا مستشارا لفرقة مكافحة المخدرات الافغانية في مقاطعة لشكرجاه. وقال موريسون ان قوات الامن والمساعدة «ايساف» ليس من مهمتها تدمير مزارع الافيون، بل مهمتها الاساسية التي جاءت من اجلها هي تعقب فلول طالبان، مشيرا الى ان المهمة ملقاة على عاتق القوات الافغانية. وقال ان زراعة الخشخاش تجني ارباحا هائلة تفوق زراعة القمح او الخضروات، مما يجعل الامر سهلا على الافغان الذين يتلقون حماية امنية من بارونات المخدرات. واشار الخبير البريطاني الى ان كيلو الهيروين النقي يبلغ سعره في افغانستان نحو 200 دولار، ولكن بعد تهريبه يصل سعره في اوروبا الغربية وبعد خلطه بمكونات اخرى الى 32 الف دولار.

واشار الى ان الفدان المزروع بالهيروين يحتاج الى 2.5 كيلوغرام من حبوب الخشخاش، وينتج الفدان الواحد نحو 120 الف نبتة من الخشخاش التي تنتج الهيروين، وكل نبتة تنتج من 3 الى 5 زهرات تفرز لحاء الهيروين الخام». ويقول موريسون ان زراعة الخشخاش في محافظة هلمند من شهر سبتمبر الى نوفمبر تقدم الافضل من انتاج الهيروين الخام، لانها ارض رملية وتتناسب مع جذور النبات الذي لا يستطيع بسهولة اختراق الارض الطينية. ويوضح ان عائلة افغانية مكونة من خمسة افراد تستطيع بسهولة جني ارباح جيدة من زراعة هكتار واحد من الهيروين، بمساعدة الأسمدة والمبيدات الزراعية، التي في معظم الاحوال يستلفونها من بارونات المخدرات القادرين على تصريف انتاجهم في الاسواق الخارجية. ويعتبر الخبير البريطاني ان موسم الحصاد الجيد للفدان الواحد من الهيروين الخام، يمكن ان يحقق نحو 32 كيلوغراما، ولكن اغلب الاراضي الافغانية تحقق ما يزيد عن 15 كيلوغراما من الفدان الواحد، حيث يتم تجفيف الهيروين الخام تحت اشعة الشمس قبل طيه في حقائب بلاستيكية وتخزينه في انتظار تجار الجملة من بارونات المخدرات الافغان. ويحقق الفلاحون الافغان البسطاء ما يقدر بنحو 3 الاف دولار من زراعة فدان واحد من نبات الخشخاش، باعتبار ان الفدان ينتج نحو 15 كيلوغراما من الهيروين النقي، وبلغ سعر الكيلوغرام من الهيروين في محافظة هلمند، بحسب الخبير البريطاني نحو 200 دولار في شهر فبراير (شباط) الماضي. ويعترف مسؤولو فرق مكافحة المخدرات ان هناك نحو 1.7 مليون افغاني يعملون مباشرة في زراعة وانتاج ما قيمته نحو 4 الاف طن تصدر الى الخارج عبر منافذ بارونات المخدرات الى ايران وباكستان وتركيا ومنها الى اوروبا الغربية واميركا. ويقول موريسون خبير مكافحة المخدرات ان الهيروين الافغاني النقي يمر باياد كثيرة قبل ان يصل الى تجار المخدرات في اوروبا الغربية، وهناك من يخلطونه بالدقيق وبودرة الحليب من اجل تحقيق مزيد من الارباح، وبعد ان يصل الى شوارع لندن وبرمنجهام، قد يكون فقد نحو 40 من نقائه. واعتبر موريسون ان تركيا محطة رئيسية في نقل الهيروين الافغاني الى شوارع لندن عبر مشبوهين من الاكراد والاتراك يعيشون في شوارع لندن. ويقدر المسؤول البريطاني ان 90 في المائة من المخدرات التي تهرب الى بريطانيا تأتي من افغانستان، بما قيمته نحو 40 طن، تضبط الشرطة على اقصى تقدير 4 اطنان منها. وقال ان جرام الهيروين في الشارع البريطاني اليوم يبلغ نحو 50 استرلينيا، مما يعني ان الكيلوغرام من الهيروين الافغاني عند منافذ التوزيع بالقطاعي سيبلغ 50 الف استرليني. ورغم قيام قوات أمن المديريات الأفغانية بتشكيل قوات مشتركة لمكافحة زراعة الأفيون بولايات ولشكرجاه وننجرهار. وتتولى القوات إتلاف عشرات الآلاف من الأفدنة المزروعة بالنبات المخدر، وسط مخاوف من مصادمات محتملة مع المزارعين الذين يعتبرونه مصدر رزقهم الأساسي، الا ان الخبير البريطاني موريسون يؤكد لـ«الشرق الاوسط» ان مكافحة المخدرات تواجه باكبر عقبة وهي قلة مرتبات الضباط العاملين، مشيرا الى أن كولونيل في فرقة مكافحة المخدرات مرتبه الشهري لا يتخطى 100 دولار. وتحاول السلطات الأفغانية تطهير عشرات الآلاف من الأفدنة المزروعة بالأفيون في ننجرهار ولشكرجاه وهلمند ووادي سانجين، ويعارض المزارعون تلك المحاولات بكل قوة، مشيرين إلى أن السلطات أزالت زراعات الأفيون العام الماضي ولم تعوّض أصحابها. ويعتبر المزارعون أن زراعة الأفيون هي السبيل الوحيد لحل مشاكلهم الاقتصادية، وخاصة في العام الحالي، حيث يعانون من الجفاف. ولا تحتاج زراعة الأفيون إلى كميات كبيرة من المياه، ويحقق محصوله إيرادا ضخما.

