الصومال: انفجارات تهز مقديشو متزامنة مع وصول موفد الأمم المتحدة

زعماء القبائل الصومالية يتبادلون المصاحف رمزا للتصالح.. والتطرف الديني يثير جدلا في مؤتمر المصالحة

TT

هزت الانفجارات العاصمة الصومالية مقديشو صباح امس، متزامنة مع وصول مبعوث الأمم المتحدة الي الصومال فرانسوا فاول، وعدد من سفراء الدول الأوروبية، والتقي الوفد مع كل من الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد، ورئيس الوزارء علي محمد جيدي، واللجنة المنظمة لمؤتمر المصالحة.

وجدد فاول دعم الأمم المتحدة لمؤتمر المصالحة الصومالية المنعقد في العاصمة منذ ثلاثة أسابيع. وتزامن الانفجار الذي استهدف رتلا من سيارات الشرطة الصومالية قرب مطار مقديشو مع وصول مبعوث الأمم المتحدة إلى الصومال برفقة اريك لوريش منسق العمليات الإغاثية للأمم المتحدة بالصومال، وسفراء كل من السويد والنرويج والدنمارك. وأدى هذا الانفجار الى مصرع شخصين وإصابة عدد آخر من بينهم 3 من عناصر الشرطة. ووقع انفجار آخر في منطقة كيلو 5 بجنوب العاصمة بفارق زمني قليل، لكن لم يكشف عن إصابات.

وقتل اول من امس 4 جنود إثيوبيين في هجوم شنه مسلحون صوماليون مجهولون، على ثكنة للقوات الإثيوبية في منطقة «اكس كونترول» بشمال شرقي مقديشو. وأفاد شهود عيان بأن المسلحين نصبوا كمينا لدورية عسكرية إثيوبية وقتلوا 4 جنود واستولوا على أسلحتهم، ثم لاذوا بالفرار، كما سقط عدد من الجرحى في صفوف القوات الإثيوبية. وتأتي هذه التطورات الأمنية في وقت تواصل القوات التابعة للحكومة الصومالية التي يدعمها الجيش الأثيوبي حملاتها الأمنية لليوم الثالث على التوالي في عدد من أحياء العاصمة مقديشو بحثا عن الأسلحة والمشتبهين فيما يبدو أنه رد على تصاعد الهجمات التي التي تشنها عناصر الجماعات المسلحة على الأهداف الحكومية.

وليس من المعروف بعد، فيما إذا كان اللغم الذي زرع على جانب الطريق كان لاستهداف موكب المبعوث الأممي والسفراء الغربيين، لكن الشارع الذي وقع فيه الانفجار يمر به القادمون من المطار، وسلك الموكب الذي كان بحراسة قوات حفظ السلام الإفريقية، طريقا آخر لحضور فعاليات مؤتمر المصالحة المنعقد في العاصمة منذ ثلاثة أسابيع. وأكد فاول أمام مؤتمر المصالحة استعداد الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتقديم كل المساعدات الضرورية لإنجاح المؤتمر الذي وصفه بأنه فرصة نادرة يجب اغتنامها لتحقيق الأمن والاستقرار فى البلاد، معتبرا أن حضوره يمثل رسالة مهمة بتأييد الأمم المتحدة لعقد المؤتمر. على صعيد آخر تبادل زعماء القبائل الصومالية المشاركون في مؤتمر المصالحة المصاحف تعبيراً عن التصالح والصفح العام الذي توصل اليه المؤتمر قبل أيام، وقد أحضر الى المؤتمر مئات المصاحف حيث تحمل كل قبيلة 114 مصحفاً الى القبيلة الأخرى، تعبيرا عن اعتذارها والمطالبة بالعفو عما ألحقته بالقبيلة الأخرى.

وقد أهدى زعماء قبيلة الـ«هويا» (قبيلة رئيس الوزراء) مائة وأربعة عشر مصحفا الى قبيلة الـ«دارود» (قبيلة الرئيس)، ثم قام زعماء القبيلتين بإهداء نفس العدد الى قبيلة الـ«دجيل ومرفلي» (قبيلة رئيس البرلمان)، ثم سارت القبائل الأخرى على هذا النهج الى أن وصلت الى آخر قبيلة، أو ما يسمى «الاسباهيسي» (تجمع القبائل الصغيرة التي كانت ضحية لظلم القبائل الكبيرة) وبعدها أعلن رئيس لجنة المصالحة على مهدي محمد (الرئيس الصومالي السابق) عن أن الصفح العام الذي أعلن قبل فترة دخل حيز التنفيذ، وأن الشعب الصومالي مقبل على مرحلة جديدة يسودها السلام».

وقد سادت أجواء عاطفية قاعة المؤتمر بعد أن قام المؤتمرون من مقاعدهم للحصول على نسخهم من المصاحف التي جاءت من ممثلي القبائل الأخرى، ليهدوها هم الآخرون أيضا الى ممثلي القبائل، مما اضطر اللجنة المنظمة للمؤتمر الى اختصار المناقشات التي تناولت امس مسألة التطرف الديني لمواصلتها لاحقا. وقد أثار بند التطرف الديني وهو التاسع من أجندة مؤتمر المصالحة، جدلا حاميا بين ممثلي القبائل الصومالية المشاركين في مؤتمر المصالحة، حيث احتدم النقاش حول تعريف التطرف وقضايا مثل الجهاد والجماعات الإسلامية وحول علاقة الدين بالسياسة، وهي أمور لم يتطرق اليها أي من المؤتمرات التي عقدت بشأن المشكلة الصومالية منذ اندلاعها عقب انهيار الحكم المركزي في البلاد عام 1991.

وطالب عدد كبير من المؤتمرين من اللجنة المنظمة لمؤتمر المصالحة بتعريف أولا ما سمته اللجنة بالتطرف الديني، ثم تتم مناقشته، كما أثيرت أسئلة حول سبب إدراج هذا البند في أجندة مؤتمر للمصالحة، وما اذا كان ذلك يعني سعيا حكوميا لإدانة الإسلاميين الذين يشكلون أبرز خصومها السياسيين في الوقت الحالي. وعلى الرغم من مقاطعة اتحاد المحاكم الإسلامية وجانب من زعماء قبيلة الهويا ذات الأغلبية السكانية في العاصمة، إضافة الى عشرات من تجمع البرلمان الحر (يضم عشرات من البرلمانيين المنشقين) فإن مؤتمر المصالحة دخل اسبوعه الرابع بمشاركة نحو 1600 عضو يمثلون القبائل الصومالية المختلفة.