تقرير: مستشار لبراون يمهد في واشنطن لانسحاب بريطاني من العراق.. ولندن تنفي

رئيس الوزراء البريطاني قبيل لقائه بوش أمس: علاقتنا ستتعزز

TT

ذكرت مصادر بريطانية مطلعة ان أحد مستشاري رئيس الحكومة غوردن براون، يسعى في واشنطن حاليا لاستطلاع رأي البيت الابيض في إمكان انسحاب مبكر للقوات البريطانية من العراق. لكن المتحدث باسم براون نفى هذه المعلومات. فيما وصل براون الى واشنطن حيث سيجري اول محادثات له مع الرئيس الاميركي جورج بوش، مؤكدا ان العلاقات القوية بين البلدين ستستمر.

وذكرت صحيفة «صانداي تايمز» ان سايمون ماكدونالد مستشار براون للشؤون الخارجية المسؤول عن الملف العراقي في الخارجية البريطانية، أعطى الانطباع بأنه «يمهد الطريق» لغوردن براون. ومنذ وصوله الى داونينغ ستريت، اعترف براون بوقوع أخطاء في العراق منذ الاجتياح في 2003، لكنه رفض الاربعاء تحديد جدول زمني لانسحاب 5500 جندي بريطاني ينتشرون في العراق، حول مدينة البصرة بشكل اساسي.

وقد اطلع ماكدونالد، السفير البريطاني السابق لدى اسرائيل والمسؤول الآن عن الملف العراقي في الخارجية البريطانية، على آراء مجموعة من المتخصصين الاميركيين في السياسة الخارجية مطلع الشهر الحالي حول عواقب انسحاب بريطاني من العراق. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال احد المتخصصين الاميركيين الذين استشارهم ماكدونالد للصحيفة البريطانية إن «الانطباع العام هو ان ماكدونالد يمهد الطريق لمناقشات براون».

وأضاف المصدر نفسه «في رأيي، تشعر بريطانيا انها لا تستطيع خوض الحرب على جبهتين في وقت واحد، في العراق وأفغانستان»، مشيرا الى سبعة آلاف جندي بريطاني ينتشرون في افغانستان في اطار القوة الدولية للمساعدة في بسط الأمن (إيساف) التابعة لحلف شمال الأطلسي». وفي تصريح للصحافيين الذين يرافقونه تم نشره قبل مغادرته الولايات المتحدة، استبعد براون التكهنات بأنه سيسعى الى ابعاد بلاده عن الولايات المتحدة بسبب الاستياء من الحرب في العراق. وقال براون «لقد كنت دائما من المؤيدين للعلاقات الاطلسية ومعجبا جدا بالروح الاميركية وروح الهدف القومي والالتزام بمنح الفرص للجميع». وأضاف «لقد زرت الولايات المتحدة مرات عدة ولدي العديد من الاصدقاء هناك. وبصفتي رئيس وزراء اريد ان افعل المزيد لتعميق العلاقات مع الولايات المتحدة».

وقال براون «من المصلحة القومية البريطانية ان تكون علاقتنا مع الولايات المتحدة قوية، وان تكون العلاقات الثنائية الاهم». وأضاف انه يعتزم «تأكيد الشراكة التاريخية القائمة على الهدف المشترك الذي يوحد بلدينا». ومن ناحيته قال ميشيل ايلام المتحدث باسم براون ان المحادثات مع بوش ستتناول مسألة دارفور ومحادثات منظمة التجارة العالمية المتوقفة. الا انه قال ان مسالة العراق ستطرح على الطاولة عندما يلتقي الزعيمان في منتجع كامب ديفيد الرئاسي يومي الاحد (أمس) والاثنين (اليوم). وصرح ايلام للصحافيين «انا متأكد من انهما سيناقشان هذه المسألة. ستتناول المناقشات مجموعة واسعة من القضايا».

وقد نفى المتحدث في وقت سابق ما ذكرته صحيفة صنداي تايمز بان مستشار براون للشؤون الخارجية سايمون ماكدونالد استطلع رأي البيت الابيض بشان احتمال انسحاب مبكر للقوات البريطانية وقوامها 5500 جندي من جنوب العراق. وقال ان «سايمون ماكدونالد اوضح جليا في اجتماع مع مستشارين اميركيين ان موقف الحكومة البريطانية لم يتغير» بشأن انتشار القوات في العراق. وقد استبعد براون اي انسحاب للقوات الى حين تحسن الاوضاع الامنية في العراق. وفيما يتعلق بمحادثات منظمة التجارة العالمية، قال ايلام ان قادة العالم لا زالوا «مهتمين بشكل تام» بتحرير التجارة، مؤكدا انه تحدث مع زعماء البرازيل والصين والهند وجنوب افريقيا مؤخرا وحثهم منح هذه المسالة «اولوية كبرى». وقد تعثرت محادثات منظمة التجارة العالمية الا ان المفاوضين الرئيسيين قالوا انهم يعتزمون زيادة الضغوط للتوصل الى تسوية في سبتمبر حول ازالة العوائق التجارية.