وتصر الحكومة الأفغانية بزعامة الرئيس كرزاي على إتلاف زراعات الأفيون في البلاد. ولكن الأيام المقبلة قد تشهد مشاكل، خاصة أن المزارعين في ولايات عديدة، من بينها هلمند وقندهار وننجرهار، قد زرعوا الأفيون على مساحات واسعة من أراضيهم، رغم علمهم بصدور قرارات من قبل الحكومة تمنع زراعته.

فضلاً عن ذلك فقد شهدت المصانع والمعامل الخاصة بمعالجة الأفيون لتحويله إلى هيروين نمواً هائلاً في أفغانستان خلال الأعوام الأخيرة، حيث أنتجت 420 طناً من الهيروين خلال العام الماضي فقط. كانت هذه الزيادة في إنتاج الهيروين محلياً في أفغانستان بمثابة دفعة هائلة لسوق التجزئة المحلي، الأمر الذي أدى إلى تفاقم المخاوف بشأن انتشار مرض الإيدز والفيروس المسبب له في بلد يعاني من بنية أساسية فقيرة وغياب كامل للخدمات الصحية.

فضلاً عن ذلك فإن المسارات التي تسلكها قوافل التصدير لم تعد مقتصرة على «الطريق الذهبي» السيئ السمعة والذي يمر عبر باكستان وإيران، بل لقد تضاعفت هذه المسارات بتوظيف نقاط خروج في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة مثل طاجيكستان، وأوزبكستان، وتركمنستان. وهذا من شأنه أن يساعد على تفاقم حالة عدم الاستقرار في هذه البيئات السياسة المتقلبة المتفجرة.

في الوقت الحالي ترزح السياسة الدولية لمكافحة المخدرات تحت ضغط المنادين بنتائج سريعة وملموسة. لكن مشاريع إبادة الزراعات وتوفير وسائل كسب العيش البديلة تؤثر في الأساس على الطرف الأدنى من سلسلة القيمة المضافة، أي المزارعين، لكنها لا تؤثر تأثيراً حقيقياً على الأطراف العليا مثل كبار ملاك الأراضي وتجار المخدرات المحليين، فضلاً عن ملوك المخدرات الذين يتمتعون بنفوذ هائل، والعصابات الدولية. والحقيقة أن أغلب المزارعين الذين لا يملكون أرضاً يجدون صعوبة بالغة في التحول إلى زراعة محاصيل مختلفة، فلا يجدون فكاكاً من العمل في سوق الأفيون غير المشروعة، ويضطرون للحياة تحت رحمة تجار المخدرات الذين يوفرون لهم مصدراً لكسب العيش. ويقول الخبراء البريطانيون الذين يتولون مهمة مكافحة المخدرات في افغانستان: «إن أفغانستان تجازف بالتحول إلى دولة «كسولة» تعتمد على الوصول السهل إلى الموارد التي تدعم الفساد في كافة جوانب نظامها، فتبادر إلى تمويل الجماعات المسلحة، وتغذي حالة عدم الاستقرار في المنطقة. والحقيقة أن الشبكات الأفغانية غير المشروعة، والتي تحاكي الأساليب المعروفة التي تبنتها الجريمة المنظمة بنجاح لعدة عقود في أجزاء أخرى من العالم، أصبحت قادرة على الحركة وواسعة الحيلة والمصادر، وتستطيع إقحام نفسها في نطاق واسع من الأنشطة الاقتصادية المشروعة التي تسعى بها إلى تعزيز مركزها. كل هذا قد يدفع أفغانستان إلى طريق بلا عودة، فتتحول إلى دولة مخدرات وتبتعد عن أي شكل من أشكال حكم القانون وتتبرأ من العقد الاجتماعي الهش القائم بينها وبين مواطنيها والذي كانت قد بدأت في ترسيخه.