بي نظير بوتو تعتبر أحداث المسجد الأحمر بروفة لثورة «ماكرة» يحضر لها المتشددون

دعت لنزع سلاح المدارس الدينية وإسلام آباد تبدي استياءها من مشروع الكونغرس

باكستانيان يجلسان بين أنقاض المطعم الذي استهدف بهجوم انتحاري قرب المسجد الأحمر في إسلام آباد (أ.ف.ب)
TT

حذرت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بي نظير بوتو من ان المتشددين في بلادها يحضرون لثورة ماكرة تنطلق من المدارس الدينية.

واضافت في حديث تنشره اليوم مجلة «فوكوس» الالمانية، ان احداث «المسجد الاحمر لم تكن الا وسيلة للاستعداد، تمهيدا لما سيجري اذا لم يتم نزع سلاح المدارس الدينية».

وحذرت رئيسة الوزراء السابقة من محاولات تشكيل نظام او جيش مواز، مضيفة انها، لو كانت في السلطة، «لاقدمت على تطهير كل مقر عام يتخذ من المدارس غطاء لتخزين الاسلحة والتدريب على القتال».

وجاءت هذه التصريحات في وقت تسببت عملية انتحارية الجمعة في اسلام اباد، بمقتل 14 شخصا على الاقل، واستهدفت عناصر في الشرطة كانوا يعملون على اخراج طلاب اسلاميين احتلوا من جديد المسجد الاحمر بعد اعادة فتحه، وسط فوضى نتجت عن مطالبة هؤلاء الطلاب بأن يؤم الصلاة في المسجد امامه السابق الموجود حاليا في السجن.

وهو الهجوم الانتحاري الثالث عشر من نوعه، ضمن سلسلة من العمليات الانتحارية التي تستهدف البلاد منذ العملية العسكرية التي نفذها الجيش على المسجد الاحمر في 10 يوليو (تموز).

وتولت بي نظير بوتو، التي تعيش في المنفى منذ 1999، رئاسة الحكومة الباكستانية مرتين في التسعينات. وقالت للمجلة الالمانية انها تنوي «العودة الى بلادها بين سبتمبر (ايلول) وديسمبر (كانون الاول) المقبلين. وقالت: «سأعود مهما كانت نتائج محادثاتي مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف».

واضافت ان الاتهامات بالفساد الموجهة اليها «لا إثبات عليها»، مذكرة بمبدأ «المتهم بريء حتى تثبت ادانته».

يذكر ان عدة تقارير اشارت الى عقد اجتماع سري في ابوظبي يوم الجمعة بين بي نظير بوتو ومشرف، في محاولة للوصول الى اتفاق لتقاسم السلطة. وعاد مشرف الى بلاده في وقت مبكر من صباح أمس، بعد زيارة قصيرة للسعودية والامارات. وحفلت وسائل الاعلام الباكستانية بتقارير عن اجتماع مع بوتو، التي توجهت للامارات من لندن لاجراء محادثات لم يعلن عنها مسبقا مع مشرف يوم الجمعة الماضي.

والتزم مشرف وبوتو الصمت ازاء الاجتماع، ولكن وزير الشؤون البرلمانية شير افغان خان نيازي، اكد عقد الاجتماع. وصرح قائلا: اؤكد عقد الاجتماع. ما من شك في ذلك. وفي تصريحات لتلفزيون «اج»: لم تنف بوتو او تؤكد اجراء محادثات. وقالت: «انا في لندن اعقد اجتماعا برلمانيا (لحزبها)، وهناك نفى المتحدث باسم الحكومة والسفارة الباكستانية في الامارات عقد الاجتماع. ولكنها مضت قائلة: انها تجري حوارا مع الحكومة، ولكن لم يتم التوصل لاتفاق. وتابعت «سأطلعكم بكل تأكيد حين يكون هناك اتفاق». وذكرت صحيفة «ذا نيوز» اليومية الكبرى، ان الاتفاق ابرم بالفعل. ونقلت الصحيفة عن مصادر موثوق بها لم تحددها، اجتماع ابوظبي كان بالفعل حفلا للتوقيع في نهاية محادثات طويلة وشاقة. ويمر الرئيس مشرف بأضعف فترة في اعوام حكمه الثمانية، وأثار قرار المحكمة العليا الاسبوع الماضي بإعادة رئيس القضاة، الذي حاول مشرف اقصاءه على مدى أربعة أشهر الى منصبه علامات استفهام بشأن قدرته على ضمان الفوز بفترة رئاسية لخمس سنوات جديدة.

ويريد مشرف ان يعاد انتخابه من قبل المجالس الحالية، بينما يظل قائدا للجيش. وتقول بوتو انه يجب اعادة انتخابه بعد اجراء انتخابات برلمانية مقررة قرب نهاية العام، وانه يجب ان يخوض الانتخابات كمدني.

