هيئة محلفين أميركية تبدأ التداول لإصدار حكم على باديلا

المحاكمة كشفت عن زيارة المتهم لمصر لتعلم القرآن.. وعمامته تثير الذعر داخل المحكمة

باديلا قبل مثوله امام المحكمة في جلسة سابقة («الشرق الأوسط»)
TT

انتهت مرافعات الإدعاء والمحامين في قضية خوزيه باديلا المعروف أيضا باسم عبد الله المهاجر، وبدأت هيئة محلفين فيدرالية في مدينة ميامي بولاية فلوريدا المداولات لإصدار حكم بإدانة باديلا أو تبرئته من تهمة الإرهاب‏، وهو الحكم الذي يمكن أن يحدد مسار قضايا أخرى مماثلة. وتنافس ممثلو الإدعاء مع محامي باديلا في إظهار المتهم في صور متناقضة، حيث عرض الإدعاء صورا قديمة لباديلا يرتدي العمامة لإثارة ذعر المحلفين المتوجسين خيفة من الرداء الإسلامي‏، في حين عرض محاموه صورا له بثياب عادية وهو يلاعب طفله.

وتوقع خبراء قانونيون أن يصدر المحلفون قرارهم خلال الأيام القليلة المقبلة‏‏، وسيتضح من القرار ما إذا كانوا قد تعاطفوا مع وجهة نظر الحكومة أم أنهم بصدد توجيه ضربة لسياسة احتجاز «المقاتلين الأعداء» حسب ما تطلق عليهم وزارة الدفاع الأميركية. واستبعد البروفسور ستيفن فلاديك استاذ القانون في الجامعة الأميركية بواشنطن أن يصدر حكم بتبرئة باديلا، لكنه قال إن حكم البراءة لو صدر سيكون نصرا للمدافعين عن القيم الأميركية.

وكانت المرافعات في قضية باديلا قد استمرت أكثر من ثلاثة أشهر انتهت بمرافعة ختامية من قبل محامي باديلا مايكل كاروز الذي رفض، الإقرار بصحة الأدلة المقدمة من قبل الادعاء بحق موكله، وأكد المحامي أن باديلا زار القاهرة لدراسة القرآن والتعمق في الدين الإسلامي ليصبح إماماً لأحد المساجد، ولم يكن يعتزم على الإطلاق الانضمام لتنظيمات مسلحة.

وأكد كاروز، في مرافعته الختامية، براءة موكله من تهم دعم مجموعات متشددة على صلة بالقاعدة، وقال إن الادعاء عمد إلى تكرار عرض صور باديلا بالعمامة الإسلامية «لإثارة الذعر لدى أعضاء الهيئة» على حد تعبيره. وعرض محامي الدفاع بالمقابل صوراً لباديلا يظهر فيها وهو يلاعب طفله مرتدياً ثياباً عادية، وأخرى له خلال فترة دراسته، وتوجه نحو المحلفين بالقول، «باديلا ذهب للدراسة في القاهرة وليس للقتال».

وحاول كاروز دحض أبرز أدلة الادعاء، والمتمثل في عرض وثيقة انتساب إلى أحد معسكرات القاعدة في أفغانستان تحمل بصمات باديلا، أحضرها عميل سري لوكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA، ظهر متنكراً خلال المحاكمة. وقال المحامي إن موقع بصمات موكله تظهر أنه كان يحمل وثيقة الانتساب بدون أن يدون عليها أي شيء، واستدل على صحة كلامه بالإشارة إلى أن وثائق الانتساب العديدة الموجودة بحوزة الادعاء لا تحمل اسم باديلا.

وكان الادعاء قد عرض أكثر من 70 مكالمة هاتفية مسجلة لباديلا، قال إنه كان يتحدث خلالها بالرموز إلى مجموعة من المتشددين، حول رحلاته المرتقبة إلى أفغانستان والسعودية، كما قدم أدلة بحق متهمين آخرين في القضية وهما أدهم حسون وكيفان جيوسي. يذكر أن السلطات الأميركية أوقفت باديلا في بادئ الأمر بدعوى تورطه في قضية الإعداد لهجوم إشعاعي في الولايات المتحدة، فيما عرف بعملية «القنبلة القذرة»، غير أن الادعاء لم يثر تلك القضية خلال الجلسات التي استمرت أكثر من ثلاثة أشهر. وتمت ملاحقة باديلا بتهم تتعلق بكونه «عضوا في خلية إرهابية في جنوب فلوريدا قدمت دعما ماديا لتنظيم القاعدة عبر إرسال أموال وتجهيزات ومجندين لمعسكرات تدريب إرهابية».

وصنف الرئيس جورج بوش باديلا على أنه «مقاتل عدوّ» عندما تمّ اعتقاله عام 2002، كما تمّ احتجازه في سفينة تابعة للبحرية لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة قبل مثوله أمام المحكمة. وشهد الأميركي يايا غوبا، الذي أدين بتهم على علاقة بالإرهاب، بأنه هو أيضا سبق أن ملأ وثيقة مطبوعة لدخول نفس معسكر باديلا قبله بعام.

وكان باديلا قد احتجز في 8 مايو(أيار) 2002 بدون تهمة أو محاكمة حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، بمعزل عن العالم الخارجي في نيفال بريغ في تشارليستون، بولاية ساوث كارولينا. وقدم خوزيه باديلا اعتراضاً قانونياً على احتجازه ضد سلطة الرئيس بوش، وقضت محكمة فيدرالية بأن احتجازه غير قانوني؛ بيد أن محكمة استئناف المقاطعة الرابعة للولايات المتحدة ردت الحكم. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2004، أفرج عن مواطن ثان من مواطني الولايات المتحدة كان محتجزاً كـ«مقاتل عدو» على أرض الولايات المتحدة، وهو ياسر الحمدي، بعد احتجازه بلا تهمة أو محاكمة لأكثر من ثلاث سنوات. وبصفته من حملة الجنسية المزدوجة للمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، أفرج عنه وأعيد إلى المملكة العربية السعودية تحت شروط من بينها تخليه عن الجنسية الأميركية. ولم يواجه أية تهم في المملكة العربية السعودية. وجاء الإفراج عنه إثر قرار للمحكمة العليا يخوِّله حق الخضوع للإجراءات القضائية المعتادة ولحق الاستدعاء من قبل محاكم الولايات المتحدة بموجب مذكرة جلب لمراجعة وضع اعتقاله.