المالكي يحذر «التوافق»: لن نجمد العملية السياسية في انتظار تغيرات جوهرية

أكبر كتلة برلمانية سنية ماضية في خطة الانسحاب.. وتحمل رئيس الحكومة المسؤولية

TT

عاد القادة العراقيون المتنازعون الى حروبهم الكلامية، أمس، بعد يوم من الوحدة والاحتفالات بفوز المنتخب العراقي لكرة القدم بكأس آسيا.

وبينما كان السياسيون يرسلون التهاني الى الفريق العراقي الذي يضم لاعبين سنة وشيعة وأكرادا، اعترفوا بان الحكومة ما زالت تنوء تحت النزاع المذهبي والاحتقان السياسي؛ ففي هزة اولى بعد الافراح والاحتفالات التي شهدتها البلاد، حمل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بشدة على جبهة التوافق العراقية اكبر تكتل برلماني للعرب السنة في البلاد، قائلا انها تحاول تجميد العملية السياسية بانتظار تطورات إقليمية أو دولية معينة، مؤكدا انه لن يسمح بذلك لأنه يعني تفسخ العملية السياسية وانتهائها. فيما اكدت التوافق من جانبها مضيها في خطة الانسحاب وحملت المالكي المسؤولية، فيما تبقى يوم واحد للمهلة التي حددتها لإجابة 11 مطلبا كشرط للبقاء في الحكومة.

وقال المالكي في بيان صحافي صادر عن مكتبه امس تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه «إننا ضد دكتاتورية الأكثرية وبدرجة أشد ضد دكتاتورية الأقلية، وليس من الصحيح أن يرى البعض ان دوره ينحصر في الجلوس جانباً وتسجيل الأخطاء فيما يجب على الآخر أن يواجه التحديات ويخوض المعركة لوحده». ووصف رئيس الحكومة العراقية بيان جبهة التوافق الذي اصدرته السبت الماضي واعتبرت فيه رد الحكومة العراقية على مطالبها الـ(11) بأنه تشويه للحقائق، مهددة بالانسحاب من الحكومة في حال عدم تنفيذ مطالبها، بأنه «غير موفق»، مؤكدا ان على الشركاء السياسيين جميعاً أن يتحملوا مسؤولياتهم في العملية السياسية والعمل على تفعيل المشاركة فيها.

وفي إشارة إلى العلاقات مع الدول العربية والانتقادات التي وجهت إلى الحكومة في هذا المجال، قال المالكي «إن الدول العربية تعرف جيداً ان العراق كان شخصياً مبادراً لتطوير العلاقات مع الدول العربية وإنه يهدف إلى بناء علاقات تضامنية تعاونية مبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية».  على الصعيد نفسه، اصدرت جبهة التوافق العراقية بيانا اكدت فيه ان بيان الناطق باسم الحكومة العراقية حول تهديد التوافق بالانسحاب يمثل رد رئيس الوزراء وليس مجلس الوزراء، وقال البيان الذي حصلت «الشرق الاوسط» على نسخة، إن «الجبهة تقرأ رد الحكومة باعتباره يمثل موقف رئيس الوزراء (فقط) وليس الحكومة، وهذه إضافة جديدة الى سجله في تجاهل حتى الذين يعنيهم الامر وتهميشهم وعدم استشارتهم في مسائل حساسة»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف ان «رد رئيس الوزراء متشنج سلبي كالعادة، ويبدو انه غير معني بالتحفظات والمظالم والملاحظات التي اشار اليها بيان الجبهة».

