نائبة في البرلمان: الإرهاب والفساد الإداري يتحكمان بالاقتصاد

منظمات إنسانية دولية تدعو إلى توفير مساعدات عاجلة للعراقيين

TT

أثار تقرير صادر عن منظمات انسانية دولية قال ان ثلث تعداد الشعب العراقي بحاجة الى مساعدات انسانية عاجلة، موجة ردود من قبل الحكومة العراقية وفعاليات سياسية مختلفة. وقالت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار والإعمار في البرلمان العراقي، ان الوضع الامني المتدهور والفساد الاداري يعدان اللاعب الاساسي في تردي المستوى الاقتصادي في البلاد، بيد انها قالت لا يمكن التحقق من مصداقية الارقام التي طرحتها تلك المنظمات.

وقال التقرير المشترك الذي اصدرته مؤسسة اوكسفام وشبكة وكالة الاغاثة بالتعاون مع لجنة العراق الدولية، ان التهديد اليومي للعنف المسلح يعتبر أكبر مشكلة تواجه نحو ثمانية ملايين من العراقيين العاديين الذين هم بحاجة ماسة لموارد المياه والغذاء والمأوى.

وأيدت النائبة عامرة البلداوي لـ«الشرق الاوسط» ما جاء في التقرير من ان فقدان الامن والخوف يقفان وراء الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في البلاد، الأمر الذي دفع بالعديد الى ترك أعمالهم وبالتالي تحولهم من الحالة المعاشية المتوسطة الى دون مستوى الفقر. وأضافت ان عدم الاستقرار في البلاد أوقف المشاريع الخاصة والاستثمارات. بيد انها شككت في الوقت ذاته بصحة هكذا تقارير، وقالت «لا يمكن التنبؤ بصحة الارقام التي وردت فيها ان كانت موثوقة او تقريبية».

وقالت البلداوي ان لدى الحكومة العراقية العديد من الخطط التي تروم تنفيذها «إلا ان الارهاب يعتبر اللاعب الرئيسي الذي يحول دون تنفيذ المشاريع».

وقالت البلداوي ان مشاكل كثيرة تحيط ببرنامج توزيع الحصة الغذائية الشهرية للعراقيين وان الفساد الاداري يواكب برنامج الحصة الغذائية بدءا من ابرام العقود وانتهاء بعملية التوزيع. وأضافت البلداوي أن الحكومة العراقية تفكر بوضع بدائل لبرنامج الحصة الغذائية كمنح اموال. إلا انها شككت ايضا في امكانية وصول الاموال الى اصحابها بسبب الوضع الامني والفساد الاداري. وقالت البلداوي ان الفساد الاداري قد استشرى بمؤسسات الدولة منذ عام 2003 إلا ان هناك حالة من التناقص هذا العام بسبب نشاط هيئة النزاهة ودوائر المفتشين.

من جهتها، قالت منال العمر المدير الاقليمي للشرق الاوسط في منظمة اوكسفام ان «الملايين من العراقيين اجبروا على الهرب من اعمال العنف؛ اما بالنزوح الى مناطق داخلية او الهجرة الى الخارج، فيما يعيش الكثير من هؤلاء في حالة فقر مدقع». ومضت تقول انه «بالرغم من العنف المريع فان بمقدور الحكومة العراقية والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بذل مزيد من الجهود لتلبية احتياجات الشعب العراقي؛ اذ يتعين على الحكومة العراقية التعهد بمساعدة أكثر المواطنين العراقيين فقرا من بينهم اولئك الذين نزحوا داخليا، وذلك بواسطة تكثيف توزيع المساعدات الغذائية وتوفير الدعم المالي للضعفاء». وشددت على انه يتعين على الدول الغربية المانحة ايضا، العمل مع منظمات الإغاثة الدولية والعراقية لتطوير انظمة اكثر مرونة من اجل ضمان عمل هذه المنظمات بشكل عملي ومؤثر.

وجاء في التقرير ان الوضع قد تدهور بسرعة في شهر ابريل (نيسان) لعام 2004؛ وذلك بعد الهجمات التي استهدفت مدينتي الفلوجة والنجف. ومن ثم كان التحول سريعا وملحوظا لما هو أسوأ في شهر فبراير (شباط) لعام 2006 بعد تفجير مرقد الإمامين العسكري في سامراء، وهو من ضمن أكثر الاماكن قدسية لدى الشيعة، مما أثار تصعيدا في الفتنة الطائفية في جميع أرجاء البلد. ولا يمكن حصر أسباب العنف في الصراع الطائفي فحسب، فهو يعود أيضا للصراع على السلطة على كافة مستويات المجتمع.

وأضاف التقرير «غير أن السكان يعانون من نوع آخر من الكوارث الإنسانية ذات درجة شديدة من الخطورة. المدنيون في العراق لا يتمتعون بحقوق الإنسان الجوهرية، حيث يعانون من الفقر المدقع وسوء التغذية والأمراض وعدم الحصول على الخدمات الأساسية وتدمير المنازل والمرافق الحيوية والبنية التحتية، بالاضافة الى التعرض للإصابات أو الموت».

وتبين المؤشرات الأساسية للاحتياجات الإنسانية في العراق، أن الانزلاق الى الفقر والحرمان منذ دخول قوات التحالف البلاد في عام 2003 كان مأساويا وفاجعة كبيرة على الشعب العراقي؛ فعدد اللاجئين والأشخاص النازحين أصبح الآن ضخما بكل المقاييس الحديثة. وأكد ان الحكومة العراقية والأمم المتحدة والمانحين الدوليين لا يواجهون هذا الوضع المتدهور بشكل كاف إلى الآن. ووفقا لبيتر كيسلر، المتحدث الرسمي باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن «هنالك إنكارا مطلقا للأثر، الأثر الإنساني للحرب». وتقدر بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدات في العراق ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، أن ما يصل إلى ثمانية ملايين عراقي بحاجة إلى المساعدة الفورية، ويتفاقم الوضع وبشكل خاص على أولئك القاطنين في المنطقة الوسطى من العراق، في حين يظل الوضع في المناطق الجنوبية حساساً. وحتى في الأماكن الأكثر نموا واستقرارا مثل المناطق الشمالية فإن العنف ينتشر والمجتمعات تصارع لتلبي احتياجاتها الخاصة بها واحتياجات اولئك السكان النازحين.