كلينتون وأوباما فريسة انتقادات حادة من جمهور الديمقراطيين العمالي

هيلاري قريبة من جماعات الضغط وسياسة أوباما الخارجية متهورة

المرشحة الديمقراطية السناتورة هيلاري كلينتون تصافح الحضور في اللقاء الانتخابي (أ ف ب)
TT

تعرض المرشحان الديمقراطيان للانتخابات الرئاسية المقبلة، عضوا مجلس الشيوخ باراك أوباما وهيلاري كلينتون، لانتقادات حادة من منافسين ديمقراطيين آخرين خلال نقاش حاد جرى بينهم ليل اول من امس، إذ تعرض اوباما للتوبيخ لسياسته الخارجية التي اعتبرت غير مسؤولة. بينما اتهِّمت كلينتون بأن علاقتها حميمة جدا مع الشركات الأميركية ومع جماعات الضغط في واشنطن.

وتحول النقاش إلى مواجهة حادة ضمن الحملة الديمقراطية التي بدأت وكأنها تدخل مرحلة جديدة يكون فيها الصراع حاميا بعد مناسبة عيد العمال.

وبدا المرشحون على أهبة الاستعداد لمواجهة بعضهم البعض عبر لغة أكثر حدة مما شهدته جلسات النقاش السابقة. ودافع أوباما وكلينتون عن مواقفهما حيال الانتقادات. وقالت كلينتون إنها تعتبر نفسها المرشحة الأكثر قدرة على هزيمة الجمهوريين في انتخابات 2008 وإعادة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض.

وقالت: «لمدة 15 سنة وقفت ضد ماكينة الجناح اليميني وخرجت منها أقوى. لذلك فإذا أردتم مرشحا فائزا يعرف كيف يواجههم فأنا الشخص الأنسب». أما أوباما فقال، إن أولئك الذين يهاجمونه هم من أيد حرب العراق التي اعتبرها «أكبر كارثة في مجال السياسة الخارجية بالنسبة لجيلنا». وحضر ما يقرب من 17 ألف عامل نقابي مع أسرهم هذا اللقاء. وكانت كلينتون قد حققت تقدما كبيرا في استطلاعات الرأي وهذا ما جعلها هدفا لمنافسيها لكن اللقاء كشف أنها تأمل بالاستمرار أطول وقت ممكن عبر التركيز على هزيمة الجمهوريين. ومع نجاح أوباما في حملات التبرع وبين أعضاء الحزب، أصبح الغريم الأساسي لكلينتون، لكن منافسيه الآخرين الأكثر خبرة أصبحوا متحمسين الآن كي يقوضوا موقعه في استطلاعات الرأي من خلال مساءلة استعداده لمنصب الرئيس. الا ان أداءه اثبت عزيمة قوية بإسقاط انتقاداتهم. كذلك كان على المنصة السيناتور جون ادواردز والسيناتور جوزيف بيدن والسيناتور كريستوفر دود الذي تحدث عن تجربته وإخلاصه للنقابات، أما حاكم نيو مكسيكو بيل ريتشاردسون فقد وعد بإقصاء المحامين المناهضين للنقابات عن وزارة العمل، وشارك في المناقشات النائب دينيس كوتشيني. وخلال النقاش الذي استمر 90 دقيقة، حاول كل منهم أن يظهر مدى إخلاصه للنقابات. وقال ادورادز: «إنه امر جيد اعتلاء هذه المنصة وإلقاء خطاب. والسؤال الذي يطرح: من كان معكم في أوقات الشدة؟ خلال السنتين الأخيرتين شاركت في تنظيم 200 إضراب وساعدت على تنظيم آلاف العمال مع 23 نقابة وطنية».

وأصدر بيدن بعد دقائق بيانا اشار فيه الى انه وقف الى جانب العمال ودافع عنهم على مدى ما يزيد عن ثلاثة عقود في ظروف صعبة. وكثيرا ما خاطب كوسينيتش الجمهور النقابي وأثار الضحك في بعض الأحيان بتعليقاته الساخرة، لكنه طرق أيضا قضايا جدية وانتقد معارضيه لعدم الوقوف الى جانبه في التعهد بإنهاء «اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية» (نافتا) وانسحاب الولايات المتحدة من «منظمة التجارة العالمية». وقال، ان لا أحد يستطيع ان يأتي بإجابة مباشرة لعدم اتخاذ موقف رافض لاتفاقية «نافتا»، وأضاف في نفس السياق قائلا: «اذا اردتم التخلص من نافتا، فأنا مرشحكم».

