واشنطن تعد قرارا يضم الحرس الثوري الإيراني لقائمة منظمات الإرهاب

القرار سيمنع أي تعاملات مع شركات الحرس ويضرب أنشطته التجارية

TT

قررت الولايات المتحدة تصنيف الحرس الثوري الإيراني، الذي يبلغ عدده 125 ألف شخص، ضمن قائمة المنظمات الدولية الإرهابية، حسبما قال لسان مسؤولين أميركيين، مشيرين الى أن هذه المبادرة هي من أجل استهداف العمليات المالية والتجارية الخاصة بهذه المؤسسة العسكرية.

وجاءت هذه المبادرة بسبب ما وصفه مسؤولون أميركيون بأنه تنامي تورط هذا الفيلق في العراق وأفغانستان، إضافة إلى دعم الإرهابيين عبر كل الشرق الأوسط. وجاء هذا القرار في أعقاب ضغط من الكونغرس على إدارة بوش لتشديد موقفها ضد طهران، إضافة إلى مشاعر أميركا بالضيق نتيجة عدم فعالية القرارات الدولية، التي اتخذت ضد برنامج إيران النووي، حسبما قال المسؤولون.

ويعكس هذا القرار تصاعد التوتر ما بين واشنطن وطهران حول قضايا تشمل العراق وطموحات إيران النووية. وظلت إيران ضمن قائمة وزارة الخارجية الأميركية، باعتبارها بلدا يرعى الإرهاب منذ عام 1984، لكن في مايو( ايار) الماضي، بدأ البلدان أول حوارهما بعد قطيعة استمرت 28 عاما، حينما التقى دبلوماسيون من البلدين في بغداد.

ويهدف القرار الجديد إلى تحجيم شبكة النشاطات التجارية الخاصة بالحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى فرض إجراءات مشددة على الشركات التي تجمعها بهذه المنظمة أنشطة تجارية.

وقال مسؤول أميركي على إطلاع بالخطة وتحدث شرط عدم الكشف عن هويته، لأن القرار لم يصدر بعد: «أي طرف يقوم باعمال مع هؤلاء الأشخاص، عليه أن يراجع نشاطاته معهم مباشرة. هذا القرار سيزيد من المخاطر على الأشخاص الذين حتى الآن يتجاهلون قائمة العقوبات الدولية ضد الإيرانيين. ويزيل هذا القرار أي اعذار للقيام بانشطة تجارية مع هؤلاء الناس».

ولأسابيع ظلت إدارة بوش تناقش ما إذا كان عليها استهداف فيلق الحرس الثوري بأكمله، أم تقتصر على جناح قوة القدس، الذي قال مسؤولون أميركيون إن لديه علاقة مع التدفق المتنامي للمتفجرات وقنابل حافات الطريق والصواريخ وأسلحة أخرى ظلت تتسرب إلى الميليشيات الشيعية في العراق وإلى طالبان في أفغانستان. كذلك تقدم قوة القدس دعمها للحلفاء الشيعة في حزب الله اللبناني، والحركات السنية، مثل حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين.

وعلى الرغم من أن مناقشات الإدارة الاميركية مستمرة فإن القرار الأولي هو استهداف فيلق الحرس الثوري بأكمله، حسبما قال مسؤولون أميركيون. ولم تقرر الإدارة بعد متى ستعلن عن إجرائها الجديد، لكن المسؤولين قالوا إنهم يفضلون الإعلان عنه قبل الاجتماع العام للامم المتحدة في الشهر المقبل، حيث تسعى الولايات المتحدة لزيادة الضغط الدولي ضد إيران.

ويعود تأسيس فيلق الحرس الثوري إلى عام 1979، حيث كان هدفه الأولي حماية النظام الديني، لكن هذه المنظمة لعبت دورا قياديا خلال الحرب الدموية بين إيران والعراق ما بين عامي 1980 و1988. كذلك عرف هذا الفيلق باسم الباسداران منذ أن اصبح قوة سياسية واقتصادية مؤثرة في إيران. وتدرج الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد عبر مراتب الحرس الثوري وأصبح يتمتع بتأييده. ولقادته أواصر تجمعه بأنشطة الاعمال الاقتصادية الأساسية في إيران.

وقال راي تاكيه من مجلس العلاقات الخارجية التابع للكونغرس، «انهم مشاركون بقوة في الكثير من الأنشطة، ابتداء من صناعة العقاقير إلى المواصلات وخطوط أنابيب النفط، بل حتى ميناء الخميني الجديد والكثير من أنشطة التهريب. والكثير من شركات الواجهة تشارك في شراء التكنولوجيا النووية.

ومع ما يمتلكه الحرس الثوري من قوات بحرية وبرية وجوية ووحدات للقوات الخاصة، يصبح منافسا لوحداته التقليدية. فبفضل وحداته البحرية تم اختطاف 15 بحارا بريطانيا في الربيع الماضي، مما خلق أزمة دولية. كذلك تقوم قواته الخاصة بتسليح حزب الله بالصواريخ التي استخدمت ضد إسرائيل خلال حرب عام 2006. ولعب الفيلق دورا أساسيا في صناعات إيران العسكرية بما فيها المساعي للحصول على صواريخ نووية أرض ـ أرض، حسبما قال انتوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

وتعتبر الصين العائق الأساسي أمام فرض ضغط دولي أكبر ضد طهران، إذ تعد الصين اليوم أكبر شريك تجاري لإيران. فبعد رفض الحكومة الإيرانية الانصياع إلى قرارين صدرا من مجلس الأمن الدولي بما يخص الملف النووي الإيراني أعاقت بكين اقتراحا اميركيا يهدف إلى إصدار قرار دولي ضد الحرس الثوري الإيراني، حسبما قال مسؤولون أميركيون.

وتأتي مواقف الصين لتعكس دورة كانت روسيا فيها الأكثر مقاومة بين أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين. وقال مسؤول أميركي على اطلاع بالمفاوضات: «كانت الصين تختبئ وراء روسيا، لكن الآن الروس يختبئون وراء الصين».

من جانب آخر قال بعض المحللين السياسيين إن بإمكان المبادرة الأميركية أن تلحق ضررا بالجهود الدبلوماسية، وأضاف جوزيف سيرينسيون الخبير في انتشار الأسلحة النووية: «إنها ستعقد جهودنا لحل المشكلة النووية. فهي ستربط ما بين برنامج إيران النووي مع دعم حلفائها مثل حزب الله وحماس. والطريق الوحيد الذي يمكنك أن تصل عبره إلى اتفاق نووي هو من خلال صفقة كبيرة، وحاليا الوصول إلى مثل هذه الاتفاق بعيد عن متناول اليد».

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»