وقال قيادي في جبهة التوافق، إن الجبهة لم تتلق أي رد بشأن مطالبها الـ 11 التي تقدمت بها يوم الاربعاء الماضي سوى بيان المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ. ووصف النائب عمر عبد الستار البيان الحكومي بأنه «استجابة سلبية بائسة»، وأضاف عبد الستار لـ«الشرق الاوسط» أن بيان الدباغ يثبت أن مكتب رئيس الوزراء يعمل بشكل منفرد، وأن «البيان لا يمثل رأي السلطات التنفيذية ولا رئاسة الجمهورية ولا الائتلاف العراقي الموحد ولا الوزراء، وانما مكتب رئيس الوزراء». وأضاف أن الرد «أثبت النهج الإقصائي والانفرادي الذي يتمسك به مكتب رئيس الوزراء». وأكد عبد الستار عزيمة جبهة التوافق الانسحاب من الحكومة العراقية، وأضاف «موقفنا أصبح راسخا، على الحكومة ان تستقيل او ان يعاد تشكيلها».

وقال عبد الستار «إن الجبهة منحت الحكومة فرصا كثيرة لتغيير سياستها، وآخر تلك الفرص كانت المهلة التي منحتها الجبهة الاربعاء الماضي»، وأضاف ان «الحكومة فشلت في الاستفادة منها». وقال ان الحكومة «أحرجت أمام المطالب الوطنية والمشروعة لجبهة التوافق، الامر الذي جعلها ترد بطريقة بائسة». وقال عبد الستار إن «الجبهة ستنتظر حتى اللحظة الاخيرة أي مؤشر ايجابي حقيقي من الحكومة» قبل انتهاء المهلة يوم غد لتعلن موقفها النهائي.

وقال عبد الستار إن جبهة التوافق في حال انسحابها من الحكومة فانها ستستمر في العمل السياسي، ونفى ان يكون للجبهة النية في الانسحاب من مجلس رئاسة الجمهورية أو البرلمان.

وكانت الجبهة (44 مقعدا) قد هددت بالانسحاب من الحكومة الاسبوع الماضي في حال عدم الاستجابة لجملة من المطالب في مقدمتها اعطاء صلاحيات اكبر في القرار وإطلاق سراح المعتقلين والالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الانسان وإيقاف المداهمات وإيقاف عملية دمج الميليشيات بالقوات المسلحة وتسييس القوات المسلحة وإبعاد الحزبيين عن المناصب العليا في الجيش والشرطة.

وقد أمهلت الجبهة المالكي اسبوعا لتلبية مطالبها، لكن بيانا صادرا عن رئيس الحكومة قال «سياسة التهديد والضغوط والابتزاز» التي اتهم الجبهة باتباعها «غير مجدية»، مؤكدا ان «تعطيل عمل الحكومة ومجلس النواب والعملية السياسية لن يعيد العراق الى زمن الدكتاتورية والعبودية». وأكدت جبهة التوافق في بيان أمس أن «رئيس الوزراء لا نية له لمعالجة الموقف وتحمل مسؤوليته بشجاعة لتدارك الوضع (...). ببساطة يغلق أبواب الإصلاح». وأضافت ان «جبهة التوافق ستكون معذورة في المضي بخطتها للانسحاب من الحكومة في الموعد الذي حددته بعد ان منحت رئيس الوزراء فرصة مواتية».

من جهته، أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ان «على الشركاء السياسيين جميعاً أن يتحملوا مسؤولياتهم في العملية السياسية والعمل على تفعيل المشاركة»، وقال في لقاء له امس مع قناة البغدادية الفضائية وحسب بيان لمكتبه «إننا ضد دكتاتورية الأكثرية وبدرجة أشد ضد دكتاتورية الأقلية».

مشيرا الى «أنه ليس من الصحيح أن يرى البعض ان دوره ينحصر في الجلوس جانباً وتسجيل الأخطاء فيما يجب على الآخر أن يواجه التحديات ويخوض المعركة لوحده». وفي إشارة إلى العلاقات مع الدول العربية والانتقادات التي وجهت إلى الحكومة في هذا المجال، أكد المالكي «أن الدول العربية تعرف جيداً ان العراق كان مبادراً لتطوير العلاقات مع الدول العربية، وانه يهدف إلى بناء علاقات تضامنية تعاونية مبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية». ووصف بيان جبهة التوافق الأخير وتهديدها بالانسحاب من الحكومة، بأنه بيان غير موفق.