أطول الحجج وأكثرها حدة جاء عندما تحدث مقدم البرامج في «ام اس ان بي سي» كيث أولبرمان حول توبيخ دود لأوباما الاسبوع الماضي. كان اوباما قد قال انه ربما يعلن خطوة عسكرية اميركية من جانب واحد في باكستان بغرض تعقب ارهابيي «القاعدة» في حال عدم تمكن الرئيس الباكستاني برويز مشرف من القضاء عليهم. وقال دود في سياق الحديث المشار اليه: «لعله من عدم المسؤولية ان يشير من يترشح للرئاسة الى نية اتخاذ خطوة من جانب واحد لغزو دولة نحاول ان نجعلها اكثر تعاونا معنا في أفغانستان وغيرها من الدول». رد اوباما قائلا: «لعله من المفارقة ان ينتقدني هؤلاء الذين ساهموا في اكبر كارثة في مجال السياسة الخارجية ردا على محاولتي التأكد من اننا نقاتل في ميدان المعركة المناسب والصحيح وليس في ميدان المعركة الخاطئ في الحرب ضد الارهاب».

وقالت هيلاري كلينتون من جانبها انه بغض النظر عن مدى قبول او رفض سياسة اوباما، يجب عليه ان يتجنب الحديث على نحو افتراضي كمرشح للرئاسة، وقالت: «اعتقد انه خطأ كبير ان تتم زعزعة استقرار نظام مشرف الذي يقاتل ضد الاسلاميين المتطرفين المتحالفين مع «القاعدة» و«طالبان». انتقد بيدن الجميع مشيرا الى ان ما يتحدثون عنه هو في واقع الأمر سياسة اميركية راسخة وأضاف قائلا ان الوقت قد حان كي يبدأ الجميع معرفة الحقائق. واعتبر ادواردز ان الحديث عن «نافتا» من صنع ناشطي مجموعات الضغط في واشنطن وليس من صنع النواب الذين يعملون من أجل الناخبين، وأضاف معلقا: «الشيء الذي يمكن ان تعتمدوا عليه هو انكم لن ترون صورتي على الصفحة الاولى من فورتشون ماغازين تقول اني مرشح كبير تراهن عليه الولايات المتحدة».

وجاء حديث ادواردز في إشارة الى عدد «فورتشون ماغازين» الشهر الماضي الذي ظهرت على غلافه صورة هيلاري كلينتون تحت عنوان «قطاع الأعمال يحب هيلاري».

وردت هيلاري كلينتون على هذه النقطة بالقول ان اسمها ورد كثيرا في الحملات الأخرى خلال الأيام القليلة السابقة. وأضافت انها تجلس في هذه المكان لأنها تعتقد ان ثمة حاجة لتغيير اميركا ولكن ليس من خلال المشاجرة مع الديمقراطيين، لأنها تريد ان يفوز الديمقراطيون، على حد قولها. وأضافت انها تريد حزبا ديمقراطيا موحدا يقف في مواجهة الجمهوريين. واختتمت بالتعليق قائلة «أنا ابنتكم»، الأمر الذي أثار عاصفة من التصفيق. وفي سياق الحديث حول قضية مجموعات الضغط قالت هيلاري كلينتون انها ظلت على مدى عدة سنوات تتخذ موقفا رافضا لمجموعات المصالح ابتداء من شركات التأمين والعقاقير الى المصارف، واختتمت تعليقها في هذا الشأن قائلة ان سجلها في هذا الجانب واضح ويتحدث عن نفسه. وكان مسؤولو النقابات يأملون في ان يركز الحديث بصورة كبيرة على القضايا العمالية، إلا ان تقديم أولبرمان للبرنامج لم يمكن من التركيز على قضية واحدة بصورة رئيسية. كان السؤال الأول حول انهيار جسر مينيسوتا الاسبوع الماضي والبنى التحتية، ثم جرى الحديث بعد ذلك حول التجارة و«نافتا». اكثر التعليقات انفعالا جاءت من العامل المتقاعد ستيف سكفارا الذي حدث المرشحين عن التقاعد الإجباري الذي فرض عليه بسبب الإعاقة، وفقد في وقت لاحق ثلث راتبه التقاعدي ولا يستطيع الآن تحمل نفقات التأمين الصحي لنفسه وزوجته، وقال معلقا: «ما الذي حدث لأميركا، وماذا انتم فاعلون لتغييرها؟».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»