الخرطوم تقرر تسوية أوضاع أفراد الجالية السودانية في أميركا ومنحهم وثائق وجوازات سفر

تمديد المهلة الممنوحة للمفصولين لأسباب سياسية لتسوية أوضاعهم الوظيفية

المحامية رياك التي نقلت الى اميركا وهي طفلة («الشرق الاوسط»)
TT

تعتزم الحكومة السودانية تسوية وضعية الآلاف من مواطنيها الذين يقيمون في الولايات المتحدة، وانتقلوا الى اميركا لاسباب سياسية متباينة. وستسعى لجنة تصل الأسبوع المقبل إلى واشنطن لمنح وثائق المواطنة لأعداد كبيرة من السودانيين ليست لديهم وثائق ثبوتية كما ستمنح الراغبين منهم جوازات سفر.

وكان عدد كبير من السودانيين انتقلوا الى اميركا مستفيدين من حق اللجوء السياسي في فترات سابقة، في حين وصل آخرون خاصة من جنوب السودان الى الولايات المتحدة في إطار مبادرات خاصة تبنتها الادارة الاميركية بمنحهم حق الاقامة والحصول على «البطاقة الخضراء» التي تتيح لحاملها إمكانية الحصول على الجنسية الاميركية، على اعتبار انهم فروا من بلادهم بسبب الحرب الأهلية في الجنوب، والتي انتهت بتوقيع اتفاقية نيفاشا بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية في كينيا في صيف عام 2004.

وكان عدد كبير من الأطفال من جنوب السودان نقلوا الى اميركا في إطار برنامج توطين «أطفال السودان الضائعين»، ونشرت صحيفة «يو إس توداي» الشهر الماضي على غلافها قصة واحدة من هؤلاء الأطفال تدعى ادي رياك التي شرعت حالياً في العمل محامية، وقبل سنوات فرت الطفلة رياك من قريتها بعد معركة بين قوات الحكومة والحركة الشعبية، ولم تجد اسرتها وسارت نحو 1600 كيلومتر الى احدى المعسكرات وكان عمرها آنذاك ست سنوات، ثم نقلت في إطار برنامج توطين «الاطفال الضائعين» الى اميركا، حيث واصلت دراستها الى ان احرزت درجة جامعية وتعمل حالياً محامية في مدينة بوسطن.

ومنحت اللجنة، التي ستزور مختلف الولايات الاميركية وتبقى بضعة اشهر، تفويضاً كاملاً وبالتالي صلاحيات إصدار أية وثيقة، بما في ذلك جوازات سفر، دون العودة الى السلطات في الخرطوم.

وقال جون أكيج سفير السودان في واشنطن، وهو نفسه من قيادات الحركة الشعبية، إن الاتصالات مع الخرطوم حول هذا الموضوع بدأت في يناير (كانون الثاني)، الى ان تقرر إيفاد لجنة من مسؤولين في وزارة الداخلية وإدارة شؤون المغتربين. وقال أكيج لـ «الشرق الاوسط» إن اللجنة ستكون برئاسة عميد من شرطة الجوازات وتضم ضابطين آخرين اضافة الى ثلاثة موظفين من إدارة المغتربين. واوضح أكيج، الذي تبنى هذه المبادرة وأقنع بها حكومة الخرطوم، إن سفارته لا تملك احصائيات حول عدد السودانيين الذين لا يتوفرون على وثائق لكنه يعتقد انهم يقدرون بالآلاف.

وأشار اكيج الى ان اللجنة ستزور بعد واشنطن شمال الولايات المتحدة، ثم تنتقل بعد ذلك الى الولايات الاخرى، مؤكدا ان الوثائق المطلوبة وصلت بالفعل الى واشنطن، وفي حالة الحاجة إلى المزيد منها ستصل تباعاً. وقال إن هذه العملية ستؤدي كذلك إلى حصر الجنوبيين بصفة خاصة الذين سيشاركون في استفتاء مرتقب في عام 2011 سيقرر على ضوئه الجنوبيون البقاء ضمن السودان او قيام دولة في الجنوب، مشيراً إلى ان هذه الخطوة ستتيح للسودانيين المشاركة كذلك في جميع الاستحقاقات الاخرى بما في ذلك انتخابات تعددية مفترضة في العام المقبل. وقال إن الحكومة السودانية مهتمة جداً بهذه العملية ووفرت لها جميع الامكانيات لنجاحها.

ويعتقد على نطاق واسع أن ذلك الاستفتاء سيؤدي الى قيام دولة في جنوب السودان، استناداً إلى استفتاءات تقرير المصير التي اجريت في جميع انحاء العالم وقادت الى انبثاق دول جديدة، وهو ما حدث اخيراً في اوروبا الشرقية.

وفي موضوع ذي صلة، قال السفير أكيج ان الحكومة السودانية وافقت كذلك على تمديد المهلة التي حددت لجميع الذين فصلوا من عملهم أو فقدوا وظائفهم لتستمر من 25 اغسطس (آب) الحالي وحتى اول سبتمبر (أيلول) المقبل.

وكانت السلطات السودانية شكلت لجنة اطلق عليها اسم «اللجنة المكلفة النظر في تظلمات المحالين للصالح العام من الخدمة المدنية لاسباب سياسية» وطلبت من الذين فصلوا من أعمالهم في وقت سابق تحت شعار «الصالح العام» التقدم بطلبات من أجل الاختيار بين اعادتهم لوظائفهم السابقة، او «تحسين فوائد ما بعد الخدمة». ووضعت استمارات لهذا الغرض من أجل تقديم البيانات عن كل حالة.

وفصلت السلطات السودانية في السنوات الاولى التي تلت انقلاب 30 يونيو (حزيران) عام 1989 عدداً يقدر بالآلاف من وظائفهم تحت شعار «الصالح العام» وتولى رئاسة اللجنة التي اتخذت تلك القرارات مجذوب الخليفة الذي تقلد عدة مناصب وزارية وعمل قبل وفاته في حادث مروري في الشهر الماضي، مستشاراً للرئيس السوداني. ويوجد عدد كبير من الذين تنطبق عليهم هذه المواصفات في الولايات المتحدة التي منحتهم حق اللجوء السياسي.

ولم تتلق سفارة السودان في الولايات المتحدة في البداية، إشعاراً رسمياً بالبدء في إجراءات انصاف المفصولين أسوة بالسفارات السودانية الاخرى، وهو ما تطلب منح مهلة اضافة للسودانيين في اميركا لتسوية أوضاعهم الوظيفية. وقال مصدر في السفارة السودانية في واشنطن إن السفارة تلقت بالفعل طلبات من مفصولين لتسوية حقوقهم.