إدارة بوش تتوقع أن يقترح بترايوس سحب القوات الأميركية من مناطق «آمنة» في العراق

مسؤولون رجحوا أن يعيد الجنرال نشر القوات المنسحبة بدل إعادتها إلى أميركا

جندي أميركي يمزح مع صبيين عراقيين في منطقة العامرية ببغداد (أ.ف.ب)
TT

في إطار عزم الجنرال ديفيد بترايوس على اظهار تقدم في العراق يتوقع مسؤولو ادارة الرئيس جورج بوش من اعلى جنرال اميركي في العراق أن يوصي بسحب القوات الأميركية عاجلا من عدد من المناطق حيث يعتقد القادة العسكريون ان الأمن قد تحسن فيها، ويحتمل ان تكون بينها محافظة الأنبار.

ووفقا للمسؤولين، فان من المتوقع ان يقترح بترايوس سحبا جزئيا في تقريره الى الكونغرس الشهر المقبل، حيث يعتزم كل من نقاد الحرب ومؤيديها اعادة تقييم المسار. ويأمل مسؤولو الادارة الذين يدعمون مستويات القوات الحالية ان تقنع توصيات بترايوس الكونغرس برفض الضغط من أجل انسحاب اميركي كبير. وستفوض التوصية المتوقعة القادة العسكريين الأميركيين بسحب قواتهم من مناطق باتت أقل عنفا وتسليم المسؤولية الأمنية الى القوات العراقية. ولن يدعو بترايوس بالضرورة الى تقليص العدد الكلي للقوات في البلاد. وبدلا من ذلك يمكن أن ينقلها الى منطقة ساخنة أخرى او يستخدمها لخلق قوات احتياط لمكافحة أي تصاعد في العنف.

وقال مسؤول رفيع في الادارة «ذلك هو شكل التوصية التي نتوقع منه المجيء بها». ولكن المسؤول اضاف، مشيرا الى خيارات اعادة الانتشار «لا أعرف أي نمط من هذه الخيارات سيدعو اليه». ولم بلغ بترايوس البيت الأبيض اين يمكن ان يوصي بالتقليص. ولكن قادة عسكريين أشاروا مؤخرا الى ان محافظة نينوى شمال العراق ، ومركزها الموصل، شأن الأنبار في الغرب، يمكن ان تكون منطقة تنسحب منها القوات الأميركية. ووجد القادة العسكريون ان الانسحاب قريبا وترك المناطق الهادئة للقوات العراقية غير المستعدة يمكن أن يؤدي الى تجدد النشاط المتطرف.

وقال ضابط رفيع في بغداد ان بترايوس يحتفظ بالتوصيات التي يعتزم تقديمها الشهر المقبل. ولكن الضابط قال ان بترايوس يريد ضمان أن لا تؤدي أية خطوات يتخذها الى انفلات العنف ثانية. وقال الضابط الذي تحدث مشترطا، شأن آخرين، عدم الاشارة الى اسمه، لكن التقرير ما يزال قيد الاعداد «انه لا يريد ان يخسر المكاسب التي حققناها».

ويقول بعض المسؤولين انهم يتوقعون ان يدفع بترايوس الأمور باتجاه الحفاظ على المستوى الحالي من القوات لفترة ستة أشهر اخرى على الأقل من أجل تعزيز التحسينات الأمنية في بغداد. ووصلت مستويات القوات الأميركية الى ما يقرب من 162 ألف فرد الشهر الحالي، بزيادة تبلغ حوالي 30 ألفا عما كان عليه الحال في بداية العام الحالي، عندما بدأت زيادة القوات.

وقال مسؤول دفاعي آخر، مشارك في التخطيط في العراق ولكنه متشكك بشأن زيادة القوات، ان اخراج القوات من الأنبار يمكن أن يعني شيئا بالنسبة للبيت الأبيض، لأن القيام بذلك يمكن أن يوفر للادارة امكانية اظهار ان تحسن الأمن يترجم الى تقليص للقوات. كما أن تقليص القوات في الأنبار يزيل الحاجة الى طلب مزيد من القوات لضمان أمن المناطق المحيطة ببغداد، حيث تركز الولايات المتحدة الكثير من جهدها العسكري. وقال المسؤول الدفاعي انه «اذا ما حقق المارينز الكثير من النجاح في الأنبار فربما نعيد نشر قواتنا الى منطقة ساخنة أخرى». ويشير مسؤولو الادارة الى تحسن الأواصر مع زعماء العرب السنة في الأنبار مما ساعد على تقليص العنف ولجم قوة المتمردين.

ولا تفضل كل القيادات العسكرية خفض عدد القوات في الاماكن الاكثر استقرارا. ففي مؤتمر صحافي في الشهر الماضي حذر الجنرال بالمارينز وولتر غاسكين، قائد القوات الاميركية في الانبار من خفض القوات هناك بسرعة. ووجهة نظر غاسكين هي ان القوات الاضافية سمحت للمارينز بالقضاء على الملاذ التي تستخدمها جماعة القاعدة في العراق.