واضاف ايلام «لقد اقتربنا مبدئيا من التوصل الى اتفاق». اما فيما يتعلق بدارفور، التي وصفها براون خلال اجتماع مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاسبوع الماضي بانها «واحدة من اكبر الكوارث الانسانية في جيلنا»، فقال ايلام ان براون يحرص على العمل مع بوش للدفع من اجل اتخاذ مزيد من الخطوات لحل النزاع في الاقليم السوداني.

ويؤيد براون تشكيل قوة مشتركة من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي كما يؤيد فرض عقوبات اقسى ضد حكومة الخرطوم. وقد دعم الخطوة العقوبات التي فرضها بوش على السودان مؤخرا. وتحظى زيارة براون، الذي تسلم السلطة قبل نحو الشهر، باهتمام كبير لرؤية ما اذا كان شريك بوش الجديد سيكون مثل سابقه بلير متهاونا وغير منتقد لبوش. وكان دوغلاس الكسندر وزير التنمية الدولية والحليف المقرب لبراون دعا في وقت سابق من هذا الشهر لنهج متعدد الاطراف للسياسة الخارجية وذلك في خطاب القاه في العاصمة الاميركية. وقد فسر ذلك على انه انتقاد للادارة الاميركية. كما صرح مارك مالوخ براون نائب وزير الدولة للشؤون الخارجية والنائب السابق للامين العام للامم المتحدة، ان لندن وواشنطن لن تكونا «ملتصقتين» بعد الان. الا ان براون قال الاحد ان البلدين بينهما تاريخ مشترك كما يشتركان في المبادئ والمثل التي تمكنهما من مواجهة التحديات الحاضرة مثل انتشار الاسلحة النووية والفقر والتغيير المناخي والتطرف العالمي.

وأضاف «لقد اظهرت اميركا عبر صلابة وشجاعة شعبها (بعد هجمات) 11 سبتمبر انه رغم ان المباني يمكن ان تدمر الا ان القيم لا يمكن تدميرها». وتابع «ويجب ان نقر بما يدين به العالم للولايات المتحدة لقيادتها في الحرب ضد الارهاب الدولي». وتناول براون طعام العشاء مساء أمس مع بوش. ويشارك في المحادثات التي ستجري اليوم وزيرا الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند والاميركية كوندوليزا رايس. وسيتوجه براون بعد ذلك الى مقر الكونغرس حيث يلتقي بعدد من الشخصيات الجمهورية والديموقراطية من مجلسي الكونغرس ومن بينهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.

ومن المقرر ان يلتقي غدا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في نيويورك ويلقي كلمة امام الجمعية العام للامم المتحدة قبل ان يعود الى بلاده. واعلن براون الذي تسلم منصبه في 27 يونيو (حزيران)، مساء أول من امس، ان بريطانيا ستبقى «اقوى حليف» للولايات المتحدة، وان العلاقة «المميزة» يمكن ان تزداد رسوخا مع مرور الوقت. وأكد براون مساء اول من امس مجددا أن العلاقة مع الولايات المتحدة لن تشهد اي فتور؛ وذلك قبل ساعات قليلة من بدء زيارته الاولى الى الولايات المتحدة. وشدد على ان هذه العلاقة المميزة يمكن ان تتعزز. وقال براون «من المصلحة القومية البريطانية أن تكون علاقتنا مع الولايات المتحدة العلاقات الثنائية الاهم» ليخالف بذلك ما تناقلته الصحف البريطانية عن ان هذه العلاقة يمكن ألا تكون وثيقة كما كانت عليه في عهد سلفه توني بلير. وأضاف براون في تصريح ادلى به مساء السبت «انها علاقة قائمة على قيمنا المشتركة حول الحرية وكرامة الافراد.. ونظرا الى القيم التي نتقاسم فان العلاقة مع الولايات المتحدة ليست قوية فحسب بل يمكن ان تتعزز في السنوات القادمة».