رئيس الوزراء الياباني في الهند لتشكيل ثقل اقتصادي مواز للصين

أزمة سياسية تشغل نيودلهي بسبب الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة

TT

زار رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي الهند أمس، ويصحب معه نحو 200 من رجال الاعمال، في رحلة تهدف لدعم التجارة مع اقتصاد الهند المزدهر، في زيارة لم تخل من التلميحات السياسية إذ يسعى البلدان لتشكيل ثقل مواز للصين.

ولم تستغل التجارة بين الدولتين اللتين تمثلان أكبر وثالث اكبر اقتصادين في اسيا امكانات البلدين بالكامل نتيجة تركيز اليابان على الصين وجنوب شرقي اسيا في السابق، غير أن مسؤولين في الحكومة الهندية يتوقعون ان تتضاعف لحوالي 14 مليار دولار بحلول عام 2012. ويسعى البلدان لتكوين ثقل مواز للصين التي تنامت قوتها الاقتصادية والدبلوماسية في اسيا من خلال توثيق علاقاتهما. وتسجل الهند معدل نمو 9 في المائة في العام وهي في حاجة ملحة لاستثمارات جديدة في البنية التحتية.

ويلقي ابي كلمة أمام جلسة مشتركة للبرلمان خلال الزيارة التي تدوم ثلاثة أيام، وهو أمر نادر ويعتبر مؤشراً على أهمية الزيارة. واليابان عاشر أكبر شريك تجاري للهند. وللمساعدة على دعم العلاقات يبحث الجانبان خطة لبناء ممر صناعي يتكلف 90 مليار دولار يضم أحدث ما توصل اليه العالم في مجال البنية التحتية ليربط بين دلهي ومومباي العاصمة المالية للهند.

وذكرت صحيفة «سانكي شيمبون» أن طوكيو ستقدم قروضاً منخفضة الفائدة بقيمة حوالي 400 مليار ين (3.5 مليار دولار) للمساعدة في تمويل بناء خط شحن فائق السرعة بين نيودلهي ومومباي في اطار ذلك المشروع.

وجاءت زيارة الوفد الياباني في وقت تواجه الحكومة الهندية ضغوطا سياسية شديدة بسبب اتفاقها النووي مع الولايات المتحدة. وقد ادى اتفاق التعاون النووي السلمي التاريخي بين البلدين، الذي اعلن عنه في يوليو (تموز) الماضي الى ازمة سياسية حادة نشبت في نيودلهي قبل ايام، وهي الاخطر من نوعها منذ 2004 بين حزب المؤتمر الحاكم وحلفائه الشيوعيين.

فمنذ نهاية الاسبوع المنصرم عمدت الاحزاب اليسارية الاربعة التي تدعم الائتلاف الحكومي الذي يتزعمه رئيس الوزراء مانموهان سينغ في البرلمان، الى التحذير من «عواقب وخيمة» اذا ما جرى تطبيق هذا الاتفاق الهندي ـ الاميركي.

ويهدد الشيوعيون بوضوح بسحب تأييدهم للحكومة التي شكلت في مايو (ايار) 2004 وبطرح الثقة بها. وتتحدث بعض محطات التلفزة عن امكانية ان تؤدي هذه الازمة الى اجراء انتخابات نيابية مبكرة قبل موعد الانتخابات المقرر في 2009. وتعتبر احزاب اليسار ان توقيع معاهدة بين نيودلهي وواشنطن يعني فقدان الهند سيادتها ولا سيما في ما خص حقها باجراء تجارب نووية جديدة مشابهة لتلك التي اجرتها في 1974 و1998.

وفي الواقع ابدت وزارة الخارجية الاميركية حزماً شديداً في منتصف مايو (ايار) حيث اعلنت ان هذا الاتفاق المسمى «123» يعتبر لاغيا في حال اجرت الهند تجربة ذرية جديدة. ورد رئيس الوزراء الهندي بالتأكيد على ان بلاده ملتزمة التزاما تاما تعليق اجراء التجارب النووية من طرف واحد، مشددا في الوقت عينه على ان التعاون مع واشنطن «لا يغير شيئا في حق الهند في اجراء تجارب نووية جديدة اذا ما كانت ضرورية». وفي محاولة لاقناع اليسار بجدوى هذا الاتفاق اكد سينغ ان اتفاق «123» يمثل «فرصة» للهند التي تشهد نموا اقتصاديا لافتا للحصول على الوقود النووي وتلبية احتياجاتها المتعاظمة من الطاقة.

وستتمكن الهند بموجب هذا الاتفاق، اذا ما صادق الكونغرس الاميركي عليه، من الاستفادة من الصادرات الاميركية من الوقود النووي والتكنولوجيا النووية السلمية والمفاعلات النووية المدنية، وذلك للمرة الاولى منذ ثلاثين عاما. وبالمقابل ستعمد الهند التي ترفض الانضمام الى معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية الى وضع مفاعلاتها المدنية تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

الا ان الشيوعيين يرفضون اجراء الحكومة مفاوضات بهذا الشأن مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من المقرر ان تبدأ منتصف سبتمبر (ايلول) وهي الزامية لتطبيق الاتفاق الهندي الاميركي. كما يفترض ان تحصل الهند على موافقة المجموعة الدولية للبلدان المصدرة للوقود النووي. وحذر عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الهندي سيتارام ييشوري اول من أمس الحكومة، قائلاً: «لقد قلنا للحكومة ان تجمد كل شيء بانتظار بحث اعتراضاتنا بشكل جيد». واضاف «هذا هو موقفنا وعلى حزب المؤتمر ان يتخذ قرارا».