اجتماع شرم الشيخ: أمن وسلام الخليج والشرق الأوسط ضرورة عالمية

رايس: علينا مواجهة التحديات لنضمن استقرار المنطقة * أبو الغيط مندهش من انتقاد إيران للمساعدات الأميركية لمصر والخليج

TT

بحثت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، ووزراء خارجية مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي الست والولايات المتحدة، أمس بمنتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر، مسألة الشرق الأوسط، والأزمة العراقية، والملف النووي الإيراني، والقضية اللبنانية، وجهود مكافحة الإرهاب، ومنع الانتشار النووي وأسلحة الدمار الشامل، حيث عرض الجانب العربي رؤيته للتعامل مع الملفات المشار إليها. وفي مؤتمر صحافي مشترك عقب الاجتماع المعروف إعلامياً باسم (6+2+1) أكدت رايس أن الظروف الراهنة هي «لحظات تحديات وهى أيضا لحظات فرص، وما لم تتعامل مع جميع التحديات والفرص المتاحة فإنك ستخفق وستضيع الفرصة ولن تضع المنطقة في وضع مستقر يسير إلى الأمام». واعتبرت رايس أن المساعدات العسكرية الأميركية لدول الخليج ومصر وإسرائيل «هي نتاج لمناقشات أميركية دارت مع دول المنطقة لمدة عقود من أجل التأكد من أمن الحلفاء والأصدقاء في المنطقة، ولا يوجد هناك شيء في كل هذا، ونحن بدأنا برنامج مساعدات لمدة عشر سنوات بعد أن انتهى البرنامج الأول»، فيما أوضح أبو الغيط «أن المساعدات العسكرية الأميركية لمصر تعود إلى أكثر من 25 عاماً، كما أن مساعدات واشنطن لدول الخليج ترجع إلى عقود طويلة»، مبديا اندهاشه من الانتقادات الإيرانية للمساعدات العسكرية الأميركية لتلك الدول (مصر ودول الخليج)، واعتبارها موجهة ضد إيران. وتحدثت رايس مع الوزراء العرب الثمانية حول الرؤية الأميركية لتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط من خلال المؤتمر الذي دعا له الرئيس جورج بوش، والرغبة الأميركية في دفع الأمور نحو تسوية فلسطينية ـ إسرائيلية تقود إلى بناء دولة فلسطينية فاعلة .

وأكد البيان الصادر عن اجتماع الأمس المعروف إعلاميا باسم «6+2+1» أن المجتمعين في محادثات شرم الشيخ «أكدوا التزامهم بالعمل من أجل إحلال السلام والأمن في المنطقة»، مشددين على «أن النزاعات بين الدول يجب تسويتها سلميا وبأسلوب يتفق مع القانون الدولي بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة». وأوضح البيان أن مشاوراتهم أمس بشرم الشيخ تأتي «كشركاء وأصدقاء لتنسيق الجهود من أجل التشجيع على إحلال السلام والأمن فى المنطقة». وأضاف البيان ان الوزراء التسعة «اتفقوا على أن السلام والأمن في منطقة الخليج يشكلان اهمية محورية للاقتصاد العالمي وعلى ضرورة الحفاظ على استقرار الخليج باعتباره هدفا وطنيا حيويا للجميع».

وفي المؤتمر الصحافي قال أحمد أبو الغيط «إن الاجتماع كان مهما ومفيداً حيث تم تبادل الآراء بوضوح وصراحة، ونستشعر أن هناك تفاهما كبيرا بين رايس وبقية المشاركين في الاجتماع»، فيما أعربت كوندوليزا رايس عن أملها في «أن تؤتي هذه الاجتماعات ثمارها تمهيدا للمؤتمر الدولي الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش في الخريف المقبل». وأضافت: إنه في الأسابيع المقبلة ستكون هناك مناقشات أخرى إضافية مفصلة، فالولايات المتحدة عازمة كل العزم على التأكيد لحلفائها وأصدقائها إنه يمكن الاعتماد عليها في تلبية احتياجاتهم الأمنية. هناك الكثير من المصالح المشتركة لنا. جميعنا نحارب التشدد، ونريد أن نحمى عملية السلام، وجميعنا يريد أن يزيد من عوائد وفائض السلام في المنطقة. وعما إذا كان هناك التزامات جديدة من قبل دول الخليج ومصر والسعودية تجاه العراق، أكد أبو الغيط أن الالتزام العربي والخليجي والمصري دائما يرمى لتوحيد العراق ومساعدته على أن يصل إلى الاستقرار الكامل.. وقال «هذا ما نحاول أن نفعله منذ أربع سنوات وهذا الذي سنستمر به، ومصر استضافت العديد من المؤتمرات في شرم الشيخ من أجل التوصل إلى تفهم دولي وإقليمي لكيفية إحضار العراق كدولة متحدة متكاملة ومستقرة»، ودعا إلى عدم تدخل أي دولة أجنبية في الشؤون العراقية.

من جانبها قالت كوندوليزا رايس: نحن نعرف ما هي الالتزامات الخاصة بالجيران. إن الجيران التزموا في مؤتمر شرم الشيخ السابق، وعليهم أن ينفذوا هذه الالتزامات.. هناك التزامات بالنسبة للإعفاء من الديون والتزامات بالنسبة للدعم الدولي. واستطردت قائلة: أنا أريد أن أذكر بأن مصر من أكبر الدول الناشطة دبلوماسيا في دعم العراق، وفقدت بشكل مأساوي سفيرها الذي قتل في العراق، فهذه جهود تجعلنا نفكر معا في ما يمكن أن نفعله، ولكن الالتزامات التي حددها مؤتمر شرم الشيخ ومؤتمر العهد الدولي واضحة.

