محمد علي طلعت لـ«الشرق الاوسط» : توحيد شطري قبرص هدفي ورفع الحظر الجوي عن بلدي من أولوياتي

رئيس جمهورية قبرص التركية: قلوبنا مفتوحة للعرب ونتطلع لمزيد من التعاون مع دول الخليج

محمد طلعت مع مراسل «الشرق الاوسط»
TT

يرفع محمد علي طلعت الزعيم القبرصي التركي شعار اعادة توحيد الجزيرة المقسمة في جميع لقاءاته مع مواطنيه او مع المراسلين الغربيين، الذين يترددون على الشطر الشمالي بعد اعادة فتح المعابر او عبر مطار إرجان، الذي لا تهبط فيه سوى الطائرات التركية او القبرصية التركية، بعد توقف قصير في اسطنبول او انقرة. وقد فشلت آخر المحاولات لاعادة توحيد جزيرة قبرص، عندما صوت القبارصة اليونانيون في ابريل (نيسان) 2004 ضد خطة الامين العام للامم المتحدة كوفي انان في استفتاء، في حين ايدها القبارصة الاتراك في المقابل. ولا تعترف سوى انقرة بحكومة طلعت في شمال قبرص. ويحظى طلعت بشعبية جارفة في الشطر الشمالي، رغم وجود بعض المعارضين من النخب السياسية، الذين يتهمونه بانه ينفذ سياسة انقرة بالحرف الواحد. وقبرص مقسمة الى شطرين، تركي في الشمال ويوناني في الجنوب منذ 1974 تاريخ غزو الجيش التركي للشطر الشمالي منها، ردا على انقلاب قام به يونانيون قوميون متشددون بهدف ضم الجزيرة الى اليونان.

واغلب القبارصة الاتراك عندما يتحدثون عن العرب فهم لا يعرفون سوى السعودية مقر الحرمين الشريفين، أو الشركات السعودية التي شيدت اول طريق بري بين العاصمة نيقوسيا والمنتجع السياحي كيرينيا (غيرنه بالتركية شمال قبرص). ويمكن للقادمين الى قبرص التركية عبر مطار لارنكا في الشطر الجنوبي اليوناني ان يشعروا لاول مرة بمعاناة التقسيم بين ابناء الجزيرة، على لسان السائقين اليونانيين، وهم يتحدثون بحذر احيانا او بشفافية في احيان كثيرة كلما اقتربوا من المعبر الحدودي «ميتهان كاريميا»، وكثير منهم يرفض الدخول الى الشطر التركي لان ذلك سيذكرهم، على حد زعمهم، باراضيهم التي استولى عليها الاتراك. «الشرق الاوسط» توجهت الى القصر الجمهوري في قبرص التركية «جمهور بشكنغلي» بالقرب من الخط الاخضر وقصر لادرا وسط العاصمة نيقوسيا المقسمة، وحصلت على اول لقاء لصحيفة عربية مع محمد علي طلعت رئيس جمهورية قبرص التركية. وخلافا لسلفه الزعيم السابق رؤوف دنكطاش، الذي كان يفضل ضم «جمهورية شمال قبرص التركية» الى تركيا، يدافع طلعت بضراوة عن الاستقلال السياسي للقبارصة الاتراك، ويصعد لهجته في بعض الاحيان ضد تدخل انقرة في الشؤون الداخلية لكيانه غير المعترف به دوليا.

ويتهم مناصرو الزعيم القبرصي التركي دنكطاش، الشخصية البارزة على الساحة السياسية القبرصية التركية، طلعت «ببيع جمهورية شمال قبرص التركية» المعلنة من جانب واحد، الامر الذي ينفيه بشدة.

ويقول طلعت، انه صلى من اجل السلام بين القبارصة اليونان والقبارصة الاتراك في مسجد السليمية اكبر مساجد العاصمة نيقوسيا. وقال «ان القبارصة اليونانيين والقبارصة الاتراك يريدون حلا. انا متأكد تماما من هذا الامر، وواثق باننا سنصل الى حل». وقال ان «ايادي القبارصة الاتراك وقلوبهم مفتوحة للترحيب بالعرب وطلبتهم الموجودين في 6 جامعات خاصة في ضواحي نيقوسيا».

