«العريس المحتال».. الوسيلة الأمثل للوصول إلى الثروة في نيجيريا

ضحاياه النساء الثريات والمدفوعات بحلم الارتباط بزوج ثري

النساء الفقيرات ممن يقعن في فخ العريس المحتال يكون مصيرهن التسول والانفاق على الزوج (أ.ب)
TT

انتشرت في ولاية كانو شمال نيجيريا ظاهرة الاحتيال على الأسر الثرية بغرض الزواج من بناتها على أمل أن يصبح العريس الجديد جزءا من الأسرة الثرية وان تفتح له هذه المصاهرة أبواب عالم المال. واحترف أوالو عيسى، 30 سنة، هذا النوع من الخداع بتقديم النصائح اللازمة لغش أسرة الثرية المراد مصاهرتها، ويتقاضى مقابل ذلك أموالا طائلة في بعض الأحيان. ويبدو آن عيسى بات واثقا من مقدرته ومهاراته في هذا الجانب إلى درجة أنه أصبح يعرض خدماته على الآخرين لمساعدتهم في استغفال بنات الأسر الثرية والزواج منهن، إذ يعتبر كثيرون أن هذا جواز مرور إلى عالم المال والفرص. عيسى نفسه تزوج من ست نساء طلبت أربع منهن الطلاق منه لأنه رجل «متشدد». ويفكر عيسى الآن في الزواج من امرأتين أخريين. أما وضعه المالي الآن، فقد أصبح أفضل بكثير من بداية مزاولته لهذا العمل، ويقول إن دخول الشخص في هذا العمل أشبه بالفوز بجائزة مالية ضخمة، إذ من المحتمل أن تساعدك الأسرة التي صاهرتها على بدء عمل تجاري خاص، على حد قوله. ثمة سلاح سري آخر لدى عيسى يقول إنه يساعد على اجتذاب العرائس. ويقول في هذا الجانب إن ملامحه اقرب إلى ملامح شخص غبي وسهل الانقياد. وأضاف قائلا إن المرأة تريد الزواج من شخص لا يكون مصدر أوامر ونواه وتعليمات ويوفر لها في نفس الوقت سبل الراحة. جدير بالذكر أن نسبة 61 في المائة من الأسر التي تقطن مقاطعة كانو، شمال نيجيريا، تعاني من الفقر، كما أن نسبة البطالة تبلغ 40 في المائة، فضلا عن ارتفاع معدلات الطلاق، وكثير من الأسر التي وقعت في فخ «العريس المحتال» شعرت بالصدمة بعد اكتشاف الحقيقة. ويستأجر هؤلاء عند الذهاب إلى مقابلة أسرة العروس الساعات الباهظة الثمن والملابس الراقية وحتى الأحذية والقبعات المستوردة، ويستأجر بعض الذين لا يثقون في مقدراتهم في الحديث أشخاصا ليتحدثوا بالنيابة عنهم عندما يذهبون لمقابلة أسرة العروس. يضاف إلى ما سبق أنهم يستلفون أيضا سيارات فارهة ويتظاهرون بأن لديهم وظائف مرموقة ودرجات جامعية ويملكون منازل. وتقول سيدة ساركي، التي تعمل في منظمة غير حكومية بمقاطعة كانو، إن المقاطعة تعاني من ارتفاع معدل البطالة، وأوضحت أن الشباب يرغبون في الزواج، إلا أن الآباء والأمهات عادة لا يزوجون بناتهم لأشخاص عاطلين عن العمل. إلا أن ضحايا هذه الظاهرة لسن فقط النساء اللائي يتحدرن من أسر ثرية، وإنما وقعت في هذا الفخ نساء فقيرات أيضا بدافع حلم الارتباط بزوج ثري، إلا إنهن غالبا ما يلجأن سريعا للتسول في الشوارع لإطعام أنفسهن وأزواجهن وفي بعض الحالات أطفالهن. ويقول عيسى إن نسبة 10 في المائة من دخله تأتي من مساعدة بعض الرجال في هذا النوع من الزيجات، بالإضافة إلى الكثير من الهدايا. وأشار إلى أن المساعدة الأكثر نجاحا في هذا الجانب قدمها لصديق له العام الماضي يدعى دانلادي، يعمل قصابا ويبيع اللحوم للزبائن الأثرياء في العاصمة ابوجا، والذي أبدى رغبته لدى عيسى في الزواج من بنت تدعى أوما تخرجت من كلية الطب وتتحدر من إحدى أسر كانو الثرية. قال عيسى: «قلت له إنها من خارج وسطك لكنه أصر».

