بري يبدأ تحركاته بعد منتصف الشهر على أساس التزامن بين الحكومة والاستحقاق الرئاسي

الجميل زار بطريركية الأرمن وقباني نوِّه بنجاح الحكومة الانتخابي

TT

اشاع نجاح الحكومة اللبنانية في اجراء الانتخابات الفرعية في دائرتي بيروت الثانية والمتن الشمالي الاحد الماضي، مناخاً من التفاؤل في توافق الاطراف السياسية في التعاطي مع ملفي الوضع الحكومي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وفي هذا السياق، اصدر المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى، في ختام جلسة عقدها امس في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني وحضور رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، بيانا جاء فيه: «توقف المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى أمام العملية الانتخابية النيابية الفرعية التي جرت في بيروت والمتن. وأبدى ارتياحه لإنجازها في أجواء ديمقراطية وحضارية أكدت تمسك اللبنانيين بنظامهم الديمقراطي وحرصهم على القيام بالاستحقاقات الدستورية في مواعيدها. وأكد المجلس أن الدولة هي الحاضن الوحيد للبنانيين جميعا. وهي الملاذ الآمن لهم والحارس المؤتمن على السلم الأهلي والوحدة الوطنية».

وأعرب المجلس الشرعي عن « تقديره لنجاح دولة الرئيس فؤاد السنيورة والحكومة في تنظيم الانتخابات الفرعية بكل نزاهة واقتدار مؤكدة صدقيتها وحياديتها بين الأطراف السياسية المتنافسة». واعتبر المجلس «ان النجاح الذي حققته الحكومة برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة في إدارة العملية الانتخابية يدعو للتفاؤل بالنجاح في عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد الدستوري المحدد لذلك. وهي الانتخابات التي يعلق اللبنانيون عليها آمالا عريضة لنقل الوطن من حالة المعاناة من جراء تجاوز الدستور وتعطيل المؤسسات، إلى حالة من المعافاة الدستورية التي تمكنه من استعادة وحدته واستئناف دوره الرائد في المنطقة وفي العالم». وابدى «أسفه وألمه للغة المذهبية والطائفية التي ترددت على ألسنة بعض المسؤولين السياسيين وفي بعض الأجهزة الإعلامية. الأمر الذي أساء إلى صيغة العيش الوطني المشترك القائم على احترام الخصوصيات والاختلافات بين العائلات اللبنانية التي تشكل على تنوعها شعبا واحدا في وطن واحد».

بدوره، دعا نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان اللبنانيين الى «فتح صفحة جديدة عنوانها التضامن والعمل لما فيه مصلحة البلاد». وشدد لدى استقباله امس النائب الياس سكاف على ضرورة «ان يتواصل اللبنانيون مع بعضهم البعض لمواجهة الاخطار التي تتهدد لبنان».

على صعيد آخر، ترأس امس رئيس مجلس النواب نبيه بري اجتماعاً لكتلة «التحرير والتنمية» النيابية، عرضت خلاله التطورات الراهنة والوضع العام في البلاد. وفيما لم يصدر عن الاجتماع اي بيان، ذكرت مصادر نيابية ان الرئيس بري «لا يزال يسعى الى حل المشاكل المطروحة. وهو لن يتنازل عن هذا المسعى مهما كانت الظروف صعبة وغير مؤاتية».

ونفت المصادر ما تناقلته بعض الصحف حول بدء الرئيس بري اول من امس مشاورات مع بعض الكتل النيابية حول مبادرته. وقالت ان التحرك الفعلي للرئيس بري سينطلق بعد منتصف الشهر الجاري على اساس التزامن بين حكومة الوحدة الوطنية والاستحقاق الرئاسي.

واستقبل بري امس وفداً من تكتل «التغيير والاصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون. من جهته، زار امس الرئيس الاعلى لحزب «الكتائب اللبنانية» رئيس الجمهورية السابق امين الجميل، كاثوليكوس الارمن الارثوذكس آرام الاول كيشيشيان في مقر البطريركية. وبحثا في نتائج الانتخاب الفرعي في المتن الشمالي وما رافقه من تداعيات المواقف السياسية والاعلامية.

