طالبان تمهل الحكومة الأفغانية 24 ساعة لتبادل المعتقلين أو قتل الرهائن الكوريين

سيول تتهم واشنطن ضمنا بالتضحية برعاياها المحتجزين وتستنجد بباكستان والمؤتمر الإسلامي والأزهر لحل القضية

والدة الكوري الذي اعدمته طالبان أول من امس تبكي بعد تلقيها النبأ (ا.ب)
TT

امهلت حركة طالبان الحكومة الافغانية 24 ساعة تنتهي اليوم لقبول تبادل للمعتقلين وانقاذ الرهائن الكوريين الجنوبيين الـ21 الذين «ما زالوا احياء»، غداة اعدامها بالرصاص لثاني رهينة منهم اول من امس. وصعدت كوريا الجنوبية من لهجتها أمس وأعربت عن غضبها لمقتل الرهينة، قائلة انها لن تقف مكتوفة الايدي، وتحمل المسؤولية «لمن ضحوا برعايانا» في اشارة ضمنية الى الولايات المتحدة التي قالت وسائل اعلام في سيول أمس انها «تملك مفتاح قضية مصير الرهائن الاحياء»، وان «امتناعها من اجابة مطالب حركة طالبان كلف كوريا اثنين من رعاياها». وطلبت كوريا تدخل باكستان ومنظمة المؤتمر الاسلامي، والازهر بمصر لانقاذ رهائنها.

وقال المتحدث باسم طالبان يوسف احمدي لوكالة الصحافة الفرنسية أمس في اليوم الثالث عشر لاحتجاز الرهائن ان «انذارنا الاخير بالنسبة للكوريين الجنوبيين الـ21 الذين ما زالوا احياء هو ظهر غد» الاربعاء. واضاف «اذا لم تحترم طلباتنا حتى ذلك الحين، سنبدأ بقتل بقية الرهائن»، موضحا ان كل النساء الـ16 في المجموعة «مريضات». فيما أشار قاريء محمد يوسف وهو متحدث آخر باسم طالبان لرويترز «اذا لم تقدم ادارة كابول والحكومة الكورية ردا ايجابيا على مطلبنا بشأن الافراج عن سجناء طالبان ظهر غد (صباح اليوم بتوقيت غرينتش) سنبدأ بقتل رهائن آخرين».

وقال متحدث باسم الرئيس حميد كرزاي ان الاذعان لمطالب طالبان سيشجعها عل خطف مزيد من الاشخاص. وقال هومايون حامد زادة للصحافيين دون ان يخوض في تفاصيل «يجب الا نشجع على الخطف من خلال قبول مطالبهم.. في هذا الموقف فاننا نفعل ما هو افضل لمصلحة الرهائن والحكومة».

وتأتي هذه المهلة الجديدة غداة قتل رهينة ثان وهو رجل في التاسعة والعشرين من العمر. وقد عثرت شرطة ولاية غزنة (140 كلم جنوب كابول) على جثته اول من أمس في افغانستان وهي تحمل اثار رصاص. وكانت المجموعة التي تضم اعضاء في الكنيسة الانجيلية يقومون «بمهمة انسانية» في افغانستان، خطفت في هذه الولاية في 19 يوليو (تموز) الماضي. وقال قائد شرطة الولاية علي شاه احمدزاي لوكالة الصحافة الفرنسية ان «جثة الكوري الجنوبي عثر عليها خلال الليل في منطقة اندار وهي تحمل اثار رصاص». وقال شهود ان الجثة تحمل اثار اربع او خمس رصاصات في الصدر والرأس.

وقال المتحدث باسم طالبان «اعطينا الحكومة الافغانية مهلات عدة لكنها لم تأخذها في الاعتبار». مشيرا الى ان الكوري القتيل يدعى سونغ مين وقتل برشاش كلاشنيكوف وتركت جثته في منطقة قره باغ، في ولاية غزنة.

وعبرت الحكومة الكورية الجنوبية عن «غضبها» بعد اعدام الرهينة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الجنوبية شو هي وونغ بعد العثور على جثة الرهينة الذي قتل ان «الحكومة لا يمكنها سوى التعبير عن غضبها الشديد وتدين بقوة هذا العمل الوحشي». واضاف المتحدث ان «الحكومة تدعو الخاطفين الى الكف عن هذه الوحشية والافراج عن رعاياها»، مؤكدا ان الحكومة «ستواصل بذل قصارى جهدها بهدف اعادتهم سالمين». وقالت الوزارة ان الرهينة الثاني الذي قتل هو شيم سونغ مين، 29 عاما،. وذكر اصدقاء واقرباء له انه استقال منذ شهرين من عمله في شركة للاتصالات لتعليم معوقين لحساب الكنيسة الانجيلية سايم مول.

واكد المتحدث الكوري الجنوبي انه «اذا تكرر مثل هذا العمل، فان الحكومة لن تبقى مكتوفة الايدي وتؤكد انها ستحمل المسؤولية لمن ضحوا برعايانا».