والحقيقة أن الأزمة القبرصية ليست وليدة اليوم، وإنما هي وليدة عقود طويلة. فالطرفان حتى هذه اللحظة لا يزالان بعيدين كل البُعد عن أي تسوية، خاصة في ما يتعلق بالمشاركة في السلطة ومشكلة اللاجئين والأرض. وتنشر تركيا نحو 40 الف جندي في شمال قبرص. وداخل مكتبه في الدور الارضي من القصر الجمهوري الذي يزدان بصورة كبيرة لمصطفى كمال اتاتورك مؤسس تركيا الحديثة وخريطة لقارات العالم الخمس، كان طلعت بك كما يلقبه القبارصة الاتراك، يتحدث بابتسامة واثقة عن فرص السلام والمستقبل، وعن الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2010. وطلعت بك لديه بنت اسمها عائشة نور تبلغ من العمر 27 عاما تحضر للماجستير في علم الاجتماع في المانيا، وابن اسمه اونجون يدرس القانون في قبرص. وجاء الحوار على النحو التالي:

* من وجهة نظركم بعد كم سنة يتحقق حلم توحيد شطري جزيرة قبرص؟

ـ هذا سؤال صعب للغاية، ولا أحد يعرف على وجه التحديد متى سيتحقق هذا الحلم، الذي يؤمن به جمهور القبارصة الاتراك، والكرة الان في ملعب المجتمع الدولي، لاسيما الاتحاد الاوروبي، ونحن طالبنا مرارا بالعمل من اجل رفع العقوبات المفروضة على جمهورية شمال قبرص التركية، التي اعلنت من جانب واحد عام 1983، ومعاملتنا بالمثل مع الجانب اليوناني، لان القبارصة الاتراك اظهروا رغبتهم في الاندماج في العالم في سلام واخوة وديمقراطية بتصويتهم بـ«نعم» في الاستفتاء الدولي.

والامم المتحدة مهمتمها ايضا تحريك المفاوضات لتسوية القضية القبرصية. ولا يمكن تحديد بعد كم سنة سيتم توحيد شطري الجزيرة، لان المسألة في يد الاتحاد الاوروبي، الذي يجب عليه دفع اليونانيين إلى مائدة التفاوض.

* ما تفسيركم لحجم المشاكل اليومية الحياتية الموجودة اليوم في قبرص التركية، التي تبدأ بانقطاع الكهرباء المنتظم عن الاحياء السكنية الى المطالبة المستمرة بترشيد استهلاك المياه؟

ـ بداية حلول المشاكل هو الاعتراف بوجودها، وهذا لا ننكره من انقطاع للكهرباء، وانا شخصيا وعائلتي حيث نقيم في منتجع كرينيا نعاني من انقطاع الكهرباء من حين لاخر، ولكن حيث أعيش في القصر الجمهوري توجد مولدات كهربائية تعمل عند انقطاع الكهرباء، والسبب في انقطاع الكهرباء ليس محطات توليد الطاقة ولكن قدم كابلات توزيع الكهرباء والضغط العالي عليها بسبب حجم تزايد استهلاك الكهرباء من الاف الوحدات السكنية الجديدة في نيقوسيا وكارينيا ولابتا ولافكا وفاموجستا، حيث يشهد الشطر الشمالي في عمومه طفرة غير مسبوقة في المجال العقاري، وهذا ينطبق ايضا على المياه.

* هل كانت الطفرة العقارية في قبرص التركية عائقا امام اجيال الشباب القبرصي في ايجاد مأوى لهم؟

ـتقدم الحكومة كثيرا من الوسائل لمساعدة الشباب الراغب في الزواج، منها القروض العقارية، ووسائل اخرى، وعموما ليست تلك مشكلة مستعصية؟

* ما نسبة البطالة في قبرص التركية اليوم؟

ـ الارقام الرسمية ربما تكون غير صحيحة «لان كل تركي قبرصي يعتبر نفسه لا يعمل في الحكومة او القطاع العام عاطل عن العمل، وعموما النسبة اقل من 10 في المائة.

* هل تتلقون دعما ماليا من تركيا او من دول عربية مقارنة بما يتلقاه الشطر الجنوبي من المجموعة الاوروبية؟

ـ الشطر الجنوبي اليوناني عضو فاعل في السوق الاوروبية ويتلقى كثيرا من الدعم من المجموعة الاوروبية، واحوالنا حمدا لله مستقرة ونتلقى دعما من تركيا، ولدينا مكاتب اقتصادية وسياحية في بعض الدول الخليجية، ونأمل في المزيد من التعاون مع الدول العربية والخليجية، ونتذكر السعودية بالخير فهي التي بنت المسجد الجامع «السليمية» في الطريق الى فاموجستا، وهو جامع جميل بطراز معماري مختلف، وكذلك شيدت الطريق الذي يربط قبرص التركية بالمنتجع السياحي كارينيا، ولدينا اتصالات مع البنك الاسلامي للتنمية من اجل اقامة مشاريع في الشطر الشمالي، واتصالات اخرى مع منظمة المؤتمر الاسلامي.

* ما أملكم في المستقبل؟

ـ توحيد شطري الجزيرة، ورفع الحظر الجوي عن بلادنا، فليس من المعقول ان كل سائح او قادم الى الشطر الشمالي عليه ان يذهب عبر المطارات التركية، او مطار لارنكا في الشطر الجنوبي بسبب غياب الاعتراف الدولي.

* بماذا تريد ان يتذكرك القبارصة الاتراك بعد انتهاء فترتك الرئاسية؟ ـ وضع اسس السلام مع الشطر الجنوبي، وايجاد حل للمشكلة القبرصية.