وعقب الزيارة قال الجميل: «كانت زيارة واجبة لقداسة الكاثوليكوس آرام الأول، وهو أخ كبير وعزيز جدا. وهذا الصرح يعني لنا كثيرا كحزب كتائب. ويعني لي شخصيا خصوصا بعد النداء الذي وجهه قداسة الكاثوليكوس آرام الأول بعد الانتخاب الفرعي في المتن وطلب الانفتاح وإعادة الوئام بين كل الفئات. نحن نتفهم هذا الكلام الذي يلتقي مع كلام غبطة البطريرك نصر الله بطرس صفير. والجميع يعمل بهذا الإتجاه. وأؤكد أن الطائفة الأرمنية هي طائفة عزيزة جدا على قلبي شخصياً، ونحن ترافقنا في السراء والضراء». وأضاف: «نأمل أن تكون كل السجالات سحابة صيف وننظر الى المستقبل. ونحن خضنا في السابق معارك كبيرة مع حزب الطاشناق وكانت كلها لمصلحة لبنان. والكلام الذي سمعناه من غبطة الكاثوليكوس ارام ومن غبطة البطريرك صفير والذي يدعو الى الوئام والوفاق نتقيد به. وسأقوم بكل ما في وسعي لنتجاوز سلبيات الماضي ولننظر الى المستقبل بتصميم وإيمان، فلبنان يواجه استحقاقات إقليمية ودولية خطيرة».

وقال الجميل رداً على سؤال: «نعلم ان هناك اشكالاً. والكلام الذي سمعته من قيادة حزب الطاشناق ليس في محله. لا اريد ان اعاتب احداً. وارى انهم خلطوا الحابل بالنابل (...) نحن لن نتوقف عند هذه السلبيات وسننظر الى المستقبل. وكان كلام الكاثوليكوس محباً ومنفتحاً. ونأخذه في الاعتبار وله دور مع غبطة البطريرك صفير لننظر الى المستقبل. وهذه الصفحة اصبحت وراءنا بسلبياتها وايجابياتها. وهذه المعركة كانت مهمة بالنسبة الى نضالي الشخصي والحزبي. وقد حققنا انتصارات كبيرة من الناحية السياسية. ونريد ان نثمر الانتصار السياسي الذي حققناه ونقدمه الى الوطن وكل اللبنانيين».

وسئل الجميل اذا كان يتخوف من نقل صلاحيات رئيس الجمهورية الى حكومة الوحدة الوطنية، فأجاب: «ما من شك ان هذه ليست حكومة وحدة. هذا مجلس رئاسي. يريدون ابدال الانتخابات الرئاسية بمجلس رئاسي. وهذا خطر كبير للمستقبل».

هذا، وعلق النائب عن حزب «الطاشناق» آغوب بقرادونيان على زيارة الجميل لبطريركية الارمن، فقال: «ليست المرة الاولى يزور فيها الجميل البطريرك ويجتمع بممثلي الطائفة الارمنية. هذه بادرة خير. ونأمل ان تحل المشكلة».

وكانت قيادة الطاشناق استقبلت، امس، وفداً من «حزب الله» ثم وفداً من حزب «التضامن» برئاسة المحامي اميل رحمة. وصرح عضو وفد «حزب الله» غالب ابو زينب: «جئنا للتأكيد على ان الطائفة الارمنية هي طائفة كريمة. والطاشناق جزء اساسي من المكون السياسي والوطن اللبناني ولا يختلف عن اي جزء من الاجزاء الاخرى في هذا الوطن العزيز». وشدد عضو كتلة «المستقبل» النائب عاطف مجدلاني، في حديث اذاعي بث امس، على «ضرورة العودة الى طاولة الحوار من اجل بحث كل المسائل العالقة واولها الاستحقاق الرئاسي» مؤكداً «ان البحث في حكومة انتقالية يمس بوحدة لبنان وبموقع الرئاسة». وحول ما ينقل عن الرئيس بري من ان المبادرة التي سيضطلع بها الاسبوع المقبل قد تقوم على اساس التزامن بين موضوعي الحكومة والرئاسة، قال مجدلاني: «نحن نطالب من الاساس بهذا الموضوع. فما معنى التزامن سوى الجلوس مع بعضنا البعض والتوافق على رئيس للجمهورية ومن ثم التوافق على الحكومة التي ستأتي من الرئيس الجديد؟ نحن مع هذا الطرح». وتساءل: «هل هذا الطرح جدي من قبل دولة الرئيس نبيه بري؟ وهل يمكنه عرض هذا الطرح على حلفائه وفرض هذا الامر على النظام السوري؟ لقد تبين ان العناد في مواقف المعارضة يأتي نتيجة ضغط المحور السوري ـ الايراني عليها. لذلك طالب الرئيس بري بهذا الامر».