وإضافة إلى الملابس الباهظة الثمن كان عيسى يطلب السيارات الشبابية الفارهة ويعتمد على صديق آخر يعمل في تجارة السيارات. وكان يرافق دانلادي دائما في زياراته لأوما وأسرتها لكنه دائما يغير سياراته من زيارة إلى أخرى.

وأقنع تجار السيارات الذين يتعامل معهم والذين يسافرون إلى الخارج أخذ جوازات سفر زائفة وشراء تذاكر باسم دانلادي. ثم كانوا يتركون التذاكر فوق لوحة أجهزة القياس في السيارة بحيث لا تستطيع أوما أن تقاوم التقاطها. وأنفق عيسى 15 دولارا لرشوة حارس أمن في المبنى الخاص بوزير سابق. ومقابل ذلك كان الحارس خنوعا تماما لدانلادي حينما قدم نفسه كمالك للبيت حين أخذ أوما وأسرتها في جولة داخل البيت. كذلك أظهر لها ستة صناديق خاصة بالمهر يحتوي كل منها على مجوهرات تبلغ قيمتها 10 آلاف دولار. ولم يكن في علم أسرة أوما أن هذه الصناديق تعود إلى شخص آخر.

لكن قبل تحقق العرس كان على العائلتين أن تلتقيا كي توافقا على الزواج. وبما أن والدي دانلادي هما من الفلاحين، فقد كان إحضارهما مستحيلا. وهذا ما جعله يرشو رجلا وامرأة من التجار بالذهب الذي اشتراه مع صديقه من دبي، كي يلعبا دور القريبين له. وبعد اللقاء الأسري تم تحديد موعد العرس.

لكن كيف يمكن دفع تكاليف عشاء العرس؟

قال عيسى «صديقي قدم لها محاضرة حول الدين. أخبرها أن المسلم الملتزم لا يقبل بالحفلات أو تناول الطعام في الخارج أو الاحتفال بالعرس».

وبعد أسبوعين على الزواج انكشفت الحقيقة من خلال أحد زبائن القصاب الذي كان صديقا لأسرة أوما. قال عيسى: «انفجرت الأم بالبكاء. ثم انصبت الحرارة على رأسي». جاءت إلي ولعنتني لتحطيم حياتها وحياة ابنتها.

ومع الخوف من الفضيحة قررت أوما البقاء مع زوجها القصاب شرط أن يقبل بعودتها إلى عملها كطبيبة وأن يبدل هو مهنته.

ومع انتشار حكاية عيسى اتصل شخص آخر به تمكن من الحصول على امرأة زوجة له بطريقة الاحتيال. ومقارنة بعيسى كان إبراهيم محمد، 36 سنة، داهية كبيرا، في الطريقة التي اتبعها كي يستدرج أمينة عبد الله التي كانت آنذاك في سن السادسة عشرة. وهي ابنة تاجر قماش ثري. وكان هناك خمسة رجال راغبين في الزواج من ابنته. وقال محمد: «كنت أخبرها أكاذيب كثيرة لأنك إن أخبرت المرأة بمشاكلك فإنها لن تقبل بك. وحينما جاءت لاحقا إلى البيت الصغير اتضح لها أنه يعود إلي من خلال بعض أقاربي. لذلك شاهدت أي نوع من الأكاذيب كنت أخبرها».

في البدء انجذبت أمينة عبد الله له للطفه ورقته. وقالت: «اخبرني أنه يمتلك شقة جيدة مع كل الأدوات الكهربائية التي أحتاج إليها. وأنا صعقت تماما حينما دخلت البيت مع كل أصدقائي ورائي. شعرت بالخجل الشديد وكل عالمي قد انهار تماما».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط» 1