وقال خبراء ووسائل اعلام من كوريا الجنوبية ان الولايات المتحدة تملك مفتاح حل قضية مصير ما تبقى من رهائن كوريا الجنوبية بيد أن امتناعها عن التحرك هو الذي كلف الكوريين اثنين من رهائنهم بالفعل. وتطالب طالبان بالافراج عن 8 من قادتها من السجن مقابل باقي الرهائن الكوريين وهو قرار يتوقف كلية على الولايات المتحدة بحسب كيم جين تاي الذي يرأس معهد كوريا لبحوث الارهاب.

وقال كيم «الولايات المتحدة تبدو في مأزق بين رفض أي إمكانية للحوار مع طالبان كما أنها لا تستطيع أن تغض الطرف وتظهر عدم مبالاة بجهود كوريا الجنوبية للإفراج عن رهائنها». وقال كيم بعد يوم واحد من قتل الرهينة الثانية بالرصاص على يد آسريه «طالما التزمت واشنطن الصمت إزاء هذا الطلب فإنني اخشي من أنها ستزيد فرص مقتل رهينة كوري جنوبي آخر».

وتجمع أكثر من 10 من البرلمانيين الكوريين الجنوبيين أمس أمام مقر السفارة الاميركية في سيول مطالبين الولايات المتحدة بتغيير موقفها من مسالة إنقاذ رهائن بلادهم. وأصدر البرلمانيون وهم من حزب العمل الديمقراطي المعارض وهو حزب صغير بيانا قالوا فيه إن «مصير رهائن كوريا الجنوبية يتوقف على قرار أميركي».

وأضاف البيان «طالما أن واشنطن متمسكة بموقفها المتمثل في رفض الحديث مع طالبان فانه لن تكون ثمة فرصة تقريبا لانقاذ الرهائن الابرياء من الموت. وتقول وسائل الاعلام الكورية الجنوبية إن تاكتيكات كوريا الجنوبية التفاوضية في الاستعانة بأعضاء سابقين من طالبان يعملون الان في الحكومة الافغانية كوسطاء قد باءت بالفشل.

وفي ردود الافعال دعا وزراء خارجية 16 دولة اسيوية امس للافراج غير المشروط عن رهائن كوريين تحتجزهم حركة طالبان في أفغانستان وقدمت التعازي في وفاة رهينتين أعدما بالفعل. وقال بيان أصدرته دول تجمع جنوب شرقي اسيا وهي اليابان وكوريا الجنوبية والصين والهند وأستراليا ونيوزيلندا عقب اجتماع في مانيلا «أعرب وزراء الخارجية عن تعاطفهم العميق مع أسر الضحايا وأعضاء حكومة كوريا الجنوبية».

وناشد شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي مختطفي الرهائن الكوريين الإفراج عنهم فورا وأكد أن اختطاف الأبرياء يتنافى مع مبادئ الإسلام خاصة أن «هؤلاء الأشخاص دخلوا إلى أفغانستان بعقد أمان لمساعدة الشعب الأفغاني ولم يدخلوا كغزاة أو محاربين أو شاركوا في حرب». وقال شيخ الأزهر خلال استقباله أمس السفير دال هو شانج سفير كوريا الجنوبية بالقاهرة إن خطف الأبرياء المدنيين واحتجازهم كرهائن من الجرائم الخطيرة ضد الإنسانية والتي تعاقب عليها الشريعة الإسلامية، متهما حركة طالبان بأنها تمارس أعمالا تسيء إلى الإسلام والى المسلمين جميعا.

من جانبه أكد السفير الكوري أنه طلب من شيخ الأزهر التدخل للإفراج عن الرهائن الكوريين لدى حركة طالبان منذ 19 يوليو (تموز) الماضي انطلاقا من حرص بلاده على العلاقات المتميزة مع الدول الإسلامية بخاصة مصر وثقتها في ما يمكن أن تلعبه المرجعيات الدينية وعلى رأسها الأزهر من دور في هذه القضية وحتى لا تترك أثرا سيئا في نفوس الكوريين.

وقالت تقارير إن مبعوث كوريا الجنوبية في إسلام آباد كيم جوو سيوك قال إن بلاده سترحب بتدخل باكستان من أجل إطلاق سراح آمن لمواطنيها الذين تحتجزهم حركة طالبان في أفغانستان. وقال في مقابلة مع صحيفة «نيشن» في الوقت الراهن نحن نبحث عن هؤلاء الذين يمكنهم مساعدتنا ولهم تأثير على طالبان من أجل إطلاق سراح المواطنين الكوريين حيث إننا لسنا في موقع يمكننا فيه من الاستجابة لمطالبهم التي تدعو إلى إطلاق سراح رفقائهم المحتجزين في قبضة الولايات المتحدة وأفغانستان».

واعربت منظمة المؤتمر الاسلامي في بيان عن «المها» لمقتل الرهينة الكوري الجنوبي الثاني على ايدي طالبان في افغانستان، ودعت الى الافراج عن باقي الرهائن الـ21. وقال البيان ان «الامانة العامة لمنظمة المؤتمر الاسلامي علمت ببالغ الحزن والاسف بمقتل الرهينة المدنية الثانية من كوريا الجنوبية».

وقالت الامانة العامة ان «اختطاف واحتجاز الرهائن من المدنيين الابرياء يخالفان مخالفة صارخة التعاليم والقيم الاسلامية السمحاء التي تدعو الى السلام والوسطية والتعايش السلمي».