جورجيا تتهم روسيا بإطلاق صاروخ على أراضيها.. وموسكو تنفي

أزمة دبلوماسية جديدة.. وتبليسي تستدعي السفير الروسي احتجاجا

صورة التقطت من التلفزيون لجزء من الصاروخ الذي تقول جورجيا انه روسي الصنع سقط في أراضيها أول من أمس (أ.ب)
TT

في بوادر ازمة جديدة بين موسكو وتبليسي، اتهمت جورجيا روسيا أمس باطلاق صاروخ موجه على أراضيها سقط قرب قرية تسيتلوباني الواقعة على بعد 65 كيلومترا غرب العاصمة، لكن موسكو نفت ذلك تماما. وقال وزير داخلية جورجيا فانو ميرابيشفيلي ان طائرتين أقلعتا من روسيا وأطلقتا صاروخا على أراضي بلاده وان ذلك كان «عملا عدوانيا». واستدعت جورجيا السفير الروسي لوزارة الخارجية وسلمته مذكرة احتجاج على الحادث.

وروى ميرابيشفيلي لرويترز القصة قائلا «حدث ذلك الساعة 19:30 بالتوقيت المحلي.. حلقت طائرتان من طراز سوخوي 34 فوق المنطقة. أظهرت راداراتنا أن هاتين الطائرتين أقلعتا من روسيا ثم طارتا عادتا في نفس الاتجاه الذي جاءتا منه.. اعتبر هذا عملا عدوانيا شنته طائرتان أقلعتا من أراضي دولة أخرى».

وأوضح مسؤولون من جورجيا أن الصاروخ سقط دون أن ينفجر مساء أمس في حقل للذرة والبطاطس (البطاطا) وأشجار الفاكهة. وراى شهود حفرة عمقها خمسة أمتار أحدثها الصاروخ في الحقل على بعد نحو 35 مترا من منزل ريفي صغير. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية في جورجيا «استدعينا السفير الروسي لدى جورجيا لوزارة الخارجية لكي نسلمه مذكرة احتجاج. سندعو أيضا سفراء الدول الاجنبية في جورجيا للحضور الى وزارتنا ومناقشة الوضع». وقال شوتا اوتياشفيلي رئيس ادارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية لرويترز ان الطائرتين الروسيتين أسقطتا قنبلة تزن 700 كيلوجرام. وتابع « لحسن الحظ أنها لم تنفجر. لو كانت انفجرت لحدثت كارثة» مضيفا أنه لم يصب أحد في الحادث. ونفى الكرملين من جهته نفيا قاطعا ان يكون الطيران الروسي اطلق صاروخا على جورجيا. وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف لوكالة فرانس برس «ننفي نفيا قاطعا اي علاقة لنا بهذه الاحداث». واضاف ان «هذه التصريحات لا تتطابق مع الواقع. من المؤكد اننا نحن الروس لم نقم بذلك» .

وبث التلفزيون الجورجي مشاهد تظهر حطام الصاروخ. وكتب على احد الاجزاء «او تي كاي» باحرف روسية اي «وحدة التدقيق الفنية» فضلا عن رقم تسلسلي. وقال سلاح الجو الروسي ان «الطائرات لم تقم بأي مهمة تحليق الاثنين او الثلاثاء هذه المنطقة ولم تتمكن تاليا من اختراق المجال الجوي» الجورجي. وفي تسخينفالي عاصمة جمهورية اوسيتيا الجنوبية الانفصالية، اكد الرئيس ادوار كوكويتي عملية الاطلاق لكنه قال انها صادرة عن طائرة جورجية. وقال «الرئيس» الموالي لروسيا حسبما نقلت عنه وكالة «انترفاكس» الروسية «هذا استفزاز من الجانب الجورجي لتشويه سمعة روسيا». وتدهورت العلاقات بين جورجيا وروسيا منذ وصول الرئيس ميخائيل شاكاشفيلي الموالي للغرب الى السلطة في العام 2003. ويسعى هذا الاخير خصوصا الى استعادة السيطرة على اوسيتيا الجنوبية وابخازيا وهما منطقتان مواليتان لروسيا اعلنتا انفصالهما عن جورجيا. من جانبه أعلن السلاح الجوي الروسي ان طائراته لم تقم بأي طلعات فوق المنطقة وان تبيلسي لم تقدم اي دليل على صحة مزاعمها. ويتكهن محللون بأن الخلاف مع جورجيا قد يصب في مصلحة مجموعة في الكرملين تتنافس لتحسين وضعها قبل انتخابات الرئاسة عام 2008 عندما يتنحى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ولروسيا تاريخ طويل من العلاقات المتوترة مع جورجيا الجمهورية السوفيتية السابقة والحليفة الوثيقة للولايات المتحدة بعد «الثورة الوردية» التي أطاحت بالنظام القديم هناك عام 2003 وانتخاب الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي الموالي للغرب عام 2004 والذي أخرج بلاده من فلك النفوذ الروسي.

واتهمت تبليسي عدة مرات موسكو بانتهاك مجالها الجوي وبعمليات قصف. وفي اغسطس (آب) 2002 قتل شخص واصيب ثلاثة بجروح في عمليات قصف نسبتها جورجيا الى روسيا. ومنذ العام 2000 وفي خضم الحرب الشيشانية اتهم العسكريون الروس كذلك بعمليات تحليق جوي في ممرات بانكيسي وهي منطقة جبلية حدودية مع الشيشان كان يلجأ اليها الانفصاليون. وجمعت قطع من المعدن من حول الحفرة عليها كتابة ولكن لم يكن من الممكن قراءة الحروف المكتوبة. ونفى مساعد لقائد السلاح الجوي الروسي وجود أي صلة لروسيا بالامر. وقال الكولونيل الكسندر دروبيشفسكي لرويترز «سلاح الجو الروسي لم يرسل طائرات فوق جورجيا يوم الاثنين ولا يوم الثلاثاء. روسيا لم تنتهك حدود جورجيا ذات السيادة».

وتقع قرية تسيتلوباني على بعد كيلومترات قليلة الى الجنوب من منطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية في جورجيا التي تعد سببا للتوتر منذ فترة طويلة بين موسكو وتبليسي. وتقدم روسيا دعما معنويا وماليا للقيادات الانفصالية هناك.