ملك المغرب لشعبه: لا ترهنوا مصيركم ببيع أصواتكم وضمائركم

دعا إلى «التصدي للعابثين بالانتخابات والعاملين على إفسادها»

الملك محمد السادس اثناء القائه خطابا بمناسبة ثورة الملك والشعب وعيد الشباب (تصوير لين ماب)
TT

شكلت الانتخابات النيابية المزمع تنظيمها في السابع من سبتمبر (ايلول)المقبل، محور الخطاب الذي وجهه العاهل المغربي الملك محمد السادس الليلة قبل الماضية الى الشعب المغربي، بمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين لثورة الملك والشعب، التي توجت بعودة جده الملك الراحل محمد الخامس من المنفى واستقلال المغرب، وعيد الشباب، الذي يصادف الذكرى الرابعة والاربعين لميلاده. واعتبر العاهل المغربي، في الخطاب الذي بث عبر شاشة التلفزيون والاذاعة الوطنية، الانتخاب من مقومات المواطنة المسؤولة، مشيرا الى انه لإعطاء عملية الاقتراع شحنة قوية ودائمة يتعين دعمها بالمشاركة الديمقراطية، مشاركة لا تنحصر في يوم الاقتراع، بل تتطلب الانخراط الدائم في ورش التنمية والمواطنة.

وخاطب ملك المغرب شعبه قائلا «إنكم بالإدلاء بأصواتكم،لا تختارون من يمثلكم للسنوات الخمس المقبلة فقط، وإنما تحددون أيضا مستقبلكم ومستقبل أبنائكم وبلدكم. فعليكم ألا ترهنوا مصيركم ببيع أصواتكم وضمائركم لمن لا ضمير ولا أمانة له، ففي ذلك تنازل منبوذ عن حقكم الدستوري في الانتخاب الحر، وتفريط غير مقبول في شرف مواطنتكم وكرامتكم».

ودعا الملك محمد السادس جميع المغاربة الى التصدي بروح المواطنة وقوة القانون للعابثين بالانتخابات والمتاجرين بالأصوات، والعاملين على افسادها بالمال الحرام والغش والتدليس والتزوير» مشددا على القول انه لا مكان للممارسات المخالفة للقانون، في كل المجالات، مهما يكن مرتكبوها. واوضح ان «محاربة الرشوة والفساد واستغلال النفوذ وإقطاعيات الريع وتوزيع الغنائم، مسؤولية الجميع، سلطات وهيئات، مواطنين وجماعات، وذلك في نطاق دولة المؤسسات».

وجدد العاهل المغربي الدعوة للمواطنين المغاربة للانخراط في العمل السياسي النبيل، وقال ان غايته المثلى «هي توسيع المشاركة الشعبية في التنمية. فمن لا يمارس السياسة الفاضلة بالمواطنة الملتزمة، فإن السياسة الرذيلة تستغله بالأساليب التضليلية لأغراض مقيتة: انتهازية أو عدمية مرفوضة، متطرفة أو إرهابية محرمة»، مشددا على ضرورة مواصلة التصدي لكل أعداء الديمقراطية.

وقال الملك محمد السادس ان «سلاحنا في ذلك، الدولة القوية للحق والمؤسسات، والتنمية الشاملة، والأمن الحازم، وسلطة القضاء المستقل، الحريصين على الالتزام التام للجميع بسيادة القانون».

واضاف الملك محمد السادس مخاطبا شعبه: «وكما وعدتك في خطاب العرش (عيد الجلوس)، فإنني أتوجه إليك، في موضوع الانتخابات، لا للتأثير أو التدخل فيها، الذي حرمته على نفسي مثلما يمنعه القانون على الجميع، باعتبار نزاهة الانتخابات هي جوهر الديمقراطية وروحها».

واوضح «الالتزام التام بنزاهة الانتخابات وتخليقها، وبحرمة الاقتراع، يبدأ من خديمك الأول، الملك أمير المؤمنين، رمز وحدة الأمة، بكل مكوناتها، وحامي حمى الملة والدين، الحريص على مصالحك العليا، بجعلها تسمو فوق أي اعتبار، مستحضرين تطورنا السياسي، بمكاسبه الكبرى. وهكذا، أصبحت الانتخابات منتظمة، بيد أن الانشغال بها لا يعني التأثر السلبي بظرفيتها وانتظار تنصيب الحكومة القادمة، وهذا ما يقتضي أن تتحمل كل المؤسسات والفاعلين مسؤولياتهم في عمل مستمر. فالقضايا المصيرية، والأوراش والإصلاحات الهيكلية الكبرى، وضمان الأمن والاستقرار، لا تقبل التوقف والانتظار».

وقال العاهل المغربي «وهكذا، تمكنا جميعا بعون الله، من توفير إطار عصري وفعال، محفز على المشاركة المواطنة، من معالمه البارزة: مدونة انتخابية حديثة، تفسح مجال المشاركة المتكافئة لكل الأحزاب في الاقتراع، قانون جديد لتأهيل الأحزاب وتمويل شفاف لعملها، حياد إداري إيجابي وحازم، مراقبة قضائية مستقلة، حضور فاعل للمجتمع المدني ولوسائل الإعلام، في التوعية والمتابعة، فضلا عن التمثيل النسوي الذي نريده أكثر إنصافا للمرأة».

وهذا ما جعل الممارسة السياسية ـ يقول العاهل المغربي ـ تبلغ مرحلة متقدمة من النضج، حيث تتنافس على كسب ثقة الناخبين أغلبية تدافع عن حصيلة عملها ومشاريعها المستقبلية وتحاسب عليها، وفي مواجهتها، معارضة متعددة، تأخذ بعين الاعتبار المكاسب الوطنية وتقترح برامجها البديلة في إطار انتخابات تنافسية.

واشار الملك محمد السادس الى الحملة الانتخابية، وقال انها عرفت بدورها تجديداً ملحوظاً، في شكلها ومضمونها ومراحلها، فهي لم تعد مجرد فرصة موسمية عابرة لرفع شعارات حماسية ومطالب نضالية عامة، أو مطية للتضليل والتدليس، بل أصبحت مفتوحة ومتضمنة لبرامج متعددة يتم التعريف بها بوسائل اتصال حديثة ومضبوطة.