في مؤشر لعودة الأمن: البشير يزور دارفور والحكومة تنتقل إلى الفاشر لعقد جلسة

مسؤولو 27 دولة أوروبية يبدأون غدا اجتماعا لإرسال قوة سلام للانتشار في تشاد وأفريقيا الوسطى

TT

بدأ الرئيس السوداني عمر البشير أمس، زيارة الى اقليم دارفور هي الثالثة له منذ اندلاع الحرب في هذا الاقليم المضطرب، ارادها مؤشرا على اهتمام الخرطوم بأوضاعه ودلالة على تحسن الامن فيه. في وقت طلبت فيه الأمم المتحدة الاسراع في نشر قوة سلام دولية في تشاد وافريقيا الوسطى اللتين تعانيان من تداعيات النزاع في دارفور المجاورة.

ووجه الرئيس السوداني في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، نداء سلام، معتبرا انه لا بد من التنمية الاقليمية. وقال البشير اثناء لقاء جماهيري «لا يريد المواطنون سوى سلام شامل ثم التنمية ولهذا السبب ادعو المتمردين المسلحين الى الانضمام الى العملية السياسية لكي نتمكن معا من اعادة اعمار دارفور». وخلال جولته التي تستغرق ثلاثة ايام، وهي احدى الجولات النادرة الى هذه المنطقة منذ بداية الحرب الاهلية قبل اربعة اعوام، سيدشن البشير عددا من المشاريع بينها طرق ومستشفيات. وسيرأس البشير اليوم مجلسا استثنائيا للوزراء في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وسيخصص الاجتماع للتنمية في هذه المنطقة المحرومة من البنى التحتية الاساسية. وقال البشير إن حكومته ملتزمة بتحقيق السلام في اقليم دارفور، ودعا المسلحين في الاقليم الى الاستجابة الى صوت السلام، وجدد التزام حكومته بتنمية دارفور. ووجه البشير في نيالا انتقادات لاذعة لمن سماهم اعداء السودان. وقال «إن الاستقبال الحار لي، وهذه الحفاوة أكبر رد على اعداء السودان.. على أجهزة الإعلام المضللة التي تتكلم عن دارفور ظلم وبهتان».

وأضاف «نعم دارفور مرت بأوقات عصيبة، لكن الآن السلام تحقق والحمد لله»، ودعا أهل دارفور الى نبذ القبلية والجهوية، وقال «ان تقسيم اهل دارفور لعرب، وأفارقة قصد به الفتنة، ويجب ألا تتجاوبوا معها، نريدكم أن توحدوا صفوفكم لا تسمحوا لدخيل ولا لعميل ان يفرق بينكم مرة اخرى، نريدكم صفا واحدا لأجل التنمية والإعمار الآن». الى ذلك طلب منسق المساعدة الانسانية في الأمم المتحدة جون هولمز الاسراع في نشر قوة من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في تشاد وافريقيا الوسطى اللتين تعانيان من تداعيات النزاع في دارفور المجاورة. واضاف أن هذا الانتشار ضروري بسرعة لتوفير بيئة سلمية للنازحين والعاملين في المجال الانساني. وقال هولمز لوكالة الصحافة الفرنسية «ما زلنا فوق برميل من البارود قد ينفجر في أي لحظة، لذلك فإن نشر قوة، في حال تأكد، سيحظى بترحيب بالغ». ومن المقرر ان يجتمع مسؤولو 27 دولة اوروبية غدا في بروكسل لدرس طلب للامم المتحدة لانتشار عسكريين في هذين البلدين المجاورين لمنطقة دارفور السودانية، التي تشهد حربا اهلية منذ اربع سنوات.

واوضح هولمز ان «خطر انتقال الاصابة من دارفور يبقى ماثلا طالما تعذر ايجاد حل للوضع (الحرب الاهلية)». وقال «لا مكان على الاطلاق لارضاء الذات.. وامكانية نشر هذه القوة يمكن ان تتيح احراز تقدم حقيقي». وذكر هولمز ان المسلحين ينتشرون في كل مكان في تشاد ويهاجمون موظفي المنظمات غير الحكومية ويسرقون سياراتهم واموالهم ووسائل الاتصال التي يستخدمونها.

