التضارب بين حكومتي رام الله وغزة يشل القطاع الصحي في غزة

مديران لمستشفى واحد وإجازات نهاية أسبوع مختلفة

TT

بدا محمد أبو شادي، 55 عاما، متوتراً، عندما أخبره امس موظف الاستقبال في مستشفى «دار الشفاء» في مدينة غزة أنه لن يستطيع الحصول على التقرير الطبي الخاص بحالته الصحية. ومما زاد من توتر أبو شادي حقيقة، أنه عرف أن عدم تسلمه هذا التقرير ناجم عن وجود مديرين للمستشفى، أحدهما معين من حكومة سلام فياض في رام الله، والآخر معين من حكومة اسماعيل هنية المقالة في غزة، وبسبب هذا التضارب، فإن جميع المعاملات التي تتطلب توقيع مدير المستشفى متوقفة تماماً. ولذلك فإن على أبو شادي الذي يحتاج هذا التقرير لكي يتم تحويله لإجراء عملية مفتوحة في القلب في إسرائيل، أن ينتظر كثيراً. وبسبب التضارب في التعليمات والتعيينات بين حكومتي غزة ورام الله، فإن القطاع الصحي يعاني من شلل حقيقي في غزة. فبالنسبة لمستشفى دار الشفاء، الذي يعد أكبر مستشفيات القطاع، عينت حكومة هنية الدكتور حسن خلف مديراً للمستشفى، بينما عينت حكومة رام الله الدكتور هزاع عابد. والمثير للدهشة بل ربما للضحك أن عابد وخلف موجودان في نفس المكتب.

وقال أحد أفراد الطاقم الطبي في المستشفى لـ«الشرق الأوسط»، إنه حتى اول من امس كان المديران يصطحبان أفراد عائلتيهما معهما للمستشفى لحمايتهما، مشيرا الى أنه رغم أنه لم يحدث احتكاكات بين الجانبين، إلا أن النتيجة أن الكثير من الخدمات الطبية التي كان من المفترض أن يقدمها المستشفى قد شلت.

واحد صور التضارب بين حكومتي رام الله وغزة، هو أن حكومة غزة تصر على أن الإجازة في المستشفى، يجب ان تكون يوما واحدا وهو يوم الجمعة، في حين تصر حكومة رام الله على أن تكون الاجازة يومي الجمعة والسبت. والأوضاع في بقية مستشفيات والعيادات ودور الرعاية الصحية في قطاع غزة، ليست أقل سوءاً مما هي عليه في «دار الشفاء». وقد تجولت «الشرق الأوسط» في مستشفى «شهداء الأقصى»، وهو المستشفى الوحيد في المنطقة الوسطى من القطاع، حيث بدت الأوضاع أكثر مأساوية. فالمستشفى يعمل من دون طاقم اداري مهني، حيث انه بعد أن سيطرت حماس على القطاع، قامت حكومة هنية المقالة بتعيين مدير اداري للمستشفى، بدلاً من المدير السابق، الذي رفض تطبيق قرار حكومة هنية في بادئ الأمر، وبعد ذلك انقطع عن المجيء للمستشفى ومعه جميع الطاقم الاداري من كتاب وسكرتاريا، وموظفو الاستقبال، مع أن حكومة فياض تواصل تسديد رواتبهم. ومن أجل سد الفراغ، قامت حكومة هنية المقالة بسرعة بتعيين متطوعين من حماس، ليحلوا محل الطاقم الاداري في المستشفى. وكما قال بعض العاملين في المستشفى لـ«الشرق الأوسط»، فإن ادارة المستشفى توصلت الى «حل ابداعي» لمشكلة الاجازة الأسبوعية، بحيث يختار كل قسم من أقسام المستشفى يومي الاجازة التي يناسبه، فكل الاقسام اختار يومي الخميس والجمعة، كما قررت حكومة هنية، باستثناء قسم الجراحة الذي اختار الجمعة والسبت. في نفس الوقت فإن التضارب يصل الى حدود غير معقولة عندما يتعلق الأمر بدفع رسوم العلاج والكشف داخل المستشفى، فحكومة رام الله اصدرت امراً يقضي بعدم تحصيل رسوم على الكشف والعلاج وبقية الخدمات الصحية، حتى لا تذهب الى خزينة حكومة هنية، في حين أن الحكومة الأخرى تحث المرضى على دفع الرسوم، لكن ليس بحزم، حيث انه كما علمت «الشرق الأوسط» فإن التعليمات صدرت للموظفين عن الجباية، بعدم افتعال مشاكل مع المراجعين والمرضى، وعلى الموظف ان يطلب من المراجع دفع الرسوم، فإن لم يوافق يتركه الموظف وشأنه.