البطريرك صفير يدعو الى خطاب مصالحة: كل بيت ينقسم على نفسه يخرب

الحص ينتقد «الإسفاف» في السجال بين الجميل وعون

TT

قبل أسبوع من الانتخابات الفرعية لملء المقعدين النيابيين الشاغرين في بيروت ودائرة المتن الشمالي، تواصلت الاستعدادات والتحضيرات من قبل الاطراف المتنافسة، في حين برزت انتقادات قاسية لمستوى السجال بين الفريقين المتنافسين في المتن، أي الرئيس السابق للجمهورية أمين الجميل، ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النيابي، العماد ميشال عون. وقد دعا البطريرك الماروني نصرالله صفير الى «التعالي على المنافسة والاعتبارات الفئوية وترك المجال للتراحم والمحبة واعتماد خطاب المصالحة». فيما استهجن الرئيس الاسبق للحكومة الدكتور سليم الحص «الإسفاف» في السجال الدائر بين الرئيس الجميل والعماد عون.

وحذر البطريرك صفير، في عظة القاها امس، من ان «كل بيت ينقسم على نفسه يخرب»، مشيرا الى ان هذا «يصح على العائلة والفئة والجماعة والحزب والوطن». وقال: «إن ما يجري في منطقتي بيروت العاصمة والمتن من استعدادات للانتخابات الفرعية على اثر مأساتين أودتا بحياة نائبين بارزين من نواب الوطن ووزير شاب من وزرائه، هو في اساسه سليم في الظروف العادية، لأن هذا ما يقضي به النظام الديمقراطي. لكن اللبنانيين تعودوا في مثل هذه الاحوال، خاصة المأسوية، ان يغلبوا العاطفة الانسانية على الحقوق المشروعة ويتعالوا على المنافسة الشخصية والاعتبارات الفئوية ليتركوا مجالا للتراحم والمحبة، وخاصة اذا كان من غاب ذهب ضحية اغتيال مستنكر. وبعد لم يبق من ولاية المجلس النيابي الحالي سوى سنتين وربما اقل من سنتين، ويترك المجال آنذاك للتنافس الحر. وهذا ما يفهمه، على ما يبدو، مرشحو بيروت وناخبوهم. ولكن ما نراه في المتن يختلف تماما عما تعودناه منذ زمن. فعسى ان تتغلب العادة المعمول بها منذ سنوات بعيدة، وقد أصبحت شبه تقليد، على نكء الجروح وتأجيج الخصومات».

من جهته، انتقد الرئيس الحص «الإسفاف» في السجال الانتخابي بين الرئيس الجميل والعماد عون. وقال: «الناس تسأل لماذا يا ترى أضحى مقعد نيابي في المتن الشمالي محور معركة مصير؟ لماذا يا ترى رشح رئيس اسبق للجمهورية نفسه للمقعد ولم يرشح نجله (سامي الجميل) اذا كان القصد تسجيل موقف؟ ولماذا ألقى التيار الوطني الحر بكل ثقله في هذه المعركة وهو الذي طعن بشرعية الدعوة للانتخابات؟ لماذا يا ترى لم تتحرك الحكومة فورا بعد اغتيال المغفور له (النائب) وليد عيدو؟ هل يجوز تجاوز المهلة القانونية للانتخابات من دون ترخيص قانوني صريح؟ ما كان أغنانا عن هذه المعركة ولم يعد يفصلنا عن عهد جديد سوى شهرين اذا منّ الله علينا برحمته».

