الجيش الأميركي يعود إلى أسلوب «حصار المدن» في مواجهة خصومه في العراق

سكان المناطق المتضررة يشكون لـ«الشرق الأوسط»: هذا عقاب جماعي لنا

صبي عراقي يحدق في جندي عراقي، خلال عملية عراقية ـ أميركية مشتركة في بعقوبة امس (أ.ب)
TT

لم تفد الأساليب التقليدية التي تتبعها القوات الأميركية في العراق اثناء المواجهات والاشتباكات المستمرة لتلك القوات مع الجماعات المسلحة والمناوئة للوجود الأميركي في البلاد في تحقيق أي نتيجة ايجابية قد تساعدها في التقرب من العراقيين وانهاء حالة العنف والفوضى المتفشية في عموم البلاد، مما دفع الجيش الأميركي الى التفكير في أساليب جديدة والعودة الى أخرى مثل حصار المدن والمناطق التي تعتبر مأوى للمسلحين كما حصل مؤخرا في مناطق الأعظمية والحسينية ومدينة الصدر في بغداد.

الا أن سكان هذه المناطق يعتبرون هذا الأسلوب «عقابا جماعيا» لهم. ويقول عادل العظمي، 60 عاما، من سكان منطقة الأعظمية، لـ«الشرق الأوسط» إنه«عندما تتعرض قوات الاحتلال الى أي هجوم من قبل المسلحين فانها ترد بصورة عشوائية على سكان المنازل القريبة وتعاقب جميع ابناء المدينة، مما يزيد من حجم العداوة التي يكنها العراقيون لتلك القوات».

وفي مدينة الحسينية شمال بغداد التي تعرضت للحصار بعد تعرض دورية أميركية لهجوم مسلح قبل ايام، قال المواطن ابو عبد الله النداوي،45 عاما، انه «منذ يوم الهجوم والجيش الأميركي يحاصر المدينة ويداهم البيوت ويقصفها بالطائرات الحربية، مما أودى بحياة أكثر من عشرين شخصا اغلبهم من النساء والأطفال». وأوضح انه خلال اليومين الماضيين جاءت تلك القوات حاملة قائمة بأسماء وصور لأشخاص مطلوبين لها حيث طلبت من السكان تسليم الأشخاص المطلوبين مقابل فك وإنهاء الحصار على المدينة.

من جهته أكد الجيش الأميركي ان قواته تقوم بتأمين مدينة الحسينية من خلال نقاط التفتيش الأمنية التي نصبتها قواته حول المدينة منذ يوم السبت الماضي، في سبيل إعادة الخدمات الأساسية الى المواطنين بعد الهجمات التي وقعت أخيرا ضد قوات التحالف. وأوضح الجيش الأميركي أن وتيرة العنف في مدينة الحسينية تصاعدت بعد غلق الطرق المؤدية الى المدينة منذ 13 يوليو (تموز) الماضي، بعد أن تم نصب الحواجز الترابية التي أدت الى إغلاق الطرق المؤدية الى المدينة، مما أدى الى قطع المساعدات المستمرة للشرطة والحكومة والخدمات الأساسية.

وأكد جون دراكو، قائد قوات التحالف في المدينة، أن وتيرة العنف تصاعدت ضد قوات التحالف بعد ارتفاع الحواجز الترابية، وتضاعفت الهجمات ضد قوات التحالف منذ بداية حزيران (يونيو) الماضي والسبب في ذلك هو المتمردون. وأوضح دراكو ان الهجمات التي يشنها المسلحون ضد قواته وقوات الأمن العراقية تعيق وتعرقل الجهود المبذولة من قبل قوات التحالف من اجل تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين في مدينة الحسينية، وبالتالي ينصب تركيز قوات التحالف وقوات الأمن العراقية على هذا التهديد التمردي بدلا من مساعدة الحكومة العراقية في توفير الخدمات الأساسية.

وكشف القائد الاميركي ان الهدف من أنشاء نقاط التفتيش حول المدينة هو إيقاف هذه الهجمات واستعادة الدخول الى المدينة وتنظيم الحياة العامة فيها بعد ان قامت قوات الأمن العراقية والجنود الاميركيون بتنظيم المرور من والى خارج الحسينية.

وتمنع القوات الأميركية سكان المدن التي تفرض عليها الحصار من الخروج أو الدخول من وإلى مدينتهم إلا في ما ندر، ويسمح لبعض السكان الذين ينتظرون لساعات طويلة أمام نقاط التفتيش التي تقيمها تلك القوات بالمشي على الأقدام، بعد ان تمنع تجوال المركبات والدراجات النارية وهو ما يسبب في عرقلة انسيابية الدوام الرسمي بالنسبة للموظفين والطلاب وأصحاب المحلات والدوائر الرسمية داخل وخارج المنطقة. وفرضت القوات الأميركية منذ دخولها العراق الحصار على مدن ومحافظات عديدة حيث ابتدأت بمدينة الفلوجة غرب البلاد في صيف عام 2004 بعد سيطرة مسلحي «القاعدة» عليها ومن ثم فرضت نفس الأسلوب على مدينة النجف أثناء الحرب التي خاضتها تلك القوات مع أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر عام 2005، ومن ثم توالت عمليات الحصار التي فرضتها تلك القوات ضد مدن وأقضية مختلفة في محافظات العراق.