وقال نيازي انه في حالة التوصل لحل وسط ينبغي اجراء تعديلات قانونية ودستورية. وتابع هناك القضية المتعلقة بانتماء الرئيس للجيش. وتعيش بوتو في منفى اختياري في لندن ودبي وترى ان موقفها التفاوضي للعودة لرئاسة الوزارة يزداد قوة، في الوقت الذي تضعف فيه قبضة مشرف على السلطة. وتقول مصادر حكومية ان مشرف سيكون على استعداد لاعطاء حزب الشعب الباكستاني، الذي تتزعمه بوتو نصيبا في السلطة، لكنه يفضل ان تظل بوتو على الهامش.

وفي قضية اخرى قالت وزارة الخارجية الباكستانية ان مشروع القانون الاميركي، الذي يربط المساعدات لباكستان باحراز تقدم في قمع تنظيم القاعدة ومتشددين اخرين، يلقي بظلاله على العلاقات مع واشنطن.

وقالت تسنيم اسلام المتحدثة باسم الوزارة، ان ربط المساعدات بجهود مناهضة الارهاب قد تكون له نتائج عكسية.

وأضافت مثل هذا الربط لم يكن في مصلحة التعاون المشترك في الماضي ويمكن أن يكون ضارا في المستقبل. والشروط ضمن مشروع قانون موسع أقر الاسبوع الماضي يهدف أساسا لتنفيذ توصيات لجنة 11 سبتمبر (أيلول) لمكافحة الارهاب.

وتعكس هذه الشروط القلق المتزايد بين المشرعين الاميركيين من أن تنظيم القاعدة ومتشددين اخرين أصبحوا يحتمون في ملاذات آمنة في المناطق القبلية في باكستان قرب أفغانستان ويستخدمونها قاعدة لشن هجمات ضد قوات كابل وقوات حلف شمال الاطلسي والقوات المتحالفة بقيادة الولايات المتحدة. وعلى الرغم من الدعم القوي للرئيس الباكستاني برويز مشرف، الا أن بعض المسؤولين في الادارة الاميركية برئاسة جورج بوش أبدوا في الآونة الاخيرة مخاوف مشابهة.

وبمقتضى مشروع القانون سيجرى ربط المساعدات الاقتصادية والعسكرية الاميركية في المستقبل لباكستان بالخطوات التي تتخذها اسلام آباد، مثل القضاء على المعسكرات التدريبية للمتشددين واعتقال زعمائهم ووقف الهجمات عبر الحدود وكذلك تنفيذ اصلاحات ديمقراطية.

ويطالب مشروع القانون بوش التأكد من أن باكستان تحرز تقدما فيما يتعلق بهذه الخطوات. وقالت تسنيم اسلام ان التشريع يتضمن اشارات وشروطا تلقي ظلالا على التعاون القائم بين باكستان والولايات المتحدة. واعتبرت مشروع القانون مثيرا للاستياء من وجهة نظر باكستان، وستحصل باكستان هذا العام على نحو 700 مليون دولار، مساعدات اقتصادية وعسكرية، وفي عام 2008 من المتوقع أن تحصل على أكثر من 800 مليون دولار.

وتابعت تسنيم اسلام أن باكستان كانت تتوقع بدلا من ذلك تفهما ودعما في التعامل مع تهديد المتشددين. وأضافت، «سنستمر في محاربة القاعدة والطلبنة والعناصر الارهابية والمتطرفة الاخرى بتصميم وعزم».

ونفى مشرف يوم الجمعة أن القاعدة ومتشددي طالبان يعيدون تنظيم صفوفهم في الاراضي الباكستانية ويشنون هجمات عبر الحدود.

الى ذلك احتل عشرات من المقاتلين الملثمين الموالين لطالبان أمس مسجدا في مناطق قبلية مضطربة في باكستان وأطلقوا عليه اسم المسجد الاحمر على غرار المسجد الاحمر في اسلام اباد الذي اغلقته السلطات الباكستانية الاسبوع الماضى الى اجل غير مسمى بعد هجوم انتحاري.

وقال سكان المنطقة ان المتطرفين الذين سيطروا على المسجد الواقع في قرية غازي بمنطقة محمد القبلية اعلنوا ايضا اعتزامهم اقامة معهد ديني اسلامي يحمل اسم مدرسة الفتيات التي كانت ملحقة بالمسجد الاحمر بإسلام اباد وهي جمعية حفصة. وصرح مسؤول محلي، تحدث بشرط عدم ذكر اسمه، ان المتشددين الذين كانوا مسلحين بالمدافع الرشاشة وقاذفات الصواريخ اتخذوا مواقع في فناء المسجد وعلى سطحه.

وأغلقت الحكومة المسجد الاحمر في اسلام اباد عندما قتل مهاجم انتحاري 15 شخصا بينهم ثمانية من رجال الشرطة تم نشرهم لإخماد تمرد الطلبة الاسلاميين في مجمع المسجد لعدة ساعات بعد إعادة فتحه لأداء صلاة الجمعة.