صيف عراقي ساخن جداً.. بلا كهرباء ولا ماء ولا حتى سباحة في النهر

البلديات تقطع المياه بدعوى انقطاع التيار الكهربائي.. ووزارة الكهرباء تتعلل بـ«نقص الوقود»

عراقي يساعد زبونة في متجره في منطقة أبو دشير جنوب شرقي بغداد امس (أ..ب)
TT

مما يروى عن احد الولاة العثمانيين انه جاء بغداد حاكماً لها في مثل هذه الايام من الصيف، ففاجأه الطقس الحار فيها. وعندما سأل عن أسباب ارتفاع درجات الحرارة في البلد الى هذا المستوى غير المعقول (بالنسبة له) قالوا له: إنه موسم نضج التمر. فرد عليهم آمراً بقطع أشجار النخيل! وبعد مرور اكثر من قرن ونصف القرن على هذه الحادثة فإن البغداديين يتداولونها من باب الطرافة تعبيرا عن معاناتهم في أجواء الصيف الساخن في شهري يوليو (تموز) واغسطس (آب). بل يجد العراقيون انفسهم هذا الصيف امام وضع مختلف، فبدل «أمر الوالي» بقطع أشجار النخيل للتخلص من الحر (الذي ارتفعت درجاته عما كان عليه بسبب ارتفاع حرارة الارض والاحتباس الحراري الحاصل في العالم ـ كما تقول التقارير العلمية) فانهم يجدون وزارة الكهرباء تقطع التيار الكهربائي عن معظم مناطق العاصمة وبعض المحافظات و«تتعاون» معها وزارة البلديات بقطع المياه معظم ساعات النهار والليل عن المناطق ذاتها، الأمر الذي جعل الحياة لا تطاق.

ولعل من أطرف «التصريحات الرسمية» التي صدرت بهذا الشأن قبل مدة قول «مسؤول حكومي» ان سبب انقطاع المياه عن أحياء العاصمة بغداد ومحافظات اخرى هو انقطاع التيار الكهربائي. وحين سئل عن سبب انقطاع التيار الكهربائي لم ينسبه، في هذه المرة، الى «اعمال التخريب التي تقوم بها المجموعات المسلحة والخارجة على القانون»، بل الى «نقص الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية»، ملقياً تبعة ذلك على وزارة النفط.

وما بين «قطع النخيل» و«القطع الدائم للتيار الكهربائي» يعيش العراقيون قصصاً عديدة تحت درجات حرارة مرتفعة، وان أبت «الانواء الجوية العراقية» على القول بتجاوزها درجة 50 مئوية! مهما تجاوزت الارقام الحقيقية ذلك. فأبناء الاحياء الواقعة على ضفتي النهر كانوا اذا ما اشتد الحر عليهم يهبطون من منازلهم الى الشواطئ للسباحة او الاستراحة على ضفة النهر. اما اليوم فهم محرومون من ذلك ـ كما يقول ابو تمارا ـ والسبب، برأيه، هو الاحتلال والظروف الامنية المتردية «التي حرمتنا من أبسط مباهج الحياة». ويضيف: «لقد أصبحنا محاصرين في بيوتنا بلا كهرباء، ولا ماء يكفي لإطفاء وهج الحر في أجسادنا.. ودرجة الحرارة داخل بيوتنا تكاد تصل، في ساعات النهار، الى الاربعين».

ويعلق صادق محمود على كلام جاره، ابو تمارا، ساخراً: «يبدو أن في المسألة حكمة، وإلا ما هذا التزامن بين وجود المحتل وتردي الامن وارتفاع درجات الحرار وانقطاع التيار الكهربائي والماء؟». غير ان ام حسام لها حكاية اخرى، فهي تقول «منذ ايام وانا اسمع من الجيران بان احتباساً حرارياً تمر به بلدان عديدة من العالم» وتضيف مازحة «الا ان (الاحتباس العراقي) لا مثيل له، انه مختلف من جميع النواحي، سيما واننا ننعم بصيف امده اكثر من ستة اشهر تتخلله اسوأ خدمات مقدمة للمواطنين» الامر الذي يجعلها تعتقد بان (الاحتباس) «ليس غريباً على العراقيين». وعما تقوم به من اجل التقليل من وطأة الحر تزيد «احاول ان اهيئ الاجواء لعائلتي خصوصاً في ساعات الليل لاننا نحرم من نوم الظهيرة (القيلولة) فنعمد الى صعود اسطح منازلنا للنوم مستقبلين نسيم الصباح الساخن هروباً الى داخل جحيم البيت الذي هو في بعض الاحياء اقل من سخونة من احداث بغداد المؤلمة».