بروز ظاهرة العصابات بين الشبان اللاجئين من جنوب السودان في مصر

أكبر عصابتين: «الخارجون عن القانون» و«الصبية الضائعون»

مارك, أحد أعضاء عصابة مراهقين غير قانونية وقد كتب على يده عبارة لوس انجليس (رويترز)
TT

القاهرة ـ رويترز: يرتدي مارك قبعة فريق نيويورك يانكيز، ويحب موسيقى الراب، وكتب كلمة لوس انجليس بحبر أسود على ذراعه، ولكنه لن يرى الولايات المتحدة أبدا على الأرجح.

يبلغ مارك من العمر 21 عاما، وهو واحد من بين حوالي مليون لاجئ سوداني في العاصمة المصرية القاهرة. ومع الفقر والبطالة وانتهاكات عنصرية، ليس لديه أمل سوى مغادرة مصر.

ويضيف من فوق سطح مبنى بأحد أحياء القاهرة الفقيرة، حيث يقيم مع لاجئين آخرين غالبيتهم من جنوب السودان «سأذهب إلى أي مكان ربما لاستراليا».

ومارك الذي احجم عن ذكر اسمه بالكامل عضو بعصابة «الخارجون عن القانون»، وهي من أكبر العصابات السودانية في القاهرة، وهي ظاهرة جديدة وعنيفة ظهرت في العامين الأخيرين بين اللاجئين السودانيين في العاصمة المصرية.

وقبل شهر شهد مارك مقتل صديق مقرب له في الشارع خارج مكان الاحتفال باليوم العالمي للاجئين على ايدي عصابة «الصبية الضائعون» المنافسة.

ويقول زعماء اللاجئين وخبراء، ان نحو خمسة سودانيين قتلوا في حوادث لها علاقة بالعصابات في العام الماضي، لكن لا توجد سجلات رسمية. وعلى مدار عقدين من الحرب بين الحكومة السودانية في الخرطوم ومتمردين مسيحيين ووثنيين في الجنوب قتل اكثر من مليونين وشرد اربعة ملايين.

وفر عدد كبير من اللاجئين لدول مجاورة مثل مصر، قبل ابرام اتفاق سلام في عام 2005.

وقبل ابرام اتفاق السلام، ساعد مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئيين التابع للأمم المتحدة في إعادة توطين سيل اللاجئين الوافد من جنوب السودان في اوروبا وامريكا الشمالية.

وتقول مروة عبد الفتاح المسؤولة بالمفوضية إن الاهتمام تحول الآن للترحيل التطوعي او الاندماج في المجتمع المصري.

وتضيف «انتهت الحرب، لذا لا يمكن ان نمنحهم وضع اللاجئين بعد الآن» نظرا لأن إعادة توطين سكان جنوب السودان لم يعد أولية للمفوضية مع عودة نحو 100 الف بالفعل لديارهم من دول الجوار ومن بينها مصر. وأدى تغيير السياسة لاحتجاجات جماعية في ديسمبر (كانون الاول) عام 2005 اسفرت عن مقتل 23 سودانيا، وبددت آمال عدد كبير من اللاجئين الذي يرفضون العودة لبلادهم لغياب الأمن ووجود ذخائر حيه والافتقار للبنية التحتية.

ويقول كريستوفر البينو المقاتل السابق في الجيش الشعبي لتحرير السودان في جنوب البلاد، وهو أب لاثنين «لا يمكنني العودة لبلادي. هل تقيم حكومة جنوب السودان مخيمات للاجئين.. لا.. لا يوجد شيء في الجنوب». ولكن البينو، 42 عاما، وغيره من اللاجئين طواهم النسيان في مصر بلا حقوق وبلا عمل. وأظهر البينو تأشيرة دخوله لمصر التي تحمل ختم لا يسمح له بالعمل، وتساءل قائلا ماذا يفترض ان نفعل؟. ويقول أكرم عبده الباحث في ظاهرة العصابات بقسم دراسات اللاجئين والهجرة القسرية في الجامعة الامريكية بالقاهرة، ان كثيرين ومن بينهم ابن البينو البالغ من العمر 17 عاما، تعاملوا مع هذه الأوضاع بالانضمام للعصابات.

ويقدر عدد أعضاء العصابات الآن بالمئات، ويشعر كثير من الشبان السودانيين المقيمين في الاحياء التي تسيطر عليها العصابات، انهم مضطرون للاختيار بين عصابة او اخرى. ويقول مارك «الوضع هو أنك بحاجة لأن تختار عصابة تنضم اليها، اذا لم تفعل قد يرونك في الشارع ويهاجمونك». ويقول البينو «لست عضوا في عصابة الخارجين عن القانون أنا أب. ولكن اذا علمت العصابة الاخرى أن ابني عضو في الخارجين عن القانون سيهاجمونني أنا ايضا». وقال عبده الباحث بالجامعة الامريكية ان اعضاء العصابات غالبا ما يكونون في مرحلة المراهقة او في اوائل العشرينات من عمرهم، ولا تستند العضوية للقبيلة أو الدين، بل على اساس الحي الذي تزعم العصابة انها تدافع عنه.

ويقول زعماء اللاجئين ان غالبا ما يكون السودانيون ضحايا هجمات وسرقات مسلحة، تتيح لأعضاء العصابة الانفاق على اسلوب حياتهم من حفلات وملابس غالية. ويقول اندريا، 24 عاما، وله اصدقاء من العصابتين يقيم كثيرون من افراد العصابات هنا منذ ست او سبع سنوات، وهم لا يدرسون ولا يعملون على الاطلاق. وقال القسيس سايمون الذي انضم عدد كبير من الشبان من حي السكاكيني الذي توجد به كنيسته للعصابات «اميل للاعتقاد بأن هؤلاء الاشخاص غير مثقفين». ويضيف «يشاهدون العصابات الامريكية على شاشات التلفزيون ويريدون تقليدها». ويقول ريتشارد الهوسن مدير مدرسة سانت اندروز للاجئين، ان عددا كبيرا من اعضاء العصابات تركوا اسرهم في السودان، وجاءوا لمصر، ويتوقعون نقلهم للولايات المتحدة او اوروبا. وأضاف، قال لهم الزعماء احضروا حقائبكم لأن الطائرات ستقلكم من هنا الى أميركا. وصرح بأن تبدد هذا الأمل وما نجم عنه من شعور بالاحباط، اثر على اللاجئين. وتابع «ثم اجتذبتهم العصابات لينضموا اليها، ويصبحوا جزءا من جماعة. هؤلاء صبية فقراء غرر بهم». واستطرد «الحل لا يكون بهجرة السودانيين الى دول غربية، بل يجب ان يكون بتحقيق السلام في الداخل».