الصومال: الانفجارات تهز مقديشو وحضور ضعيف لمؤتمر المصالحة

البرلمان بصدد محاسبة الحكومة.. وخلافات جديدة بين الرئيس يوسف ورئيس الحكومة تنذر بأزمة

عمال صوماليون في سوق البكارو اكبر اسواق السلاح في العاصمة الذي هزته انفجارات امس (رويترز)
TT

استؤنف في العاصمة الصومالية أمس، مؤتمر المصالحة الوطنية الذي دعت اليه الحكومة الانتقالية، وسط مخاوف أمنية بسبب تهديدات الجماعات المسلحة باستهدافه، كما حدث يومي الأحد والخميس الماضيين. في ما هزت الانفجارت منطقة «البكّارو» التي يقع فيها أكبر الأسواق في العاصمة مما أسفر عن مصرع شخصين وإصابة أعداد أخري بجراح، وقتل 2 آخران في هجوم علي دورية عسكرية أثيوبية بشمال شرق العاصمة مقديشو.

وبحضور ضعيف استأنف مؤتمر المصالحة أعماله امس، أرجعته اللجنة التحضيرية الى أسباب فنية، لكن المخاوف الأمنية كانت طاغية في العاصمة بسبب تهديدات الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة بقصف مقر المؤتمر واستهداف المشاركين. وقد صادق المؤتمرون على أجندة المؤتمر التي تضمنت عددا كبيرا من القضايا العالقة التي تم اعتبارها سببا مباشرا لاستمرار الأزمة الصومالية منذ أكثر من عقد ونصف، ومن هذه القضايا؛ نزع السلاح، وتحقيق الأمن، واقتسام السلطة والثروة، والحكم الرشيد، وإعادة الممتلكات الى أصحابها الحقيقيين. وتضم قائمة أجندة مؤتمر المصالحة الصومالية أيضا، قضايا وحدة الأراضي الصومالية، والديمقراطية، والتطرف الديني، والميثاق الوطني الانتقالي، والإحصاء السكاني، إضافة الي إنشاء أحزاب سياسية، وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة في الصومال 2009. وعلى الرغم من انتهاء جلسة امس بسلام ومن دون هجمات من الجماعات المسلحة، الا أن الانفجارات هزت أرجاء أخرى من العاصمة مقديشو ووقعت 5 انفجارات في منطقة «البكارو» التي يقع فيها أكبر الأسوق في العاصمة أسفرت عن مقتل 2 علي الأقل، وقامت الشرطة بإغلاق المنطقة التي شهدت أيضا تبادلا لإطلاق النيران بين الشرطة والمسلحين. وفي منطقة «عرفات» بشمال شرق العاصمة مقديشو القى مهاجم قنبلة يدوية على عربة عسكرية كانت تقل جنودا أثيوبيين فتح الجنود إثرها النار، مما أدى الى مصرع اثنين من المارة وإصابة 4 مدنيين بجروح. وقد أصابت أعمال العنف في منطقة «البكارو» الحركة التجارية في السوق بالشلل، فمعظم أجنحة السوق الكبيرة لا تزال مغلقة لأكثر من أسبوعين، واحتج رجال الأعمال عن هذا الوضع الى الحكومة التي وعدت بحله في أسرع وقت ممكن ولكن دون جدوى حتى الآن. ويتحكم سوق البكارو على الحركة التجارية بين العاصمة والمحافظات الوسطى والجنوبية من الصومال.

وقد عقدت لجنة من رجال الأعمال الصوماليين لقاء مع مسؤولين في «مجلس الأمن القومي» الذين يرأسه الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد، إضافة الى ضباط من القوات الأثيوبية وقال «حاج علي طيري» أحد رجال الأعمال المشهورين في سوق البكارو في تصريحات أدلى بها عقب خروجه من اجتماع مع المسؤولين الأمنيين في الحكومة بأنه تم الاتفاق على أن يعاود السوق فتح أبوابه ابتداء من صباح اليوم الأحد. وأضاف علي طيري أن القوات الحكومية ستنسحب الى أطراف السوق فيما يبقى عدد محدود من عناصر الشرطة والقوات الأثيوبية في داخلها لحفظ الأمن. ويرى التجار الصوماليون أن الهجمات التفجيرية التي تقع في السوق سببها وجود الشرطة بكثافة داخل السوق مما يسهل على المسلحين استهداف الشرطة عبر أزقة السوق الضيقة. وتحاصر القوات الحكومية سوق البكارو لأكثر من أسبوعين وتقوم بتفتيش المحلات بحثا عن الأسلحة والمتفجرات، وتعتقد الشرطة الحكومية بأن المسلحين يتخذون منه مركزا لانطلاق العمليات المسلحة التي تنفذها ضد الأهداف الحكومية. ويخشى سكان العاصمة الصومالية من أن تؤدي أعمال العنف بين المسلحين والقوات الحكومية الى أغلاق هذا السوق الأمر الذي يعني ارتفاعا جنونيا في أسعار السلع الأساسية، وتأثر حياة أصحاب الدخول البسيطة، مما سيضاعف من المصاعب التي يواجهونها في حياتهم اليومية. على صعيد آخر عقد البرلمان الصومالي أولى جلساته امس في مدينة «بيداوا» (250 كم جنوب غرب مقديشو) منذ فرض حالة الطوارئ في الصومال وفرض الأحكام العرفية في يناير (كانون الثاني) الماضي وقد تقدم 40 نائبا بمسودة تدعو الى محاسبة الحكومة الانتقالية التي يرأسها رئيس الوزراء علي محمد جيدي في الفترة الماضية، وقد وزعت هذه المسودة على النواب لدراستها وإبداء آرائهم فيها قبل مناقشتها رسميا في البرلمان بعد غد الاثنين. ويتوقع المراقبون أن تشهد جلسات البرلمان الصومالي سجالا ساخنا بين النواب الذين انقسموا أكثر من مرة حول تأييد القرارات التي اتخذتها الحكومة في الأشهر الماضية، وتسربت شائعات بوجود خلاف متزايد بين رئيس الدولة عبد الله يوسف أحمد ورئيس الوزراء علي محمد جيدي حول عدد من القضايا من بينها اتفاقية التنقيب عن النفط والغاز الموقعة بين الحكومة الصومالية واثنين من شركات النفط الصينية.

وقد تم توقيع هذا الاتفاق بتفويض من الرئيس الصومالي وفقا لما نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» اللندنية الأسبوع الماضي، لكن رئيس الوزراء علي محمد جيدي نفى علمه بهذه الاتفاقية واعتبرها باطلة. وقال جيدي في تصريحات أدلى بها لنفس الصحيفة بأنه «ليس من حق أي جهة صومالية توقيع اتفاق من هذا النوع الا بعد مواقفة البرلمان على التشريعات الخاصة، بقانون النفط والغاز، وهو أمر لم يتم بعد».