هاربون من العنف العراقي يواجهون هموم المعيشة في نيودلهي

أم لثلاثة أطفال: نحن آمنون هنا ولكن من دون نقود

رضيع يبكي وهو يعطى لقاحا ضد التيفوئيد في مستوصف ببغداد أمس (أ.ب)
TT

كانت حيدرة، 8 سنوات، تساعد أمها في شراء أجهزة البيت وتتحدث معها بالهندية التي التقطتها من المدرسة الواقعة في نيودلهي. وحيدرة هي واحدة من 160 لاجئا عراقيا وفلسطينيا انتهى المطاف بهم في الهند. وتعيش حيدرة مع أمها وشقيقيها بينما ما زال زوجها يقيم في العراق، وهي لم تتكلم معه منذ عام. وقالت الأم ان ابنتها اختطفت على يد ميليشيا عراقية عام 2005 ثم أطلق سراحها بعد دفع فدية قدرها 10 آلاف دولار واشترى زوجها لها ولأطفالهما الثلاثة بطاقات طائرة إلى الهند عبر أبوظبي.

وقالت الأم «نحن آمنون هنا لكن من دون نقود. وأنا لا أعرف اللغة المحلية وأطفالي صغار جدا كي يعملوا. أنا بعت مصوغاتي للإيفاء بالمتطلبات. والمساعدة التي نحصل عليها من المفوضية العليا للاجئين غير كافية».

أما خالد عبد الله الذي هو في أواخر العشرينات من عمره، فيأتي إلى جامعة جواهر لال نهرو لتبادل الحديث مع بعض الشباب العراقيين مرة كل أسبوعين. وهو يعمل مترجما في المفوضية العليا للاجئين. وقال: «نحن ما زلنا نجد أنفسنا غرباء في الهند، لذلك حينما نأتي إلى هنا نشعر أننا بين أهالينا».

وتحت إلحاح الحاجة القوية لمغادرة العراق، باع خالد أرضه واشترى بطاقات طائرة له ولأفراد أسرته إلى نيوزيلندا، حيث دفع لكل بطاقة مبلغ 4000 دولار لأفراد أسرته الخمسة. وكان من المفترض أن يبقى ساعات قليلة في نيودلهي، لكن وكيل السفر خدعه؛ إذ هرب مع جوازات الأسرة وتركه من دون أي خيار سوى جعل نيودلهي مكان إقامته الجديد.وحسب المفوضية العليا للاجئين، فان هناك فلسطينيين ايضا هربوا من العراق يسعون للحصول على اللجوء في الهند. ومن يعترف به كلاجئ يحصل على 2245 روبية شهريا للشخص الأساسي في الأسرة و750 روبية في حالة إذا كان فردا معولا. وبدأ اللاجئون يصلون إلى الهند ابتداء من عام 2005 بعد أن تعرضوا إلى تهديدات بالقتل. وقال ضياء، الفلسطيني الذي عاش في العراق منذ خمسينات القرن الماضي «نحن تركنا من دون أي خيار سوى المجيء إلى الهند. كان علينا أن ندفع 2000 دولار لوكلاء كي يجلبونا إلى هنا بجوازات سفر غير شرعية. أنا عشت كل حياتي في العراق وهو أمر مؤلم جدا أن اتركه في هذا السن. لاذ ابني وأحفادي بماليزيا. وأنا هنا مع ابنتي الأرملة وأطفالها». ولم يكن لأحفاده الثلاثة أية مدرسة يذهبون إليها في السنة الماضية. وقال موظف العلاقات الخارجية في المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة، نيانا بوس، إن الوكالة تعمل من أجل اللاجئين وتحاول توفير التعليم والخدمات الصحية لهم. وقال: «نحن سنبدأ قريبا بتعليمهم الهندية أو الانجليزية كي يتمكنوا من التواصل مع الناس هنا. نحن سنفتح لهم مركزا خاصا بمعالجة الصدمات التي مروا بها».

ويكمل الفلسطيني جميل دراسته الجامعية في الاقتصاد، وهو يعمل مترجما أيضا بدوام جزئي مع وكالة انباء إيرانية في دلهي، وأجبر على مغادرة العراق قبل عامين بعد أن هددته مجاميع شيعية مسلحة بالقتل. وحصل جميل على أوراق سفر مزورة ثم عبر إلى سورية، حيث دخل الأردن ومن هناك استقل طائرة إلى الهند بسبب رفض البلدين قبوله.

باسمة، 48 سنة، وهي فلسطينية هربت هي الاخرى من العراق بعد تهديدات، تدرس في مدرسة عراقية تقع جنوب نيودلهي. وصلت باسمة إلى نيودلهي مع ابنتها البالغة من العمر 14 سنة في مارس (آذار) الماضي. وقالت: «أنا جئت إلى هنا لأنني أخبرت بأن الهند مكان آمن. وعلى الرغم من غياب أي خوف من الميليشيا هنا، فإن نيودلهي غالية جدا. أنا أعاني من مشاكل صحية جادة، لكنني لا أمتلك النقود الكافية للعلاج. ومهما أحصل من مال أوفره لتعليم ابنتي».