وشدد على ضرورة دعم وزيادة الجهود الانسانية في بيئة غير مؤاتية. وقال «يجب ان نكون مستعدين لنشهد تدهورا جديدا للوضع». وتستضيف تشاد حوالي 220 الف لاجئ و170 الف نازح يعانون من مشاكل لوجستية خطيرة، تواجه العاملين الانسانيين، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. وفي افريقيا الوسطى، سيتجاوز عدد النازحين 280 الف شخص، كما تقول منظمات دولية.

وسيوافق وزراء الخارجية الاوروبيون، غدا على دراسة وسائل واطار هذه المهمة بانتظار «القرار السياسي» الحقيقي بالسماح بالانتشار الذي «قد يتخذ في سبتمبر»، بحسب دبلوماسيين. واضاف احد هؤلاء الدبلوماسيين «ان الانتشار قد يبدأ بالتالي في اكتوبر (تشرين الاول)، مرحليا مع ما ستقوم به الامم المتحدة» من جهتها.

وبحسب دبلوماسي آخر، فإن حجم القوة الأوروبية لم يتحدد. لكن مع هذا النوع من المهمات «يجري الحديث عن 1500 الى 2500 جندي»، كما قال. واضاف ان «بنية هذه القوة ستكون فرنسية»، ذلك ان فرنسا تنشر قوات في البلدين بصورة دائمة.

الى ذلك، أعلن الجيش السوداني انه سيظل مرابطا في مناطق النفط في جنوب السودان، الى ان تسحب الحركة الشعبية لتحرير السودان قواتها من المنطقة، في تصعيد جديد للطرفين حول كيفية تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما لإنهاء الحرب الطويلة في جنوب السودان.

وفي بيان ممهور بتوقيع الناطق باسمها العميد الدكتور عثمان محمد الاغبش، أعلنت القوات المسلحة إلتزامها التام ووفاءها بكل ما جاء في اتفاقية السلام الشامل الموقعة بنيفاشا في عام 2005، حرصاً منها على استدامة السلام وتأمينه دعماً للاستقرار في كل ارجاء السودان.

ورفضت القوات المسلحة بشدة، ما ركزت عليه الناطقة باسم بعثة الأمم المتحدة بالسودان راضية عاشوري، في عدم انسحاب القوات المسلحة شمال حدود 1956 بنسبة «100%». وأعاب البيان على عاشوري تجاهلها عدم تنفيذ الحركة الشعبية انسحاب قواتها جنوباً حيث أنها نسبة انسحابها لم تتجاوز الـ«7.9%» فقط، وكان من المفترض ان تنفذ الحركة الشعبية الانسحاب بنسبة «100%» بتاريخ التاسع من مارس (آذار) الماضي. واستهجن البيان الإدانات الخاصة بوجود «3600» جندي من القوات المسلحة بمناطق البترول، مؤكداً أن الاتفاقية قد نصت على ان تكون مناطق البترول «منزوعة السلاح» وتحت حماية القوات المشتركة، واضاف البيان: «الحركة الشعبية تحتفظ بوجود مكثف بمناطق البترول، ومن واجب الحكومة حماية هذه المناطق، حتى تنسحب منها قوات الحركة تماماً». وأكد عدم صحة الحديث عن تصاعد الخلافات بين القوات المسلحة والحركة الشعبية.

وكشف عن وجود آلية تقوم برفع أي خلاف لمؤسسة الرئاسة لحسمه، ونبّه الناطق الرسمي في تصريحات الى ان الأمم المتحدة تجاهلت عمداً تأخير قوات الحركة الشعبية لانسحابها من الشرق من قبل، وبقائها به لمدة «6» أشهر، مؤكداً ان قوات الحركة الشعبية الموجودة حالياً جنوب النيل الأزرق تقدر بحوالي «35» الف جندي وجنوب كردفان بها حوالي «12» الف جندي. في غضون ذلك، وجه وزير الداخلية الزبير بشير طه في مؤتمر صحافي، تحذيراً شديداً للمواطنين كافة، الذين يقطنون على ضفاف النيل الأبيض والأزرق والمناطق كافة التي تتأثر من فيضان النيل، وأعلن الزبير ان البلاد دخلت مرحلة الحرج بسبب ارتفاع مناسيب النيل في كل النقاط. وقال طه، ان الخوف الحقيقي اصبح من الفيضان، وأضاف أن القراءات الواردة حتى مساء أمس في النيلين الابيض والازرق، وانهار السوباط والدندر والرهد والقاش وبركة، انها تعدت ايرادات كل الأعوام السابقة بما فيها عامي 1946 ـ 1988.