رحيل ناصر المنقور كاتب أول افتتاحية في جريدة سعودية وثاني مدير لجامعة الملك سعود

تسلم الحقيبة الوزارية وعمل سفيرا لبلاده لدى عدة دول

الأمير محمد بن نواف يتقدم جموع المصلين على جثمان الفقيد في مسجد ريجنت بارك وسط لندن (تصوير: حاتم عويضة)
TT

فقدت السعودية أحد ابرز الوجوه الادارية فيها، التي اسهمت في إدارة العملية التربوية والتعليمية والدبلوماسية طيلة اكثر من نصف قرن، إذ غيب الموت أول من أمس في لندن الشيخ ناصر بن حمد المنقور عن عمر يناهز الـ80 عاما.

وسجل الشيخ الراحل حضوراً لافتاً في بلاده، من خلال اسهاماته في قطاع التعليم، وتسلمه حقيبة وزارية، وعمله سفيراً للرياض لدى عدة دول، خصوصاً الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا، كما عد احد مؤسسي جامعة الملك سعود وثاني مدير لها، بعد وفاة أول مدير للجامعة، المصري عبد الوهاب عزام.

وقد تقدم الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة وآيرلندا جموع المصلين على جثمان الفقيد في مسجد ريجنت بارك (المركز الثقافي الإسلامي) في وسط لندن، حيث نقل السفير السعودي تعازي خادم الحرمين الشريفين وولي العهد إلى أهل الفقيد.

ولد الراحل في مدينة حوطة سدير (160 كيلومتراً شمال غرب الرياض) ودرس في كتابها، ثم رحل الى مصر، التي حصل فيها على شهادة ليسانس اداب من جامعة القاهرة عام 1952، ليعود بعدها الى بلاده ويبدأ أول خطوات له في ارساء دعائم العمل التربوي والتعليمي فيها، من خلال تسلمه عمل مدير عام التعليم في نجد، ثم المدير العام المساعد للتعليم في وزارة المعارف، ثم مدير جامعة الملك سعود، لينتقل للعمل الوزاري من خلال تسلمه حقيبة وزير دولة لشؤون رئاسة مجلس الوزراء، ثم وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية، كما عمل رئيساً لمجلس ادارة شركة كهرباء الرياض ورئيس مجلس إدارة شركة اسمنت اليمامة، ليدخل بعدها العمل الدبلوماسي سفيراً لبلاده لدى اليابان ومعتمداً لدى جمهورية الصين وكوريا الجنوبية، ثم سفيراً للرياض لدى السويد ومعتمداً لدى الدنمارك والنرويج، ثم تبدأ محطة مهمة في حياته عندما عين سفيراً لبلاده لدى واشنطن، وقبل 28 عاماً بدأت محطة أخرى مهمة في حياته، عندما عين سفيراً للسعودية لدى بريطانيا التي قضى فيها 12 عاماً، ليمضي بعدها متنقلاً بين بريطانيا وإسبانيا.

كانت هناك مواقف يجب تسجيلها عن الراحل، اذ يعد اول من كتب افتتاحية جريدة «الرياض» السعودية، في اول عدد تصدره، وذلك بخط يده، كما كان اول رئيس للبعثة التعليمية السعودية التي توجهت الى غزة عام 1965م للتعاقد مع مدرسين من فلسطين، حيث اجتمع المنقور مع عدد من الشباب الفلسطيني، في نادي المعلمين بمدرسة اليرموك في غزة، واختار مجموعة منهم للتدريس في مدارس السعودية، كما ترأس لجنة انشاء جامعة الملك سعود قبل 53 عاماً واستمر عمل اللجنة عامين، ليعين بعدها مديراً للجامعة، بعد وفاة الدكتور عبد الوهاب عزام، الذي يعد اول مدير للجامعة، وكان يشغل قبلها منصب سفير بلاده مصر لدى السعودية.

ضرب الشيخ الراحل اسمى معاني الوفاء لمسقط رأسه حوطة سدير، عندما شارك شقيقيه عبد المحسن وسعد في المساهمة في نهضة وبناء بلدتهم، عندما قدموا مشروعاً خيرياً تمثل في المركز الصحي الخيري، الذي افتتحه وزير الصحة السعودي، رغم عدم حضور سعد وناصر ورحيل عبد المحسن.

كان الراحل مدرسة في الإدارة، وقد تعلم الذين عملوا معه الكثير من أساليب الإدارة كما كان محباً للآخرين ، وزاهداً في الدنيا ورغم مروره بسنوات الطفرة في السبعينات إلا أنه خرج منها زاهداً، ولم يحقق الثراء الذي حققه أبناء جيله، فقد أوقف حياته على الوظيفة وخدمة وطنه في الداخل والخارج.

وكتب الشيخ صالح كامل قبل حوالي نصف قرن في جريدة «البلاد» السعودية كلمة وداعية في الأستاذ ناصر المنقور، بعد أن تخلى الراحل عن منصبه مديرا لجامعة الملك سعود قال فيها: «شاء الله أن يتخلى أستاذي صاحب المعالي ناصر المنقور عن قيادة الجامعة، بعد أن قطع بها شوطاً طويلاً في مدارج الكمال. فقد تسلمها وليدة تحبو بعد وفاة المرحوم عزام، وتعهدها بالرعاية حتى شبت وأوشكت على النضوج، تألم بالأمس كثيرون من أجل الجامعة يوم وفاة مؤسسها المرحوم عزام، ولكنهم ناطوا آمالهم بالأستاذ ناصر.. فلم يخيب آمالهم فكان خير خلف لخير سلف. ويتألم اليوم كثيرون من محبي هذه الجامعة لتوديع الأستاذ ناصر لمهامه مديرا لها بعد أن شاءت القدرة الإلهية أن تختاره الإرادة الملكية ليشغل هذا المنصب الجديد الحساس بالنسبة لمملكتنا الحبيبة. ألم أخير هو ألمي الشخصي لفراق الأستاذ ناصر المنقور بصفته رئيس رابطة الطلبة وبصفتي مقرر هذه الرابطة».

واعتبر الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام السعودي السابق، أن الشيخ الراحل أكسب جامعة الملك سعود، صبغة دولية وعربية، وذلك عندما تبنى عقد أول مجلس ومؤتمر لمديري الجامعات في الدول العربية، وبها اكتسبت الجامعة خلال أسبوع صفتها، واعترف بشهاداتها، وكانت من الحركات الذكية التي قام بها الشيخ المنقور خلال ترؤسه للجامعة في ذلك الحين.