توجه لتدويل فكرة برنامج سعودي نجح في تصحيح أفكار عناصر «القاعدة»

مصادر سعودية لـ«الشرق الأوسط»: البرنامج استطاع تغيير مسار مئات الموقوفين.. وهو في طريقه إلى التطوير

TT

يبدو أن هناك اتجاها نحو تدويل فكرة برنامج المناصحة السعودي، الذي استطاع تصحيح أفكار الكثير من أتباع ومناصري تنظيم «القاعدة»، حيث كلف مجلس الأمن الدولي، فريقا تابعا للجنة منبثقة منه، مهمة رصد وجمع المعلومات من الدول الأعضاء ومنها السعودية، عن البرامج المطبقة لديها ونتائجها. وتلقت الجهات المختصة السعودية، خلال الأيام الماضية، رسالة من ريتشارد باريت، منسق فريق الرصد التابع للجنة العقوبات المشكلة بموجب قرار مجلس الأمن 1267 عام 1999، أبدى رغبته خلالها في الحصول على معلومات وافية عن البرامج المعمول بها في الرياض، للوقاية من فكر «القاعدة» ومناصحة ورعاية المتأثرين بالفكر «القاعدي».

وقالت مصادر سعودية أمس «تلقينا هذه الرسالة بالفعل، حيث جاءت نتيجة رصدهم لنشاط لجنة المناصحة».

ويأتي هذا التحرك الدولي، في ظل الدعوات المنادية بضرورة وجود جهد دولي أكبر لمكافحة ظاهرة الإرهاب، وهو ما عبّر عنه مسؤولون سعوديون كبار في أوقات تلت الحرب التي شنها تنظيم «القاعدة» على السعودية منذ أحداث 12 مايو (أيار) 2003.

وتهدف الخطوة التي اتخذها المسؤول الدولي الرفيع، لاستفادة لجنته في جمع نماذج يمكن تبادلها على المستوى الدولي، بهدف مساعدة الدول في تطوير برامجها بالاستفادة من خبرة الآخرين.

وأشار منسق فريق الرصد التابع للجنة العقوبات المشكلة بموجب قرار من مجلس الأمن، إلى علمه ببرنامج وزارة الداخلية السعودية لمناصحة ورعاية الموقوفين، مبينا رغبته في الاطلاع على معلومات إضافية عنه. ونُقل عن المسؤول الدولي، اهتمام أعضاء مجلس الأمن، ببرامج المعالجة الفكرية الرامية إلى إحداث حركة تصحيحية في أفكار المتأثرين بفكر تنظيم «القاعدة»، مؤكدا على الأهمية المتزايدة لتلك البرامج، وعادّاً إياها من العناصر المهمة في جهود مكافحة الإرهاب.

وشهدت السعودية خلال السنوات القليلة الماضية، حركة نشطة، باستقبالها وفودا أوروبية وآسيوية وإسلامية، أتت إليها للتعرف عن كثب على تجربتها في التعاطي الفكري مع أنصار تنظيم «القاعدة» الذين تحتجزهم في سجونها.

ورفضت المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، تحديد أعداد الوفود التي زارت البلاد بهدف الإاطلاع على تجربة بلادها في مناصحة المطلوبين والمشتبه فيهم، غير أنها أكدت أنهم أتوا بعد اقتناعهم الكامل بنجاح السعودية في هذا المجال.

وكشفت المصادر ذاتها، عن أن برنامج المناصحة، مقبل على حركة تطويرية كبيرة خلال الفترة المقبلة. مضيفا إنه في طريقه إلى التوسع والتطوير، وهناك رؤى مستقبلية للعملية التطويرية.

ووفقا للمصادر، فإن برنامج المناصحة، ساهم في تصحيح فكر المئات من أنصار وأتباع تنظيم القاعدة المحتجزين في السجون السعودية.

وبلغ ما صرفته وزارة الداخلية السعودية، على برنامج المناصحة قرابة الـ10 ملايين ريال سعودي، فيما وصل مجموع ما صرف على الموقوفين أمنيا، وغيرهم ممن أطلق سراحهم، قرابة الـ76 مليون ريال سعودي. ويتكون برنامج المناصحة، من 4 لجان فرعية، هي: اللجنة العلمية، اللجنة النفسية الاجتماعية، اللجنة الأمنية، واللجنة الإعلامية، حيث بلغ عدد المختصين الشرعيين العاملين فيها 160 عضوا، فيما يبلغ عدد المختصين النفسيين والاجتماعيين فيها قرابة الـ40 عضوا، شكلوا دعامة قوية للبرنامج منذ اليوم الأول لانطلاقته. وتضطلع لجان المناصحة، بتصحيح أفكار وقناعات الموقوفين أمنيا، والتعرف على الأسباب التي دفعتهم إلى الاقتناع بما قاموا به في الماضي، والوقوف على أوضاعهم النفسية وشبهاتهم الفكرية. وساهم برنامج المناصحة، في تصحيح أفكار ما يزيد على غالبية الموقوفين أمنيا، فيما تم إطلاق سراح 700 موقوف بتوصيات من لجنة المناصحة، التي ينحصر دورها في التوصية بإخراج الموقوف بعد مناصحته، بعد قياس مدى سلامة فكره.