الى ذلك، تابع الجميل لقاءاته مع أنصاره. وشارك أمس في قداس أقيم في كنيسة مار عبدا لراحة نفس نجله النائب والوزير الراحل بيار الجميل. وقال في كلمة للمناسبة: «لقد وضعنا أنفسنا بتصرف غبطة البطريرك، لكن البعض لم يتجاوب مع السلطة المارونية التي هي مرجعيتنا. واليوم قال البطريرك كلمته وطالب بالتقيد بالتقاليد اللبنانية والجذور الروحانية المسيحية. صحيح ان التنافس الديمقراطي الحر هو ميزة لبنان، ولكن يجب التمسك في ظروف معينة بالتقاليد والأصول والأخلاقيات. وفي أي حال، نعد البطريرك بأن نواجه المعركة بأخلاقية عالية ونتوجه الى قلوب الناس وعقول الناس لا اكثر ولا اقل، ونتجنب كل ما هو غير اخلاقي ويتناقض مع تقاليدنا، ونعتمد الحديث السياسي الذي يجب ان يترفع ويكون على المستوى المطلوب».

واستقبل الجميل، في دارته في بكفيا، النائب الياس عطا الله (قوى 14 آذار) الذي قال: «اتينا اليوم للوقوف الى جانب الشيخ امين الجميل في هذه المعركة التي هي استكمال لمسيرة الاستقلال ومسيرة الشهداء. اتينا لنؤكد موقفنا من موقع اليسار الديمقراطي ومن الموقع السيادي من هذه المعركة ليكون لها تأثير على اي لبنان نريد، لبنان الذي سيكون ساحة ملاعب الاخرين ام لبنان الذي يحفظ اضافة البطولات من شهداء الجيش الى المدنيين الى شهداء الاستقلال. جئنا لنؤكد وقوفنا الى جانب المواقف العقلانية والمواقف الصامدة السياسية. وأعتقد انه لا يوجد مواطن لبنان حقيقي لا يقف الى جانبنا».

بدوره، رئيس «حركة التجدد الديمقراطي» وأحد أركان قوى «14 آذار» النائب السابق نسيب لحود اعلن دعمه للرئيس الجميل في مواجهة مرشح «التيار الوطني الحر» كميل خوري. وقال في مؤتمر صحافي عقده امس في دارته في بعبدات (المتن): «لماذا تجرى هذه الانتخابات؟ الانتخابات تحصل لانه وقعت جريمة كبرى سياسية قذرة استهدفت احد خيرة شباب لبنان، هو بيار الجميل الذي كان نائبا صاعدا ووزيرا مميزا وأعطى صورة جديدة وجميلة عن ممارسة السياسة في لبنان. وكان رمزا سياسيا لبنانيا تعاطى معه عدد كبير من الشباب اللبناني. وقضى بهذه الجريمة القذرة التي قطعت المسيرة السياسية الواعدة التي كان هو على طريقها. لهذه الظروف ولهذه الاسباب يجري الاستحقاق الانتخابي في المتن. وهذا يختلف عن جميع الاستحقاقات السياسية التي عرفناها في المتن منذ السبعينات وحتى اليوم. هذا السبب الذي يجعل من هذه المعركة مختلفة عن جميع المعارك الاخرى. والسؤال الثاني: لماذا نحن الى جانب الرئيس امين الجميل بقوة في هذا الاستحقاق؟ نحن الى جانبه لأنه يجسد الخيار السياسي نفسه الذي استشهد من اجله الشيخ بيار الجميل. والسبب الثاني هو لاننا على تحالف مع الرئيس الجميل وحزب الكتائب اللبنانية، سواء في المتن على مدى السنوات الماضية ام على مساحة لبنان. نحن على تحالف سياسي واسع وقوي. لذلك نحن نقف الى جانب الرئيس الجميل في هذا الاستحقاق. والسؤال الثالث: لماذا ما زلنا نسعى الى التوافق حول الرئيس الجميل في هذا الاستحقاق؟ أولا لأنه خيار مبدئي ولاننا نعتبر ان هناك رسالة كبيرة توجه الى القتلة عندما نلتف حول الرئيس الجميل في هذه اللحظة بالذات. التنافس له معنى كبير في الظروف العادية ولكن في ظروف الجريمة البشعة التي وقعت، على التنافس ان يفسح في المجال امام الموقف المبدئي».