باحث مغربي ينتقد الكتابات الفرنسية الصادرة عقب وفاة الحسن الثاني

بمناسبة صدور كتابه «المغرب السياسي في فجر الألفية الثالثة»

TT

انتقد محمد كلاوي الباحث المغربي المختص في العلوم السياسية، بعض الكتابات الفرنسية، التي ظهرت عن المغرب في غضون السنوات الأخيرة، خاصة في أعقاب وفاة الملك الراحل الحسن الثاني.

وأضاف كلاوي هذه الكتابات وقعت في نوع من التسرع وإطلاق الأحكام الجاهزة، ولم تقيم المسافة اللازمة والمطلوبة بين موضوع البحث والباحث، فضلا عن أن الدراسات التي تتناول النظام السياسي في المغرب، تنطلق عموما من أفكار وفرضيات مسبقة، بل ربما أحكام يقينية وتصنيفية لطبيعة النظام تضعه في خانة معينة ترتضيها، سواء في صورته القديمة أو الحديثة.

فالفرنسيون الذين يحاولون أو يدعون فهم المغرب، تحركهم بشعور منهم أو بغير رضاهم، قناعات فكرية، تشبعوا وتأثروا بها، وهو أمر طبيعي، من خلال احتكاكهم ومعاشرتهم لنظامهم السياسي المستند الى مبادئ الجمهورية والعلمانية، وبالتالي فإن مجمل الكتابات التي ظهرت عن العاهل المغربي الملك محمد السادس بمجرد توليه الملك، والتي أنجزها من يقدمون أنفسهم كمختصين ومراقبين للتطور السياسي في المغرب، تميزت بإصدار أحكام غير متروية عن تجربة سياسية لم تكن ملامحها قد اكتملت، بل هي في طور التبلور المستمر، لحظة تأليف وإصدار مؤلفاتهم.

وأورد كلاوي الذي قدم أخيرا في أمسية ثقافية دعا إليها محمد برادة، مدير عام الشركة العربية الأفريقية للتوزيع والنشر «سابريس»، كتابه الأخير «المغرب السياسي في فجر الألفية الثالثة (1990/2006)»، مثالين من تلك الكتابات يمثلها كتابان مستقلان لكل من: جان بيير توكوا وأنياس دال، المحرران على التوالي بجريدة «لوموند» الباريسية، ووكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) اللذان خلصا إلى استنتاجات قطعية سلبية عن العهد الجديد في المغرب بعد محاكمة انتقائية لحكم والده الملك الراحل، ترتبت عنها بالتالي خلاصات فندتها التطورات اللاحقة في المغرب. فالصحافيان رغم التباعد بينهما في الأسلوب والمنهجية، لم يبرزا من عهد الملك الراحل إلا الصفحات السوداء، بينما اكتفيا عند التطرق لحكم خلفه بإبراز نواياه الطيبة، ما يعني في نظرهما استمرار النظام القديم وعدم الرغبة في التخلي عنه. وميز كلاوي في معرض تقديمه لكتابه بين أسلوب التحليل العلمي والتناول الصحافي للموضوع السياسي، إذ غالبا ما تنزع المقاربات الصحافية إلى شكل من أشكال الاستفزاز والإثارة تفرضها أحيانا طبيعة الإشكال السياسي الراهن الذي تعالجه. وتساءل الباحث بخصوص المغرب وبضمير الجمع: هل حاولنا أن نحكم على النظام الملكي من الداخل؟ أي من خلال الآليات والمنطق الذي يحكمه ويتحكم فيه، وعما إذا كان يوجد منطق أصلا؟ معطيا المثال من النقاش الدائر حاليا في المغرب بخصوص الفصل 19 من الدستور الذي يعطي صلاحيات مطلقة لعاهل البلاد، قلما وقع اللجوء إليها بشكل ممنهج ومتعمد حتى في أحلك الظروف والفترات السياسية التي مر بها المغرب في تاريخه الحديث. ودعا كلاوي إلى إعمال مجهود فكري لفهم ذلك الفصل المثير للجدل ووضعه في سياقه القانوني واستحضار أسباب نزوله، ثم التساؤل أيضا عن إمكانية ومشروعية تجاوزه. وأشار بهذا الخصوص إلى أن الدستور المغربي الحالي مثل سابقيه، يستند الى ثنائية قد تبدو متناقضة بنظر المؤلف. فالوثيقة الأسمى تحاول من جهة أن تحاكي أو تعيد إنتاج نموذج الدستور الفرنسي (نظام الجمهورية الخامسة) وفي نفس الوقت يحيل الدستور المغربي الى ما أسماه كلاوي «النظام الخليفي»، ويرى في هذه الخاصية انتقالا، من حقل إلى آخر بصورة تستعصي أحيانا على الفهم.