مسودة أول ميثاق لرابطة آسيان تحافظ على طريقة التصويت بتوافق الآراء

الرابطة عملاق اقتصادي وقزم سياسي يضم نصف مليار نسمة

TT

قال مسؤول كبير أمس ان دبلوماسيي دول جنوب شرقي اسيا انتهوا من صياغة أول ميثاق تاريخي للرابطة لكنهم لم يضمنوه بندا لإنشاء لجنة لحقوق الانسان. ووافق الدبلوماسيون المعنيون بصياغة الميثاق في رابطة دول جنوب شرقي اسيا (آسيان) أيضا على الاحتفاظ بالطريقة التقليدية التي تتبعها الرابطة في اتخاذ قراراتها وهي توافق الآراء.

ولم تذكر المسودة الاولى التي اطلعت رويترز على نسخة منها فرض عقوبات على الدول الاعضاء التي ترتكب انتهاكا صارخا لميثاق اسيان.

وقال الدبلوماسي الذي طلب عدم ذكر اسمه لانه غير مخول بالتحدث باسم لجنة صياغة الميثاق لرويترز: لقد أنجزنا المهمة الموكلة لنا...

ونترك الامر الان لوزرائنا لاتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع انشاء الية للدفاع عن حقوق الانسان. وانتقد الغرب آسيان لعقود من الزمن بسبب ترددها في التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاعضاء والتزامها باتخاذ القرارات فقط من خلال توافق الاراء.

وألقت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بشكل خاص باللوم على الرابطة لعدم ضغطها بما يكفي على الحكام العسكريين لميانمار لانهاء انتهاكات حقوق الانسان والحملة ضد المعارضة. واعربت دول من اقدم اعضاء الرابطة من بينها العضوان المؤسسان ماليزيا والفلبين عن قلقها من أن صورة آسيان ككل بدأت تتأثر سلبا بسبب ميانمار.

والدول الاخرى المؤسسة للرابطة هي اندونيسيا وسنغافورة وتايلاند وانضمت بروناي وكمبوديا ولاوس وميانمار وفيتنام لاحقا. وقالت رويترز انه من المقرر أن يناقش وزراء خارجية دول آسيان بصورة مطولة الميثاق المقترح بعد أن تقدم اللجنة المعنية بصياغته لهم أول مسودة اليوم في بداية اجتماع يستمر يومين في مانيلا.

وقال المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الفلبينية كلارو كريستوبال الوزراء لديهم كل الاسباب والتفويض والقدرة لبحث ودراسة والخروج بوثيقة مهمة مثل ميثاق يخصهم. وأضاف المتحدث الفلبيني ان هذه وثيقة مهمة جدا كما قلت ولها القدرة على وضع قواعد لحياة نصف مليار نسمة. وينظر الى ميثاق آسيان بوصفه حجر الزاوية للرابطة لأنه سيخلق مجتمعاً مبنياً على القواعد.

وحتى الآن باشرت الرابطة عملها دون دستور وحبذت الاعتماد على الدبلوماسية غير الرسمية واتخاذ القرارات بتوافق الآراء لكن الكثير من القادة يعتقدون أن الميثاق ضروري لمساعدة الجماعة على تكاملها الاقتصادي.

وتعمل اللجنة المختصة بصياغة ميثاق آسيان منذ نحو أسبوع لإتمام أول مسودة تعرض للمناقشة غدا في الاجتماع الوزاري الاربعين الذي سيصدق على الوثيقة لتبنيها في قمة لزعماء الدول الاعضاء تعقد في نوفمبر (تشرين الثاني).

وقال كريستوبال (اليوم.. الليلة ليس الموعد النهائي لانتهاء عمل لجنة العمل رفيعة المستوى... سيستمرون في الوجود حتى يحين الوقت الذي ينهون فيه تفويضهم الذي منحهم إياه القادة). وهناك اجتماعان من المقرر عقدهما للجنة صياغة الميثاق اولهما الشهر القادم والثاني في سبتمبر (أيلول) لإنهاء مهمتهم قبل القمة الثالثة عشرة لقادة الرابطة التي تعقد في سنغافورة.

يذكر ان رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) التي تجتمع اعتبارا من الاثنين في الفلبين هي مؤسسة إقليمية ذات طابع اقتصادي وثقافي لكنها ما زالت قزما سياسيا على الساحة الدولية. وحسب تقرير لوكالة الانباء الالمانية فان آسيان تأسست في اغسطس 1967 في بانكوك وتضم عشر دول تمثل اكثر من خمسمائة مليون نسمة. وكانت المنظمة تعد اصلا خمسة اعضاء هي تايلاند وماليزيا وسنغافورة واندونيسيا والفلبين.

وكان مؤسسوها يرغبون آنذاك في تشكيل تكتل قادر على الوقوف في وجه زحف الشيوعية في المنطقة. لكن هذا الوضع لم يعد قائما مع زوال الاتحاد السوفياتي.

وقد ركزت آسيان بعد ذلك اهتمامها على الاهداف الاقتصادية وضمت في صفوفها سلطنة بروناي الثرية في العام 1984 ثم بعدها الدول الاربع: فيتنام (1995) ولاوس وبورما (1997) وكمبوديا (1999).

وعانى التكتل بشكل قاس من الازمة الاسيوية في 1997، لكنه عاد اليوم ليسجل نموا متينا. وباتت دول تسعى للتقرب منه خصوصا الهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية التي ترغب في التفاوض من اجل ابرام اتفاقات للتبادل الحر.

لكن آسيان تعتبر في المقابل من الناحية السياسية هيئة ضعيفة عموما.

واصبح الامن الاقليمي لا سيما ازاء التهديد الارهابي مجددا اولوية لدى اعضائها ولا تزال المنظمة المنبر الوحيد لايجاد تسويات جماعية للازمات في المنطقة. الا ان كل دول تحتفظ بسيادتها الكاملة على المسائل الوطنية. كما تمتنع الدول الاعضاء عن التدخل باي شكل من الاشكال في الشؤون الداخلية للدول الاخرى. انطلاقا من ذلك لا يحتل ملف حقوق الانسان في اجندة الاجتماعات مكانة مهمة.