وقال ان «وجودا مؤكدا» للقوات الاميركية سيساهم في منح قوات الامن العراقية المزيد من الخبرة والثقة والقدرة على منع المتطرفين من الدخول للمنطقة. واضاف «يحتاج الامر الى وقت لكسب الخبرات. وارى ان الخبرة تحدث يوميا، ولكني لا اراها تحدث فوريا. واعتقد ان الامر يحتاج لسنتين من اجل اكتسابهم تلك الخبرة ـ وهذا ليس برد سياسي، بل هو رد عسكري».

غير ان قادة الفرق والألوية في اجزاء اخرى من العراق قالوا انهم يتوقعون التوصية بمزيد من خفض القوات في الشهور القادمة. فقد ذكر الجنرال بالجيش بنجامين ميكسون قائد الفرق لشمال العراق، في الشهر الماضي، انه يتوقع خفض عدد القوات في منطقته، ولكنه اكد علي ضرورة اجراء الخفض بطريقة تدريجية. وقد نقل اللواء الرابع في فرقة الفرسان التابعة للجيش مجموعات من القوات من اعمال قتالية في الموصل وغيرها من المدن الى مهام اخرى مثل الاعمال الاستشارية مع الوحدات العراقية.

وقال الكولونيل ستيفن تويتي قائد اللواء في مقابلة قبل القصف الذي وقع امس الاول، ان القوات القتالية الاميركية في الموصل قد انخفضت من فرقة أي 20 الف عسكري الى كتيبة أي حوالي الف جندي. وقال الضابط الرفيع في بغداد ان القوات العسكرية لا تزال تناقش ما اذا كان على بترايوس ان يقدم توصيات استراتيجية تفصيلية الى الكونغرس في جلسة مفتوحة او مغلقة. وقال الضابط انه بالرغم من ان بترايوس سيناقش توصياته العامة بخصوص تعديل العمليات، فإنه سيتجنب مناقشات تفصيلية علنية عما اذا كان ينوي اعادة توزيع ألوية معينة.

وذكر الضابط الرفيع «الخطة المستقبلية وكيف نفكر في تحقيق التقدم، امور لا نريد اذاعتها على العالم».

وتجدر الاشارة الى ان المسؤولين في الادارة وفي القوات المسلحة يعترفون بأن تقرير سبتمبر لن يظهر أي تقدم محدد في المستويات السياسية التي يرغبها الكونغرس. وقد ادى كيفية التعامل في اطار الافتقار الى مصالحة وطنية بين الطوائف العراقية المتحاربة الى توتر في البيت الابيض. فبالرغم من بيانات بوش المتكررة، ان التقرير يعكس تقييم بيترايوس وريان كروكر السفير الاميركي في العراق، فإن المسؤولين في البيت الابيض هم الذين سيكتبون التقرير، بعد حصولهم على معلومات من مسؤولين من الحكومة. كما انه بالرغم من ان بترايوس وكروكر سيقدمان توصياتهم للكونغرس، فإن التشريعات التي اقرها الكونغرس تترك الامر للرئيس لتقرير كيف سيفسر معلومات التقرير. وذكر مسؤول رفيع في الادارة ان التقرير خلق «مواقف غير مريحة» بالنسبة للبيت الابيض بسب النقاش حول تعريف ما يمثل «تقدما مرضيا».

وخلال مناقشات البيت الابيض بخصوص تقرير شهر يوليو المؤقت، فإن بعض المسؤولين حثوا الادارة على الزعم بتحقيق التقدم في مجالات سياسية مثل التشريعات الخاصة بتوزيع حصص عائدات نفط العراق، بالرغم من عدم التوصل الى اتفاقية نهائية. بينما ذكر البعض الاخر ان مثل هذه التأكيدات زائفة.

وقال المسؤول في الادارة «هناك البعض خلال صياغة التقرير الذين قالوا: يمكننا الزعم بتحقيق التقدم. بينما كان هناك البعض الاخر الذين ذكروا: انتظروا لحظة يمكننا الزعم بتحقيق التقدم، ولكن ليس صادقا ان نتجاهل حقيقة عدم وجود تأثير على الارض». وقال المسؤول في وزارة الدفاع الذي يشك في زيادة القوات انه يتوقع من بيتراوس ان يؤكد على الانجازات العسكرية، بما في ذلك تحسين الامن في احياء بغداد وخفض خفيف في عدد الهجمات بالقنابل. ولكن المسؤول قال انه لا يعتقد ان مثل هذه التحسينات ستترجم الى تقدم اقتصادي او تحسينات في الحياة اليومية لمعظم العراقيين.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ «الشرق الاوسط»