وردا على سؤال بشأن ما إذا كان الهدف من المؤتمر الدولي الذي دعا إليه الرئيس الأميركي مجرد دعم للسلطة الفلسطينية، أم استئناف لعملية السلام، أعربت رايس عن اعتقادها بأن الرئيس بوش أوضح بشكل كبير أن السبب وراء انعقاد المؤتمر الدولي هو دفع الطرفين قدما من أجل حل الدولتين، «فلا يستطيع أي طرف أن يحل محل الأطراف في مناقشات تأسيس الدولتين، ولكن هناك مجالا للمساعدات الدولية من اجل دفع ودعم حل الدولتين». وأضافت: هناك جهود من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، والرئيس الفلسطيني محمود عباس. أنا سأذهب إلى إسرائيل والى المناطق الفلسطينية بعد يومين. أنا هنا الآن وسأذهب إلى السعودية، ونيتي أن أرى ما يمكن أن نفعله حتى نزيد من أحداث التقدم على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وعلينا أن نتأكد أن المؤتمر سيدفع قدما بهذه الجهود. هذا ما يدور في ذهن الرئيس بوش. من جانبه قال أبو الغيط: تحدثنا في اجتماع اليوم عن وجهة النظر العربية، وما نرغب في أن نراه في أعمال هذا الاجتماع وما يمكن أن يخلص إليه من نتائج. لقد أبلغنا رايس بنتائج زيارة وزيري خارجية الأردن ومصر لإسرائيل والانطباعات التي حصلنا عليها من الجانب الإسرائيلي وما نراه حاجة لقيام الولايات المتحدة بجهد كي ندفع في هذا الطريق. وأضاف: لقد أكدنا أننا يجب أن نرى اجتماعا بأجندة طويلة قادرة على التعامل مع المشكلة الفلسطينية وبما يقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية في القريب العاجل. وفي ما يتعلق بمرجعية مؤتمر السلام الذي دعا إليه الرئيس الأميركي وعلاقته بالمبادرة العربية للسلام، قالت وزيرة رايس «سنضع المبادرة العربية بالإضافة إلى خريطة الطريق وبيانات موثقة بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية في الاعتبار بقدر الإمكان لحل هذه القضية»، متوقعة أن يخرج المؤتمر بنتائج إيجابية، وذلك لأن واشنطن لن تعقد هذا المؤتمر لمجرد الاجتماع بالقادة. وشددت على ضرورة استغلال هذه الفرصة لدفع العملية السياسية إلى الأمام، ولكنها أشارت في الوقت نفسه إلى ضرورة العمل قبل عقد هذا المؤتمر لوضع القاعدة والأساس الملائم لإحداث تقدم.

وبشأن إمكانية تحقيق حل دولتين «فلسطينية وإسرائيلية» في ظل الانشقاق الداخلي الفلسطيني، أكد أبو الغيط ضرورة التحرك العاجل للتوصل إلى آفاق هذه الدولة، والاتفاق بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية على هذه التسوية، محذرا من أن التأخير في هذه الخطوة سيؤثر على الوضع العام فى معالجة القضايا الفلسطينية.

وأعرب أبو الغيط عن أمله في أن ينتهي هذا الانقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني، لافتا إلى أن هناك مطالب للحوار ولم الشمل في ظل الحاجة الشديدة لتأكيد عودة الشرعية إلى قطاع غزة.

وحول التقدم في العراق بعد عقد مؤتمر دول الجوار بشرم الشيخ، أكدت رايس أنه تمت مناقشة التقدم الذي تحقق حتى الآن على أرض الواقع وما تبقى من عمل لا بد من إنجازه للإسراع في مجال المصالحة الوطنية العراقية، مشددة على ضرورة أن يتم تركيز جهود زعماء العراق حتى يصلوا إلى المصالحة الوطنية الحقيقية.

وتمنت رايس أن يقوم الطرف العراقي باستغلال الجهود التي تقوم بها الولايات المتحدة ودول التحالف من أجل تطوير القدرات الأمنية العراقية.

وعن ترتيب أولويات الاجتماعات والقضية التي احتلت الصدارة، ذكرت رايس أن هذا النهج إقليمي بمعنى التعامل مع جميع قضايا المنطقة، فلم نناقش فقط عملية السلام والعراق ولكن ناقشنا الوضع في لبنان، وقالت «من المهم جدا أن تفهموا أن الولايات المتحدة تدرك أن هذه الأوقات هي أوقات تحديات وهي أيضا أوقات فرص، وما لم تتعامل مع جميع التحديات والفرص المتاحة فإنك ستخفق وستضيع الفرصة ولن تضع المنطقة في وضع مستقر يسير إلى الأمام، لذلك فإن الفكرة هنا ليست مناقشة قضية واحدة أو أخرى، إنما مناقشة جميع القضايا بشكل منهجي إقليمي». وتابعت «إن عملية السلام في الشرق الأوسط والدولة الفلسطينية هي شيء تحدث عنه الرئيس بوش في عام 2001 عندما قال إن سياسة الولايات المتحدة هي المساعدة في تأسيس دولة فلسطينية، وكان هذا قبل إسقاط نظام صدام حسين في العراق».